بازگشت

عون الضعفاء


وهذه صفة تأتي كالفرع الذي سبقها من سجية الكرم، فإن النفس إذا بلغت رفعتها المأمولة حنَّت علي الآخرين حنان السحابة علي الأرض والشمس علي الكواكب.

1- وُجد علي كاهله الشريف بعد وقعة الطف أثراً بليغاً كأنه من جرح عدة صوارم متقاربة، وحيث عرف الشاهدون أنه ليس من أثر جرح عاديّ، سألوا علي بن الحسين (عليه السلام) عن ذلك؟ فقال: (هذا مما كان ينقل الجراب علي ظهره إلي منازل الأرامل واليتامي والمساكين) [1] .

2- ويذكر بهذه المناسبة أيضاً أن مالاً وزّعه معاوية بين الزعماء والوجهاء، فلما فصلت الحمالون تذاكر الجالسون بحضرة معاوية أمر هؤلاء المرسل إليهم الأموال حتي انتهي الحديث إلي الحسين (عليه السلام).

فقال معاوية: وأما الحسين فيبدأ بأيتام مَن قُتل مع أبيه بصفيِّن، فإن بقي شيء نحر به الجزر وسقي به اللبن [2] .

ومعاوية كان من ألدِّ أعداء الحسين (عليه السلام) ولكنه يضطر الآن إلي أن يعترف بكرمه وسخائه، حيث لا يجد دون ذلك مهرباً.

وإلي هذا المدي البعيد يبلغ الحسين (عليه السلام) في الكرم، حتي لَيقف عدوّه الكذاب الذي لم يترك أحدا من الزعماء الأبرياء، إلاّ وكاد له بتهمةٍ، ووصمه بها وصمة.. حتي أن عليّاً سيد الصالحين، والحسن الزكي الأمين، فإن معاوية هذا يقف علي منبرٍ يشيد بهما وبسجاياهما المباركة.

3- وقال (عليه السلام) يرغب الناس في الجود:



إذا جادت الدنيا عليك فجُدْ بها

علي الناس طرّاً، قبل أن تتفلتِ



فما الجود يفنيه إذا هي أقبلت

وما البخل يبقيها إذا هي ولــتِ



وفعلاً كان الحسين (عليه السلام) العامل قبل أن يكون القائل، وسأتلو عليكم هذه القصة.

4- دخل (عليه السلام) علي أسامة بـن زيد وهو علي فراش المرض يقول: واغمَّاه، فقال: (وما غمَّك يا أخي؟) قال: دَيني وهو ستون ألف درهم. فقال: (هو عَلَيّ) قال: إني أخشي أن أموت قبل أن يُقضي، قال: (لن تموت حتي أقضيها عنك، فقضاها قبل موته) [3] .


پاورقي

[1] أعيان الشيعة: ج 4 ص 132 السيد محسن الأمين.

[2] أبو الشهداء: عباس محمود العقاد.

[3] أعيان الشيعة: ج 4 ص 126 السيد محسن الأمين.