بازگشت

اليوم التاسع


ونهض ابن سعد عشية الخميس لتسع خلون من المحرّم ونادي في عسكره بالزحف نحو الحسين، وكان عليه السلام جالساً أمام بيته محتبياً بسيفه وخفق برأسه فرأي رسول الله يقول: انك صائر الينا عن قريب وسمعت زينب أصوات الرجال وقالت لأخيها: قد اقترب العدوّ منا.

فقال لأخيه العباس: اركب «بنفسي أنت» [1] حتي تلقاهم واسألهم عما جاءهم وما الذي يريدون، فركب العباس في عشرين فارساً فيهم زهير وحبيب وسألهم عن ذلك قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم النزول علي حكمه أو ننازلكم الحرب.

فانصرف العباس عليه السلام يخبر الحسين بذلك ووقف أصحابه يعظون القوم، فقال لهم حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه وقد قتلوا ذرية نبيّه وعترته وأهل بيته وعبَّاد أهل هذا المصر المتهجدين بالاسحار الذاكرين الله كثيراً، فقال له عزرة بن قيس: إنك لتزكي نفسك ما استطعت.

فقال زهير: يا عزرة، إن الله قد زكّاها وهداها فاتق الله يا عزرة فاني لك من الناصحين، أُنشدك الله يا عزرة أن لا تكون ممّن يعين أهل الضلالة علي قتل النفوس الزكيّة.

ثم قال عزرة: يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت علي غير رأيهم، قال زهير: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم أما والله ما كتبت اليه كتاباً قط ولا ارسلت اليه رسولا ولا وعدته نصرتي ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلمّا رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه وعرفت ما يقدم عليه عدوّه فرأيت أن أنصره وأن أكون من حزبه واجعل نفسي دون نفسه لما ضيعتم من حقّ رسوله.

وأعلم العبّاس أخاه أبا عبدالله بما عليه القوم فقال عليه السلام: ارجع اليهم واستمهلهم هذه العشيّة الي غد لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أني أُحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار.

فرجع العباس واستمهلهم العشيّة فتوقّف ابن سعد وسأل من الناس فقال عمرو بن الحجاج: سبحان الله لو كانوا من الديلم وسألوك هذا لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليه، وقال قيس بن الأشعث: أجبهم الي ما سألوك فلعمري ليستقبلك بالقتال غدوة فقال ابن سعد: والله لو أعلم انه يفعل ما اخرتهم العشية، ثم بعث الي الحسين (عليه السلام) : إنّا أجّلناك الي غد فان استسلمتم سرحنا بكم الي الأمير ابن زياد وإن أبيتم فلسنا تاركيكم [2] .



ضلَّت امية ماتر

يد غداة مقترع النصول



رامت تسوق المصعب

الهدار مستاق الذليل



ويروح طوع يمينها

قود الجنيب ابو الشبول



رامت لعمرو ابن النبي

الطهر ممتنع الحصول



وتيممت قصد المحال

فما رعت غير المحول



ورنت علي السغب السرا

ب بأعين في المجد حول



وغوي بها جهل بها

والبغي من خلق الجهول [3] .




پاورقي

[1] الطبري: 6/137، وروضة الواعظيم: ص157، والارشاد للمفيد، والبداية لابن کثير: 8/176.

[2] الطبري: 6/337.

[3] للکعبي رحمه الله.