بازگشت

الاتصالات


سارت الحركة في اتجاه عملي، محافضة علي سريتها التامة التي استمرت طيلة خلافة يزيد الاول [1] ، وهي فترة حاسمة دأب فيها التوابون بكل امكاناتهم علي تعبئة المقاتلين وجمع الاسلحة واستمالة الناس [2] ، واتفقوا علي ان يعقدوا لقاءات دورية لتقويم النشاطات التي قاموا بها والانجازات التي حققوها، ومن ثم لتحديد موعد للخروج واعلان الثورة. واستقر الرأي أخيراً علي أن يكون التجمع في النخيلة [3] في نهاية ربيع الآخر من سنة 65 للهجرة [4] .

كانت أولي الخطوات التنفيذية التي قام بها سليمان، هي محاولة استقطاب زعماء الكوفة واستمالة أكبر عدد من جماهيرها، والكتابة الي رجالات الحزب الشيعي في البصرة والمدائن وسواهما من المدن العراقية. وكانت هذه


الاتصالات تتضمن المفاهيم العامة للحركة ومنطلقاتها، ثم الدعوة الي المشاركة في مؤتمر النخيلة المذكور [5] فقد كتب أمير التوابين الي عامل المدائن، سعد بن حذيفة بن اليمان:

«اما بعد، فان الدنيا دار قد أدبر منها ما كان معروفاً، وأقبل منها ما كان منكراً وأصبحت قد تشنأت الي ذوي الالباب وأزمع بالترحال منها عباد الله الاخيار وباعوا قليلاً من الدنيا لا يبقي بجزيل مثوبة عند الله لا يفني. ان أولياء الله من اخوانكم وشيعة آل نبيكم نظروا لانفسهم فيما ابتلوا به من أمر ابن بنت نبيهم الذي دُعي فأجاب ودعا فلم يُجب، وأراد الرجعة فحبس وسأل الامان فمنع وترك الناس فم يتركوه وعدوا عليه فقتلوه ثم سلبوه وجردوه ظلماً وعدواناً وغرة بالله وجهلاً... فلما نظروا اخوانكم وتدبروا عواقب ما استقبلوا رأوا أن قد خطئوا بخذلان الزكي واسلامه وترك مواساته والنصر له خطأ كبيراً ليس منه مخرج ولا توبة دون قتل قاتليه او قتلهم حتي تفني علي ذلك أرواحهم» [6] .

كان وقع هذا الكتاب مؤثراً جداً علي شيعة المدائن، خاصة وأن عدداً من الكوفيين قد نزحوا اليها [7] ، وهؤلاء


ظهروا شديدي الحماس للاستجابة الفورية الي دعوة التوابين. وما لبث ان جاء الرد ايجابياً من عامل المدائن وشيعتها والاستعداد الكامل للتحرك في اليوم الموعود الي النخيلة «اما بعد، فقد قرأنا كتابك وفهمنا الذي دعوتنا اليه من الامر الذي عليه رأي الملأ من اخوانك، فقد هُديت لحظك ويُسرت لرشدك، ونحن جادون، مجدون، معدون، مسرجون، ملجمون ننظر الامر ونستمع الداعي فاذا جاء الصريخ أقبلنا ولم نعرج ان شاء الله» [8] .

وكان سليمان قد أرسل نسخة ثانية من كتابه الي المثني بن محربة العبدي في البصرة لكسب تأييده مع الشيعة هناك [9] فأجابوا جميعاً الي دعوته. وقد جاء في رد المثني «قرأت كتابك وأقرأته علي اخوانك فحمدوا رأيك واستجابوا لك، فنحن موافوك ان شاء الله للاجل الذي ضربت وفي الموطن الذي ذكرت» [10] وبذلك أخذت دعوة التوابين تتسع في أوساط الناقمين علي الحكم الاموي والمطالبين بدم الحسين، وتستجيب لها الجماهير بحماسة ملتهبة «فكان يجيبهم القوم بعد القوم، والنفر بعد النفر من الشيعة وغيرها» [11] .


پاورقي

[1] الطبري: 7/51.

[2] الخربوطلي: تاريخ العراق في ظل الحکم الاموي 133.

[3] النخيلة: مکان بالقرب من الکوفة.

[4] ابن کثير: 8/247، الطبري: 7/.

[5] ابن کثير: 8/247.

[6] الطبري: 7/50.

[7] الطبري: 7/50.

[8] الطبري: 7/51.

[9] دائرة المعارف الاسلامية الشيعية 2/57.

[10] الطبري: 7/51.

[11] دائرة المعارف الاسلامية الشيعية: 2/58.