بازگشت

ما وقع من موسي بن عيسي علي قبره الشريف الاخبار الرواة


1 - أمالي الطوسي: ابن حشيش، عن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد بن مخلد، عن أحمد بن ميثم، عن يحيي بن عبد الحميد الحماني [1] أملا علي في منزله قال:


خرجت أيام ولاية موسي بن عيسي الهاشمي [في] الكوفة من منزلي فلقيني أبو بكر بن عياش، فقال لي: أمض بنا يا يحيي إلي هذا، فلم أدر من يعني، و كنت اجل أبا بكر عن مراجعته، و كان راكبا حمارا له، فجعل يسير عليه، و أنا أمشي مع ركابه.

فلما صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد الله بن حازم، التفت إلي و قال [لي] : يا ابن الحماني إنما جررتك معي و جشمتك [معي] أن تمشي خلفي لاسمعك ما أقول لهذا الطاغية.

قال: فقلت: من هو يا أبا بكر؟ قال: هذا [2] الفاجر الكافر موسي بن عيسي، فسكت عنه و مضي و أنا أتبعه حتي إذا صرا إلي باب موسي بن عيسي، و بصر به الحاجب و تبينه، و كان الناس ينزلون عند الرحبة، فلم ينزل أبو بكر هناك، و كان عليه يومئذ قميص و إزار، و هو محلول الازرار.

[3] قال: فدخل علي حماره و ناداني: تعال يا بن الحماني فمنعني الحاجب فزجره أبو بكر و قال له: أ تمنعه يا فاعل! و هو معي؟ فتركني فما زال يسير علي حماره حتي دخل الايوان [4] فبصر بنا موسي و هو قاعد في صدر الايوان علي سريره و بجنبتي السرير رجال متسلحون و كذلك كانوا يصنعون.

فلما أن رآه موسي رحب به و قربه و أقعده علي سريره، و منعت أنا حين وصلت إلي الايوان أن أتجاوزه، فلما استقر أبو بكر علي السيرير التفت فرآني حيث أنا واقف فناداني فقال: [5] ويحك، فصرت إليه و نعلي في رجلي و علي قميص و إزار فأجلسني بين يديه، فالتفت إليه موسي فقال: هذا رجل تكلمنا فيه؟ قال: لا و لكني جئت به شاهدا عليك، قال: في ماذا؟ إني رأيتك و ما صنعت بهذا القبر.

قال: أي قبر؟ قال: قبر الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و كان موسي قد وجه إليه من كربه و كرب جميع أرض الحائر و حرثها و زرع الزرع فيها، فانتفخ موسي حتي كاد أن ينقد، [6] ثم قال: و ما أنت و ذا؟ قال: اسمع حتي أخبرك.

أعلم أني رأيت في منامي كاني خرجت إلي


قومي بني غاضرة فلما صرت بقنطرة الكوفة، اعترضني خنازير عشرة تريدني، فأغاثني الله برجل كنت أعرفه من بني أسد، فدفعها عني فمضيت لوجهي، فلما صرت إلي شاهي [7] ضللت الطريق فرأيت هناك عجوزا فقالت: لي: أين تريد أيها الشيخ؟ قلت: أريد الغاضرية، قالت لي: تنظر هذا الوادي فإنك إذا أتيت إلي آخره اتضح لك الطريق، فمضيت و فعلت ذلك، فلما صرت إلي نينوي إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك، فقلت: من أين أنت أيها الشيخ؟ فقال لي: أنا من أهل هذه القرية، فقلت: كم تعد من السنين؟ فقال: ما أحفظ ما مر من سني و عمري، و لكن أبعد ذكري أني رأيت الحسين بن علي عليهما السلام و من كان معه من أهله و من تبعه يمنعنون الماء الذي تراه و لا تمنع الكلاب و لا الوحوش شربه.

فاستعظمت [8] ذلك و قلت له: ويحك أنت رأيت هذا؟ قال: إي و الذي سمك السماء، لقد رأيت هذا أيها الشيخ و عاينته، وانك و أصحابك [هم] الذي تعينون علي ما قدر رأينا مما أقرح عيون المسلمين إن كان في الدنيا مسلم، فقلت: ويحك و ما هو؟ قال: حيث لم تنكروا ما أجري سلطانكم إليه، قلت: و ما جري [9] ؟ قال: أيكرب قبر ابن النبي و يحرث أرضه، قلت: و أين القبر؟ قال: ها هو ذا أنت واقف في أرضه، فأما القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه.

قال أبو بكر بن عياش: و ما كنت رأيت القبر (قبل) ذلك الوقت قط و لا أتيته في طول عمري، فقلت: من لي بمعرفته؟ فمضي معي الشيخ حتي وقف بي علي حير [10] له باب و آذن و إذا جماعة كثيرة علي الباب، فقلت: للاذن أريد الدخول علي ابن رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: لا تقدر علي الوصول في هذا الوقت، قلت: و لم؟ قال: هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله عليه السلام، و محمد رسول الله صلي الله عليه و آله، و معهما جبرئيل و ميكائيل في رعبل من الملائكة كثير.


قال أبو بكر بن عياش: فانتهبت و قد دخلني روع شديد، و حزن و كآبة، و مضت بي الايام حتي كدت أن أنسي المنام، ثم اضطررت إلي الخروج إلي بني غاضرة لدين كان لي علي رجل منهم، فخرجت و أنا لا أذكر الحديث حتي [إذا] صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص فحين رأيتهم ذكرت الحديث و رعبت من خشيتي لهم، فقالوا لي: ألق ما معك و انجu بنفسك، و كانت معي نفيقة، فقلت: ويحكم أنا أبو بكر بن عياش و إنما خرجت في طلب دين لي، و الله [و] الله لا تقطعوني عن طلب ديني و تصرفاتي [11] في نفقتي فاني شديد الاضافة، فنادي رجل منهم: مولاي و رب الكعبة لا يعرض له، ثم قال لبعض فتيانهم كن معه حتي تصير به إلي الطريق الايمن.

قال أبو بكر: فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام و أتعجب من تأويل الخنازير حتي صرت إلي نينوي، [12] فرأيت و الله الذي لا إله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته و هيئته، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء، فحين رأيته ذكرت الامر و الرؤيا، فقلت: لا إله إلا الله! ما كان هذا إلا وحيا ثم سألته كمسألتي إياه في المنام فأجابني بما كان أجابني ثم قال لي: أمض بنا فمضيت فوقفت معه علي الموضع و هو مكروب فلم يفتني شيء من منامي إلا الآذن و الحير فاني لم أرحيرا و لم أرآذنا.

فاتق الله أيها الرجل فاني قد آليت علي نفسي أن لا أدع إذاعة هذا الحديث و لا زيارة ذلك الموضع و قصده و إعظامه، فإن موضعا يأمه [13] إبراهيم و محمد و جبرئيل و ميكائيل لحقيق بأن يرغب في إتيانه و زيارته، فإن أبا حصين حدثني أن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: من رآني في المنام فإياي رأي فإن الشيطان لا يتشبه بي.

فقال له موسي: إنما أمسكت عن إجابة كلامك لاستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك، " و تالله إن " [14] بلغني بعد هذا الوقت أنك تحدث بهذا لاضر بن عنقك و عنق هذا الذي جئت به شاهدا علي.

فقال له أبو بكر: إذا يمنعني الله و إياه منك فإني إنما أردت الله بما كلمتك به فقال له: أترا جعني ياماص.

و شتمه فقال له: أسكت


(أسكت) أخزاك الله و قطع لسانك فازعل [15] موسي علي سريره، ثم قال: خذوه فأخذوا الشيخ عن السرير، و أخذت أنا، فو الله لقد مر بنا من السحب و الجر و الضرب، ما ظننت أننا لا نكثر الاحياء أبدا، و كان أشد ما مربي من ذلك أن رأسي كان يجر علي الصخر، و كان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي، و موسي يقول: اقتلوهما ابني كذا و كذا - بالزاني لا يكني - و أبو بكر يقول له: أمسك، قطع الله لسانك، و انتقم منك، أللهم إياك أردنا و لولد نبيك [16] غضبنا و عليك توكلنا، فصيربنا جميعا إلي الحبس، فما لبثنا في الحبس إلا قليلا، فالتفت إلي أبو بكر ورأي ثيابي قد خرقت و سالت دمائي، فقال: يا حماني " قد قضينا لله حقا " [17] و اكتسبنا في يومنا هذا أجرا و لن يضيع ذلك عند الله و لا عند رسوله، فما لبثنا إلا قدر [18] غدائه و نومه، حتي جاءنا رسوله فأخرجنا إليه و طلب حمار أبي بكر فلم يوجد، فد خلنا عليه، فإذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة و كبرا، فتعبنا في المشي إليه تعبا شديدا، و كان أبو بكر إذا تعبفي مشيه جلس يسيرا ثم يقول: أللهم إن هذا فيك فلا تنسه، فلما دخلنا علي موسي و إذا هو علي سرير له، فحين بصربنا قال: لا حيا الله و لا قرب من جاهل أحمق متعرض لما يكره، ويلك يا دعي ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم، فقال له أبو بكر: قد سمعت كلامك، و الله حسيبك فقال له: أخرج قبحك الله، و الله إن بلغني أن هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لاضربن عنقك، ثم التفت إلي و قال: يا كلب و شتمني و قال: (إياك) إياك ثم إياك أن تظهر هذا فإنه إنما خيل لهذا الشيخ الاحمق شيطان يلعب به في منامه أخرجا عليكما لعنة الله و غضبه، فخرجنا و قد أيسنا من الحياة.

فلما وصلنا إلي منزل الشيخ أبي بكر و هو يمشي و قد ذهب حماره، فلما أراد أن يدخل منزله التفت إلي و قال: احفظ هذا الحديث واثبته عندك و لا تحدثن هؤلاء الرعاع و لكن حدث به أهل العقول و الدين.

[19] بيان: تقول: " كربت الارض " أي [20] قلبتها للحرث، و " الرعيل " القطعة من


الخيل، و " الاضافة " الضيافة.

و قال الجوهري: قولهم " يا مصان و للانثي يامصانة " شتم أي ياماص فرج امه و يقال أيضا رجل مصان إذا كان يرضع الغنم [من لؤمه] و زاعله أزعجه، قوله اننا لا نكثر الاحياء أبدا هو كناية عن الموت أي لا نكون بينهم حتي يكثر عددهم بنا، قوله بالزاني لا يكني " أي كان يقول في الشتم ألفاظ صريحة في الزنا و لا يكتفي بالكناية.


پاورقي

[1] في المصدر: الجماني.

[2] في الاصل: هو.

[3] في المصدر وخ: الازار.

[4] في المصدر: الابواب.

[5] في المصدر: تعال.

[6] في المصدر: يتقد.

[7] في المصدر: ساهي.

و في خ: شاهر.

[8] في الاصل و البحار: فاستفضعت.

[9] في المصدر: ما اجري اليه.

[10] الحير: في الاصل مجمع الماء، و يراد به حائر الحسين عليه السلام، و هو ما حواه سور المشهد الحسيني علي مشرفه السلام.

(مجمع البحرين ج 3 ص 280).

[11] في المصدر: و تضر و ابي.

[12] نينوي: ناحية بسواد الکوفة.

(راجع مراصد الاطلاع ج 3 ص 1414).

[13] في المصدر: يأتيه.

[14] في المصدر: و بالله لئن.

[15] في المصدر، وخ: فارعد.

[16] في المصدر: وليک.

[17] قد غضبنا لله / خ.

[18] في المصدر: إلا مقدار.

[19] 1 / 329 و البحار: 45 / 390 ح 1.

[20] في الاصل: إذا.