بازگشت

ما جري بين محمد بن الحنفية و يزيد الكتب


1 - من بعض كتب المناقب القديمة: ذكر كتاب يزيد - لعنه الله - إلي محمد بن الحنفية و مصيره إليه و أخذ جائزته، كتب يزيد - لعنه الله - إلي محمدين علي بن الحنفية و هو يومئذ بالمدينة: أما بعد: فإني أسأل الله لنا و لك عملا صالحا يرضي به عنا، فإني ما أعرف اليوم في بني هاشم رجلا هو أر حج منك حلما و علما و لا أحضر فهما [1] و حكما، و لا أبعد من كل سفه و دنس و طيش، و ليس من يتخلق بالخير تخلقا و ينتحل الفضل تنحلا كمن جبله [2] الله علي الخير جبلا، و قد عرفنا ذلك منك قديما و حديثا، شاهدا و غائبا أني


قد أحببت زيارتك و الاخذ بالحظ من رؤيتك فإذا نظرت في كتابي هذا فاقبل إلي آمنا مطمئنا أرشدك الله أمرك، و غفر لك ذنبك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته.

قال: فلما ورد الكتاب علي محمد بن علي و قرأه أقبل علي ابنيه جعفر و عبد الله أبي هاشم فاستشارهما في ذلك، فقال له ابنه عبد الله: يا أبة اتق الله في نفسك و لا تصر إليه فإني خائف أن يلحقك بأخيك الحسين و لا يبالي، فقال محمد: يا بني و لكنلا أخاف ذلك منه.

فقال له ابنه جعفر: يا أبه إنه قد ألطف في كتابه إليك و أظنه يكتب إلي أحد من قريش بأن أرشدك الله أمرك و غفر لك ذنبك، و أنا أرجو أن يكف الله شره عنك قال: فقال محمد بن علي: يا بني إني توكلت علي الله الذي يمسك السماء أن تقع علي الارض إلا بإذنه و كفي بالله وكيلا.

قال: ثم تجهز محمد بن علي و خرج من المدينة و سار حتي قدم علي يزيد بن معاوية بالشام، فلما استأذن له و قربه و أدناه و أجلسه معه علي سريره، ثم أقبل عليه بوجهه، فقال: يا أبا القاسم آجرنا الله و إياك في أبي عبد الله الحسين بن علي فو الله لئن كان نفصك فقد نقصني، و لئن كان أوجعك فقد أو جعني، و لو كنت أنا [3] المتولي لحربه لما قتلته (و لو كنت استولي لحربه لما قتلته) ولد فعت عنه القتل و لو بحز [4] أصابعي و ذهاب بصري: و لفديته بجميع ما ملكت يدي، و إن كان قد ظلمني و قطع رحمي و نازعني حقي، و لكن عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي في ذلك فعجل عليه بالقتل فقتله، و لم يستدرك ما فات، و بعد فإنه ليس يجب علينا أن نرضي بالدنية في حقنا و لم يكن يجب علي أخيك أن ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا، و عزيز علي ما ناله و السلام فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم.

قال: فتكلم محمد بن علي فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: إني قد سمعت كلامك فوصل الله رحمك و رحم حسينا و بارك له فيما صار إليه من ثواب ربه و الخلد الدائم الطويل في جوار الملك الجليل، و قد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك و ما عراك فقد


عرانا من فرح و ترح، و كذا أظن أن لو شهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي و العمل، و لجانبت أسوء الفعل و الخطل و الآن فإن حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره، فإنه أخي و شقيقي و ابن أبي، و إن زعمت أنه قد كان ظلمك و كان عدوا لك كما تقول.

قال: فقال له يزيد: إنك لن تسمع مني إلا خيرا و لكن هلم فبايعني و اذكر ما عليك من الدين حتي أقضيه عنك، قال: فقال له محمد بن علي عليهما السلام: أما البيعة فقد بايعتك و أما ما ذكرت من أمر الدين فما علي من دين و الحمد لله، و إني من الله تبارك و تعالي في كل نعمتة سابغة لا أقوم بشكرها.

قال: فالتفت يزيد - لعنه الله - إلي ابنه خالد، فقال: يا بني إن ابن عمك هذا بعيد من الخب [5] و اللؤم و الدنس و الكذب، و لو كان غيره كبعض من عرفت لقال علي من الذين كذا و كذا ليستغنم أخذ أموالنا.

قال: ثم أقبل عليه يزيد، فقال: بايعتني يا أبا لقاسم؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فإني قد أمرت لك بثلاث مائه ألف درهم فابعث من يقبضها [6] ، فإذا أردت الانصراف عنا و صلناك إن شاء الله، قال: فقال [له] محمد بن علي: لا حاجة لي في هذا المال و لا له جئت، قال يزيد: فلا عليك أن تقبضه و تفرقه فيمن أحببت من أهل بيتك، قال: فإني قد قبلت يا أمير المؤمنين قال: فأنزله في بعض منازله، و كان محمد بن علي يدخل عليه في كل يوم صباحا و مساء.

قال: و إذ وفد أهل المدينة قد قدموا علي يزيد - لعنه الله - و فيهم منذر بن الزبير و عبد الله بن عمرو بن حفص بن مغيرة المخزومي و عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الانصاري فأقاموا عند يزيد - لعنه الله - أياما فأجازهم يزيد لكل رجل منهم بخمسين ألف درهم و أجاز المنذر بن الزبير بمائة ألف درهم، فلما أرادوا الانصراف إلي المدينة أقبل محمد بن علي حتي دخل علي يزيد فاستأذنه في الانصراف معهم إلي المدينة فأذن له في ذلك و وصله بمائتي ألف درهم و أعطاه عروضا بمائة ألف درهم.


ثم قال: يا أبا لقاسم إني لا أعلم في أهل بيتك اليوم رجلا هو أعلم منك بالحلال و الحرام، و قد كنت احب أن لا تفارقني و تأمرني بما فيه حظي و رشدي فو الله ما احب أن تنصرف عني و أنت ذام لشيء من أخلاقي، فقال له محمد بن علي عليهما السلام: أما ما كان منك إلي الحسين بن علي عليهما السلام فذاك شيء لا يستدرك، و أما الآن فإني ما رأيت منك منذ قدمت عليك إلا خيرا و لو رأيت منك خصلة أكرهها لما وسعني السكوت دون أن أنهاك عنها، و أخبرك بما يحق (ا) لله عليك منها للذي أخذ الله تبارك و تعالي علي العلماء في علمهم أن يبينوه للناس و لا يكتموه و لست مؤديا عنك إلي من ورأئي من الناس إلا خير، أني أنهاك عن شرب هذا المسكر فإنه رجس من عمل الشيطان، و ليس من ولي امور الامة و دعي له بالخلافة علي رؤوس الاشهاد علي المنابر كغيره من الناس، فاتق الله في نفسك و تدارك ما سلف من ذنبك و السلام.

قال: فسر يزيد بما سمع من محمد بن علي سرورا شديدا ثم قال: فإني قابل منك ما أمرتني به و أنا احب أن تكاتبني في كل حاجة تعرض لك من صلة أو تعاهد و لا تقصرن في ذلك.

فقال محمد بن علي: أفعل ذلك إن شاء الله و لا أكون إلا عند ما تحب.

قال: ثم ودعه محمد بن علي و رجع إلي المدينة ففرق [7] ذلك المال كله في أهل بيته، و سائر بني هاشم و قريش حتي لم يبق من بني هاشم و قريش من الرجال و النساء و الذرية و الموالي إلا صار إليه شيء من ذلك المال، ثم خرج محمد بن علي عليهما السلام من المدينة إلي مكة فأقام بها مجاورا لا يعرف شيئا الصوم و الصلاة و صلي الله علي محمد و آله و رضي عنهم و رزقنا شفاعتهم بحوله و منه و فضله و كرمه إن شاء الله تعالي [8] .



پاورقي

[1] منهم رأيا / خ.

[2] جبله: طبعه، خلقه.

[3] لها / خ.

[4] في الاصل: و لو بجز.

[5] الخب: الخداع.

[6] يقتضمها / خ.

[7] فتفرق / خ.

[8] البحار: 45 / 325.