بازگشت

مفهوم البيعة


البيعة عند اهل اللغة : هي الصفة علي إيجاب البيع ، وعلي المبايعة و الطاعة ، والبيعة والمبايعة الطاعة نفسها، ولما تقول تبايعوا علي الامركقولك : اصفقوا عليه ، و قولهم بايعه عليه مبايعة اي عاهده .

والمبايعة : بمعني المعاقدة والمعاهدة ، كان ّ كلاّ منهما باع ما عنده من صاحبه ، واعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة امره .

والاصل في ذلك انّها كانت من عادة العرب إذا تبايع اثنان صفق احدهما بيده علي يد صاحبه .

وعرّف ابن خلدون البيعة في كتابه المعروف ـ مقدمة ابن خلدون ـ حيث قال : (اعلم ان البيعة هي العهد علي الطاعة ؛ كان المبايع يعاهد اميره علي انّه يسلم له النظر في امر نفسه ، واُمور المسلمين ، لا ينازعه في شي ء من ذلك ، ويطيعه فيما يكلّفه به من الامر علي المنشي و المكره ،وكانوا إذا بايعوا الامير وعقدوا عهده جعلوا ايديهم في يده تاكيداً للعهد باشبه ذلك فعل البايع والمشتري ، فسمي بيعة مصدر باع ؛ فصارت البيعة مصافحة بالايدي ، هذا مدلولها في عرف اللغة و معهود الشرع ).

وكانت بيعة العقبة الاُولي اوّل بيعة في الإسلام عندما بايع مجموعة من اهل مدينة الرسول الكريم (ص)، علي ان لا يشركوا بالله شيئاً، ولايسرقوا، ولا يزنوا، و لا يقتلوا اولادهم ، ولا ياتوا ببهتان يفترونه من بين ايديهم و ارجلهم ، ولا يعصوه في معروف فإن وفوا فلهم الجنّة ، و إن غشوا من لك شيئاً فامرهم إلي الله عزّ وجل إن شاء عذب ، و إن شاء غفر).

(ولم تشمل هذه البيعة مبادي الحرب ؛ لذلك فإن ّ مضمونها قريب من مضمون بيعة النساء).

وامّا بيعة العقبة الثانية فقد دعا الرسول (ص) الاوس والخزرج إلي مبايعته علي ان يحموه ويذودوا عنه كما يذودون عن اهليهم و انفسهم ،لذلك فقد شكّلت هذه خطراً علي كفّار مكّة ، والاخص منهم قبيلة قريش (ورجالها الذين اسرعوا عن بكرة ابيهم و قد حملوا السلاح لمحاربة رسول الله (ص) وجماعته وردّهم عن هذه البيعة ، وقد تصدّي حمزة (ع) و معه الإمام علي (ع) فمنعوا كفّار مكّة من الدخول إلي مكان الاجتماع ).

وكان لهذه البيعة تاثير كبيرا في حماية الرسول الاعظم (ص) و اصحابه الاوائل ، و انتشار الدعوة الإسلامية في المدينة ؛ فعندما هاجر (ص) من مكّة إلي المدينة بعد ما لحقه من اذي قريش واهل مكّة ، وقفت قبائل الاوس و الخزرج له عوناً و ناصراً حتي انها اشتركت معه في محاربة كفار مكة و مشركيها.

واعلن الرسول الكريم (ص) لمّا فتح مكة البيعة علي كل ّ من دخل الإسلام ؛ فكان اهلها يبايعون الرسول الكريم (ص) عندما اتم ّ الله نعمته علي المسلمين ، و اكمل لهم دينهم بولاية امير المؤمنين علي (ع)، والائمة المعصومين من بعده ، لمّا ابلغ الامين جبرائيل رسول الله (ص) بذلك .

و تنفيذاً للامر جمع رسول الله (ص) الناس في غدير خم و وضعت الرحال بعضها فوق بعض ، ليصعد عليها ودعا علياً(ع) ليقف عند عينيه ، ثم خطب بالناس فحمد الله و اثني عليه ، ووعظ ، فابلغ في الموعظة ثم امرالمسلمين بالتمسّك بعترته الطاهرة حيث قال :

«وإني مخلّف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا ابداً، كتاب الله و عترتي اهل بيتي ، وانّهما لن يفترقا حتّي يردا علي ّ الحوض » ثم نادي باعلي صوته : «الست اولي بكم منكم بانفسكم ؟، فقالوا: اللهم ّ بلي ، فقال لهم علي النسق وقد اخذبضبعي امير المؤمنين (ع) فرفعهما حتّي بان بياض ابطيهما: «فمن كنت مولاه فهذا علي ّ مولاه ، اللهم ّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ».

ثم امر (ص) المسلمين ، ان يهنّئوا الإمام عليّاً(ع) بالمقام ، ويسلّموا عليه بإمرة المسلمين ، ففعل ذلك كلّهم ، ثم امر ازواجه وجمع نساء المؤمنين معه ان يدخلن ّ عليه و يسلمن ّ عليه بإمرة المؤمنين ففعلن .

ولم تغب هذه المناسبة عن شعر حسّان بن ثابت ؛ فطلب الإذن من الرسول الكريم (ص) ان يلقي ابياتاً في ولاية الإمام علي (ع)، فإذن له الرسول (ص) فانشا يقول :



يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخم واسمع بالرسول مناديا



وقال فمن مولاكم ووليّكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا



إلهك مولانا وانت وليّنا

ولن تجد منّا لك اليوم عاصيا



فقال له قم يا علي ّ فإنني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا



فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له انصار صدق مواليا



هنالك دعا اللهم ّ وال وليّه

وكن للذي عادي عليّاً معاديا



وكانت بيعتهم علي الطاعة التامّة والتسليم للإمام (ع) في اُمور انفسهم و اُمور الدولة .

ومن هذا التاريخ عرف المسلمون البيعة للخليفة الذي بعد رسول الله (ص)، والذي لا يتحقّق لاي إنسان إلاّ للائمّة المعصومين :؛ لان الرسول الكريم (ص) نص ّ علي البيعة لهم ، فما قيمة اجتهاد عمر وابي بكرامام النص ّ منه (ص)؟ هذا اوّلاً، وثانياً: ان البيعة لا تتحقق للمبايع له إلاّ إذاكان ممّن تجب طاعته ، وهذا لا يكون إلاّ في الائمة : الذين اوجب الله تعالي طاعتهم في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِين َ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّه َ وَأَطِيعُواالرَّسُول َ وَ اُولِي الاَمْرِ مِنْكُم ْ) واولو الامر منهم الائمة :.

وثالثاً: ان لا تكون هناك موانع من الالتزام بالبيعة ، عند مبايعة الشخص المطلوب ، مثل انتهاكه الحرمات ، وارتكاب المعاصي ، والتجاهربالفسق فمثل شخص كهذا لا يصح ّ البقاء علي بيعته بل يجب عدم الالتزام بها.