بازگشت

القوة الغيبية


وُلِدَ الحسينُ، ونَما وعاشَ طفولته في مهبط الملائكة، حيث تخفق صعوداً ونزولاً علي جدّه رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم ترفده بالوحي، وأنباء


السماء، ومغيّبات الأرض.

وإذا حطّتْ طيور الوحي أو طارتْ، فإنّ زَغَبَ أجنحتها لابُدّ أنْ يتناثر في أروقة هذا المكان، وإنّ أهل البيت لابُدّ وأنْ يحتفظوا بهذا الزغب ليجدّدوا به ذكريات الرسول والنبوّة.

والرسـول نفسه قد خَصَّ الحسـن والحسيـن بتعويذين جُمع فيهمـا زغب جناح جبريل أمين الوحي، يحملانه معهما، ليكونا أظهر دليل علي ارتباطهما بالسماء.

[172] عن عبدالله بن عمر: كان علي الحسن والحسين تعويذان فيهما من زغب جناح جبرئيل [1] .

وإذا كان في التعويذ دعمٌ معنويّ، فإنّ لجبريل موقفاً آخر مع الحسين خاصّة، إذ كان يدعمُه مادّياً ويبثّ فيه القوّة والشجاعة، ففي الحديث:

[156] أنّ الحسنَ والحسينَ كانا يصطرعان فاطّلع عليّ علي النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم وهو يقول: ويهاً الحسنَ.

فقال عليّ: يا رسول الله، علي الحسين؟!

فقال: إنّ جبرئيل يقول: ويهاً الحسين [2] .

إنّه من أجمل المناظر أن يلعب الصغار ببراءة الطفولة، ولكن الأجمل من ذلك أن يكون بمشهد النبيّ الأعظم من جانب، وجبرئيل مَلَك السماء من جانب آخر. وإذا كان جبرئيل ينفثُ في الحسين روح القوّة والشدّة والتشجيع، فإنّ ذلك بلا ريب بأمر من السماء إذ أنّ الملائكة الكرام (يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).

ولجبرئيل شأن آخر مع الحسين، أعظم، عندما كان المنبئ عن قتله وشهادته، والمُراسِل الأوّل بأنباء السماء عن شهيد كربلاء، بل أتي النبيَّ من أرضها بتربة حمراء، إلي آخر الحديث الذي سنذكره في الفقرة (28).


وكان أمير المؤمنين عليه السلام يعرف ما تميّز به الحسين عليه السلام من القوّة الغيبيّة التي نفثها فيه جبرئيل، فكان يشّبهه بنفسه في الشجاعةوالإقدام ويقول:

[184] وأشبه أهلي بي: الحُسينُ [3] .

وكان إذا تحدّث عن الحرب يقول:

[185] وأمّا أنا وحُسين، فنحن منكم وأنتم منّا [4] .

وهو البطل المقدام الذي لا تنكر ضرباته، ولا تفلّ عزماته.

والإمام الحسن عليه السلام يُعلن عن شدّة الحسين وصلابته حين قال له:

[187] أي أخ، والله، لوددتُ أنّ لي بعض شدّة قلبك [5] .


پاورقي

[1] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور (7:125).

[2] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور (7:122).

[3] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور (7:128).

[4] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور (7:128).

[5] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور (7:128).