بازگشت

ما أصاب سائر قتلته و الحاضرين في محاربته من العقوبات


1 - المناقب لا بن شهرآشوب: إبانة ابن بطة و جامع الدار قطني و فضائل أحمد، روي قرة بن أعين، عن خاله [1] ، قال: كنت أبي رجاء العطاردي، فقال: لا تذكروا أهل البيت إلا بخير، فدخل عليه رجل من حاضري كربلاء و كان يسب الحسين عليه السلام فأهوي الله عليه نجمين فعميت عيناه.

و سأل عبد الله " بن رياح " [2] القاضي أعمي عن عمائه، فقال: كنت حضرت كربلاء و ما قاتلت، فنمت فرأيت شخصا هائلا، قال لي: أجب رسول الله صلي الله عليه و آله، فقلت: لا اطيق، فجرني إلي رسول الله صلي الله عليه و آله فوجدته حزينا و في يده حربة و بسط قدامه نطع [3] و ملك قبله قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم و تقع النار فيهم فتحرقهم ثم يحيون و يقتلهم أيضا هكذا، فقلت: السلام عليك يا رسول الله، و الله ما ضربت بسيف و لا طعنت برمح و لا رميت سهما، فقال النبي صلي الله عليه و آله ألست كثرت السواد؟ فسلمني و أخذ من طست فيه دم فكحلني من ذلك الدم، فاحترقت عيناي فلما انتبهت كنت أعمي [4] .

كنز المذكرين: قال الشعبي: رأيت رجلا متعلقا بأستار الكعبة و هو يقول: أللهم اغفر لي و لا أراك تغفر لي، فسألته عن ذنبه فقال: كنت من الوكلاء علي رأس الحسين عليه السلام و كان معي خمسون رجلا فرأيت غمامة بيضاء من نور [و] قد (ت) نزلت من السماء إلي الخيمة و جمعا كثيرا أحاطوا بها فإذا فيهم آدم و نوح و إبراهيم و موسي و عيسي، ثم نزلت اخري و فيها النبي صلي الله عليه و آله و جبرئيل و ميكائيل و ملك الموت فبكي


النبي صلي الله عليه و آله و بكوا معه جميعا، فدنا ملك الموت و قبض تسعا و أربعين، " فوثب علي " [5] ، فوثبت علي رجلي و قلت: يا رسول الله الامان الامان، فو الله ما شايعت في قتله و لا رضيت، فقال: ويحك و أنت تنظر إلي ما يكون؟ فقلت: نعم، فقال: يا ملك الموت خل عن قبض روحه، قإنه لابد أن يموت يوما فتركني و خرجت إلي هذا الموضع تائبا [علي ما كان مني] [6] .

أقول في اللوف و غيره: عن عبد الله بن رياح [7] القاضي قال: لقيت [8] رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسين عليه السلام، فسئل عن [ذهاب] بصره، فقل: (قد) كنت شهدت قتله عاشر عشرة أني لم أطعن برمح و لم أضرب بسيف و لم أرم بسهم، فلما قتل رجعت إلي منزلي و صليت العشاء الآخرة و نمت، فأتاني آت في منامي، فقال: أجب رسول الله صلي الله عليه و آله، [فإنه يدعوك] فقلت: مالي و له، فأخذ بتلبيبي [9] و جرني إليه، فإذا النبي صلي الله عليه و آله جالس في صحراء حاسر عن ذراعيه أخذ بحربة و ملك قائم بين يديه و في يده سيف من نار (و) يقتل [10] أصحابي التسعة، فكلما ضرب ضربة التهب>>)<<==ت (ت) أنفسهم نارا فدنوت منه و جثوت بين يديه و قلت: السلام عليك يا رسول الله فلم يرد علي [السلام] ، و مكث طويلا، ثم رفع رأسه و قال: يا عدو الله انتهكت حرمتي و قتلت عترتي و لم ترع حقي و فعلت [11] و فعلت، فقلت: يا رسول الله! ما ضربت بسيف، و لا طعنت برمح، و لا رميت بسهم، فقال: صدقت و لكنك كثرت السواد، ادن مني! فدنوت منه، فإذا طست مملوء دما، فقال لي: هذا دم ولدي الحسين فكحلني من ذلك الذم فانتهبت حتي الساعة لا أبصر شيئا [12] .

2 - مقاتل الطالبيين: قال المدائني: حدثني أبو غسان، عن هارون بن سعد، عن القاسم بن أصبغ بن نباتة، قال: رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه و كنت أعرفه جميلا شديدا البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك، قال، إني قتلت


شابا أمرد [13] مع الحسين عليه السلام بين عينيه أثر السجود، فما نمت ليلة منذ قتلته إلا أتاني فيأخذ بتلابيبي حتي يأتي جهنم فيد فعني فيها، فأصيح فما يبقي أحد في الحي إلا سمع صياحي، قال: و المقتول العباس بن علي عليهما السلام.

[14] .

3 - أمالي الطوسي: المفيد، عن المراغي، عن علي بن الحسين بن سفيان، عن محمد بن عبد الله بن سليمان، عن عباد بن يعقوب، عن الوليد بن أبي ثور، عن محمد ابن سليمان، عن عمه، قال: لما خفنا [15] أيام الحجاج [16] خرج نفر منا من الكوفة مستترين، و خرجت معهم فصرنا إلي كربلاء، و ليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخا علي شاطئ الفرات، و قلنا نأوي إليه، فبينا نحن فيه إذا جاءنا رجل غريب، فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة، فإني عابر سبيل، فأجبناه و قلنا غريب منقطع به، فلما غربت الشمس و أظلم الليل أشعلنا و كنا نشعل بالنفط، ثم جلسنا تنذاكر أمر الحسين عليه السلام و مصيبته و قتله و من تولاه، فقلنا: ما بقي [أحد] من قتلة الحسين عليه السلام إلا رماه الله ببلية في بدنه، فقال ذلك الرجل: فأنا [قد] كنت فيمن قتله، و الله ما أصابني سوء و إنكم يا قوم تكذبون، فأمسكنا عنه [17] ، و قل ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة بإصبعه، فأخذت النار كفه فخرج [و] نادي حتي ألقي نفسه في الفرات يتغوص [18] به، فو الله لقد رأينا [ه] يدخل رأسه في الماء و النار علي وجه الماء، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه، فيغوصه إلي الماء ثم يخرجه فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتي هلك [19] .

4 - عقاب الاعمال: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن محمد بن الحسين، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن محمد بن يحيي الحجازي، عن إسماعيل بن داود، (عن) أبي العباس الاسدي، عن سعيد بن الخليل، عن يعقوب ابن سليمان، قال: سمرت [20] أنا و نفر ذات ليلة، فتذاكرنا مقتل الحسين عليه السلام، فقال


رجل من القوم: ما تلبس أحد بقتله إلا أصابه بلاء في أهله و نفسه، و ماله، فقال شيخ من القوم: فهو و الله ممن شهد قتله و أعان عليه فما أصابه إلي الآن أمر يكرهه، فمقته القوم و تغير السراج و كان دهنه نفطا، فقال إليه ليصلحه، فأخذت النار بإصبعه فنفخها فأخذت بلحيته فخرج يبادر إلي الماء فألقي نفسه في النهر و جعلت النار ترفرف [21] علي رأسه فإذا أخرجه أحرقته حتي مات لعنه الله. [22] .

5 - و منه: بهذا الاسناد، عن عمر بن سعد، عن القاسم بن الاصبغ قال: قدم علينا رجل من بني دارم ممن شهد قتل الحسين مسود الوجه و كان رجلا جميلا شديد البياض، فقلت له: ما كدت [أن] أعرفك لتغير لونك، فقال: قتلت رجلا من أصحاب الحسين عليه السلام أبيض بين عينيه أثر السجود وجئت برأسه، فقال القاسم: لقد رأيته علي فرس له مرحا و قد علق الرأس بلبانها و هو يصيب ركبتها [23] ، قال: فقلت لابي: لو أنه رفع الرأس قليلا، أ [ما] تري ما تصنع به الفرس بيديها؟ فقال لي: يا بني ما يصنع به أشد، لقد حدثني، فقال: ما نمت ليلة منذ قتلته إلا أتاني في منامي حتي يأخذ بتلبيبي [24] فيقودني، فيقول: انطلق فينطلق بي إلي جهنم فيقذف بي فيها حتي أصبح، قال: فسمعت بذلك جارة [25] له فقالت: ما يدعنا ننام شيئا من الليل من صياحه، قال: فقمت في شباب من الحي فأتينا إمرأته فسألناها فقالت: قد ابدي علي نفسه، قد صدقكم.

[26] توضيح: قوله مرحا حال عن الراكب أي فرحا و في نسخة قديمة موجأ فهو صفة للمركوب أي خصي و الاصل فيه موجوء، لكن قد يستعمل هكذا.

قال الجزري: و منه الحديث أنه ضحي بكبشين موجوئين أي خصيين و منهم من يرويه موجأين بوزن مكرمين و هو خطأ و منهم موجيين بغير همزة علي التخفيف و يكون من و جئه و جئا فهو موجئ.

و قال الفيروزآبادي: اللبان بالفتح الصدر أو وسطه أو ما بين الثديين أو صدر


ذي الحافر، و قوله أبدي علي نفسه أي أظهر و فيه تضمين معني الطعن أي طاعنا علي نفسه.

6 - و في بعض كتب المناقب المعتبرة: قال: أخبرنا علي بن أحمد العاصمي، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي [27] ، عن والده أحمد بن الحسين، عن أبي عبد الله الحافظ، عن محمد بن يعقوب، عن العباس بن محمد، عن الاسود بن عامر، عن شريك بن عمير يعني عبد الملك، قال: قال الحجاج يوما: من كان له بلاء فليقم فلنعطه علي بلائه، فقام رجل فقال: أعطني علي بلائي، قال: و ما بلاؤك؟ قال: قتلت الحسين، قال: و كيف قتلته؟ قال: دسرته و الله بالرمح دسرا، [28] و هبرته بالسيف هبرا [29] و ما أشركت معي في قتله أحدا، قال: أما إنك و إياه لن تجتمعا في مكان أبدا، قال له: أخرج، قال: و أحسبه لم يعطه شيئا.

[30] 7 - و منه: بإسناده عن أبي الدنيا، عن إسحاق بن إسماعيل، عن سفيان قال: حدثني جدتي ام أبي، قالت: أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين عليه السلام، فأما أحدهما فطال ذكره حتي كان يلفه، و أما الآخر فكان يستقبل الرواية فيشربها حتي يأتي علي آخرها، قال سفيان: أدركت ابن أحدهما بن خبل أو نحو هذا.

[31] و روي أن رجلا بلا أيد و لا أرجل [32] و هو أعمي، يقول: رب نجني من النار فقيل له: لم تبق لك عقوبة، و مع ذلك تسأل النجاة من النار! قال: كنت فيمن قتل الحسين عليه السلام بكربلا، فلما قتل رأيت عليه سراويلا و تكة حسنة بعد ما سلبه الناس فأردت أن أنزع منه التكة فرفع يده اليمني و وضعها علي التكة فلم أقدر علي دفعها فقطعت يمينه، ثم هممت أن آخذ التكة فرفع شماله، فوضعها علي تكته فقطعت يساره، ثم هممت بنزع التكة من السراويل، فسمعت زلزلة فخفت و تركته، فألقي الله علي النوم فنمت بين القتلي، فرأيت كأن محمدا صلي الله عليه و آله (قد) أقبل و معه علي و فاطمة فأخذوا رأس الحسين عليه السلام فقبلته فاطمة، ثم قالت: يا ولدي قتلوك قتلهم الله، من


فعل هذا بك؟ فكان يقول: قتلني شمر و قطع يداي هذا النائم و أشار إلي، فقالت فاطمة لي: قطع الله يديك و رجليك و أعمي بصرك و أدخلك النار، فانتبهت فأنا لا أبصر شيئا و سقطت مني يداي و رجلاي، و لم يبق من دعائها إلا النار.

[33] .

8 - أقول: في بعض مؤلفات المتأخرين من الاصحاب، عن سعيد بن المسيب، قال: لما استشهد سيدي و مولاي الحسين عليه السلام و حج الناس من قابل دخلت علي علي بن الحسين عليهما السلام، فقلت له: يا مولاي قد قرب الحج فماذا تأمرني؟ فقال: أمض علي نيتك و حج فحججت فبينما (أنا) أطوف بالكعبة و إذا أنا برجل مقطوع اليدين و وجهه كقطع الليل المظلم و هو متعلق بأستار الكعبة و هو يقول: أللهم رب هذا البيت [الحرام] اغفر لي و ما أحسبك (أن) تفعل و لو تشفع في سكان سماواتك و أرضيك و جميع ما خلقت لعظم جرمي.

قال سعيد بن المسيب: فشغلت و شغل الناس عن الطواف حتي حف به الناس و اجتمعنا إليه، فقلنا: يا ويلك لو كنت إبليس ما كان ينبغي لك أن تيأس من رحمة الله - فمن أنت؟ و ما ذنبك؟ فبكي و قال: يا قوم أنا أعرف بنفسي و ذنبي و ما جنيت، فقلنا له: تذكره لنا، فقال: أنا كنت جمالا لابي عبد الله (الحسين) عليه السلام لما خرج [34] من المدينة إلي العراق و كنت أراه إذا أراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي فأري تكة تغشي الابصار بحسن إشراقها و كنت أتمناها تكون لي إلي أن صرنا بكربلاء و قتل الحسين عليه السلام و هي معه فدفنت نفسي في مكان من الارض.

فلما جن الليل خرجت من مكاني فرأيت من تلك المركة نورا لا ظلمة، و نهارا لا ليلا، و القتلي مطرحين علي وجه الارض، فذكرت لخيبتي [35] و شقائي التكة [36] فقلت و الله لاطلبن الحسين و أرجو أن تكون التكة في سراويله فآخذها و لم أزل أنظر في وجوه القتلي حتي أتيت إلي الحسين عليه السلام فوجدته مكبوبا علي وجهه و هو جئة بلا رأس و نوره مشرق مرمل بدمائه، و الرياح سافية عليه، فقلت: هذا و الله الحسين فنظرت إلي


سراويله كما كنت أراها فدنوت منه و ضربت بيدي إلي التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة فلم أزل أحلها حتي حللت عقدة منها.

فمد يده اليمني و قبض علي التكة فلم أقدر علي أخذ يده عنها و لا أصل إليها فدعتني النفس الملعونة إلي أن أطلب شيئا أقطع به يديه فوجدت قطعة سيف مطروح فأخذتها و انتكبت [37] علي يده و لم أزل أحزها [38] حتي فصلتها عن زنده ثم نحيتها عن التكة و مددت يدي إلي التكة لا حلها فمديده اليسري فقبض عليها فلم أقدر علي أخذها فأخذت قطعة السيف و لم أزل أخزها حتي فصلتها عن التكة و مددت يدي إلي التكة لاخذها فإذا الارض ترجف و السماء تهتز و إذا بغلبة عظيمة، و بكاء و نداء و قائل يقول: واابناه، وا مقتولاه، وا ذبيحاه، وا حسيناه، وا غريباه، يا بني قتلوك و ما عرفوك و من شرب الماء منعوك.

فلما رأيت ذلك صعقت [39] و رميت نفسي بين القتلي و إذا بثلاث نفر و إمرأة و حولهم خلائق وقوف و قد امتلات الارض بصور الناس و أجنحة الملائكة و إذا بواحد منهم يقول: يا ابناه يا حسين، فداك جدك و أبوك و أمك و أخوك و إذا بالحسين عليه السلام قد جلس و رأسه علي بدنه و هو يقول: لبيك يا جداه يا رسول الله، و يا أبتاه يا أمير المؤمنين! و يا أماه! يا فاطمة الزهراء، و يا أخاه المقتول بالسم، عليكم مني السلام، ثم إنه بكي و قال: يا جداه قتلوا و الله رجلنا، يا جداه سلبوا و الله نساءنا، يا جداه نهبوا و الله رحالنا، يا جداه ذبحوا و الله أطفالنا، يا جداه يعز و الله عليك أن تري حالنا، و ما فعال الكفار بنا.

و إذ هم جلسوا يبكون حوله علي ما أصابه و فاطمة تقول: يا أباه يا رسول الله أما تري ما فعلت امتك بولدي؟ أتأذن لي أن آخذ من دم شيبه و اخضب به ناصيتي؟ و ألقي الله عز و جل و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين، فقال لها: خذي و نأخذ يا فاطمة فرأيتهم يأخذون من دم شيبه، و تمسح به فاطمة ناصيتها و النبي و علي و الحسن عليهم السلام يمسحون به نحورهم و صدورهم و أيديهم إلي المرافق و سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول:


فديتك يا حسين يعز و الله علي أن أراك مقطوع الرأس مرمل الجبينين دامي النحر مكبوبا علي قفاك قد كساك الذارئ من الرمول و أنت طريح مقتول مقطوع الكفين، يا بني من قطع يدك اليمني وثني باليسري؟! فقال: يا جداه كان معي جمال من المدينة، و كان يراني و كان يراني إذا وضعت سراويلي للوضوء فيتمني أن تكون تكتي له، فما منعني أن أدفعها إليه إلا لعلمي أنه صاحب هذا الفعل.

فلما قتلت خرج يطلبني بين القتلي، فوجدني جثة بلا رأس فتفقد سراويلي فرأي التكة و قد كنت عقدتها عقدا كثيرة، فضرب بيده إلي التكة فحل عقدة منها فمددت يدي اليمني، فقبضت علي التكة، فطلب في المعركة فوجد قطعة سيف مكسور فقطع به يميني، ثم حل عقدة اخري فقبضت علي التكة بيدي اليسري كي لا يحلها فتنكشف عورتي، فحز [40] يدي اليسري، فلما أراد حل التكة حس بك فرمي نفسه بين القتلي.

فلما سمع النبي صلي الله عليه و آله كلام الحسين عليه السلام بكي بكاء شديدا، و أتي إلي بين القتلي إلي أن وقف نحوي، فقال: مالي و مالك يا جمال؟ تقطع يدين طالما قبلهما جبرئيل و ملائكة الله أجمعين، و تباركت بهما [41] أهل السماوات و الارضين؟ أما كفاك ما صنع به الملاعين من الذل و الهوان؟! فهتكوا [42] نساءه من بعد الخدور و انسدال الستور سود الله وجهك يا جمال في الدنيا و الآخرة و قطع الله يديك و رجليك، و جعليك، و جعلك في حزب من سفك دماءنا و تجرأ علي الله، فما استتم دعاءه صلي الله عليه و آله حتي شلت يداي و حسست بوجهي كأنه ألبس قطعا من الليل مظلما و بقيت علي هذه الحالة فجئت إلي هذا البيت أستشفع و أنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا فلم يبق في مكة أحد إلا [و] سمع حديثه و تقرب إلي الله تعالي بلعنته و كل يقول حسبك ما جنيت يا لعين " و سيعلم الدين ظلموا اي منقلب ينقلبون " [43] .

[1-وثني السيري / خ.


أقول: هذه القصة وجدتها في كتاب الهداية للحسين بن حمدان، عن سعيد بن المسيب.

[44] .

9 - منتخب المجالس: [45] قال: حكي عن رجل كوفي حداد، قال: لما خرج العسكر من الكوفة لحرب الحسين بن علي عليهما السلام جمعت حديدا عندي، و أخذت آلتي و سرت معهم، فلما وصلوا و طنبوا خيمهم بنيت خيمة و صرت أعمل أوتادا للخيم و سككا و مرابط للخيل و أسنة للرماح و ما أعوج من سنان أو خنجر أو سيف كنت بكل ذلك بصيرا فصار رزقي كثيرا و شاع ذكري بينهم حتي أتي الحسين عليه السلام مع عسكره فارتحلنا إلي كربلا و خيمنا علي شاطئ العلقمي، و قام القتال فيما بينهم و حموا الماء عليه، و قتلوه و أنصاره و بنيه، و كان مدة إقامتنا و ارتحالنا تسعة عشر يوما فرجعت غنيا إلي منزلي و السبايا معنا، فعرضت علي عبيد الله - لعنه الله - فأمر أن يشهروهم إلي يزيد - لعنه الله - إلي الشام.

فلبثت في منزلي أياما قلائل، و إذا أنا ذات ليلة راقد علي فراشي، فرأيت طيفا كأن القيامة قامت، و الناس يموجون علي الارض كالجراد إذا فقدت دليلها وكلهم دالع لسان علي صدره من شدة الظلمأ، و أنا اعتقد بأن ما فيهم أعظم مني عطشا لانه كل سمعي و بصري من شدته هذا حرارة الشمس يغلي منها دماغي و الارض تفلي كأنها القير، إذا اشعل تحتها نار، فخلت أن رجلي قد تقلعت قدماها، فو الله العظيم لو أني خيرت بين عطشي و تقطيع لحمي حتي يسيل دمي لاشربه لرأيت شربه خيرا من عطشي.

فبينا أنا في العذاب الاليم، و البلاء العميم، إذا أنا برجل قد عم الموقف نوره، و ابتهج الكون بسروره، راكب علي فرس، و هو ذو شيبة قد حفت به ألوف من كل نبي و وصي و صديق و شهيد و صالح، فمر كأنه ريح أو سيران فلك، فمرت ساعة و إذا


أنا بفارس علي جواد أغر، له وجه كتمام القمر، تحت ركابه ألوف، إن أمر ائتمروا، و إن زجر انزجروا فاقشعرت الاجسام من لفتاته، و ارتعدت الفرائص من خطراته فتأسفت علي الاول ما سألت عنه خيفة من هذا، و إذا به قد قام في ركابه و أشار إلي أصحابه، و سمعت قوله خذوه، و إذا بأحدهم قاهر بعضدي [46] كلبه [47] حديد [48] خارجة من النار، فمضي بي إليه فخلت كتفي اليمني قد انقلعت، فسألته الخفة فزادني ثقلا، فقلت له: سألتك بمن أمرك علي من تكون؟ قال: ملك من ملائكة الجبار، قلت: و من هذا؟ قال: علي الكرار، قلت: و الذي قبله؟ قال: محمد المختار، قلت: و الذي حوله؟ قال: النبيون، و الصديقون، و الشهداء، و الصالحون، و المؤمنون، قلت: أنا ما فعلت حتي أمرك علي؟ قال: إليه يرجع الامر، و حالك حال هؤلاء، فحققت النظر و إذا بعمر بن سعد أمير العسكر، و قوم لم أعرفهم و إذا بعنقه سلسلة من حديد، و النار خارجة من عينيه و اذنيه فأيقنت بالهلاك و باقي القوم منهم مغلل و منهم مقيد و منهم مقهور بعضده مثلي.

فبينا نحن نسير، و إذا برسول الله صلي الله عليه و آله الذي وصفه الملك جالس علي كرسي عال يزهر [49] أظنه من اللؤلؤ، و رجلين ذي شيبتين بهيتين [50] عن يمينه، فسألت الملك عنهما، فقال: نوح و إبراهيم و إذا برسول الله صلي الله عليه و آله يقول: ما صنعت يا علي؟ قال: ما تركت أحدا من قاتلي الحسين إلا و أتيت به، فحمدت الله تعالي علي أني لم أكن منهم ورد إلي عقلي، و إذا برسول الله صلي الله عليه و آله يقول: قدموهم فقدموهم إليه و جعل يسألهم و يبكي و يبكي كل من في الموقف لبكائه لانه يقول للرجل: ما صنعت بطف كربلاء بولدي الحسين؟ فيجيب يا رسول الله أنا حميت الماء عليه و هذا يقول: أنا قتلته و هذا يقول: أنا وطئت صدره بفرسي، و منهم من يقول: أنا ضربت ولده العليل، فصاح رسول الله صلي الله عليه و آله: وا ولداه و أقله ناصراه وا حسيناه وا علياه هكذا جري عليكم بعدي أهل بيتي أنظر يا أبي آدم، أنظر يا أخي نوح، كيف خلفوني في ذريتي؟ فبكوا حتي ارتج المحشر، فأمر بهم زبانية جهنم يجرونهم أولا فأولا إلي النار.

و إذا بهم قد أتوا برجل، فسأله فقال: ما صنعت شيئا، فقال: أما كنت نجارا؟


قال: صدقت يا سيدي لكني ما عملت شيئا إلا عمود الخيمة لحصين بن نمير لانه انكسر من ريح عاصف فوصلته، فبكي و قال: كثرت السواد علي ولدي خذوه إلي النار و صاحوا لاحكم إلا لله و لرسوله و وصيه.

قال الحداد: فأيقنت بالهلاك فأمر بي فقدموني فاستخبرني فأخبرته فأمر بي إلي النار فما سحبوني إلا و انتبهت، و حكيت لكل من لقيته، و قد يبس لسانه و مات نصفه و تبرأ منه كل من يحبه و مات فقيرا لا رحمه الله " و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون " [51] .

قال: و حكي عن السدي، قال: أضافني رجل في ليلة كنت احب ألفاظها، فرحبت به و قربته و أكرمته، و جلسنا نتسامر و إذا به ينطلق بالكلام كالسيل إذا قصد الحضيض، فطرقت له فانتهي في سمره طف كربلاء، و كان قريب العهد من قتل الحسين عليه السلام فتأوهت (الزفراء) الصعداء، و تزفرت كملا [52] ، فقال: ما بالك؟ قلت: ذكرت مصابا يهون عنده كل مصاب، قال: أما كنت حاضرا يوم الطف؟ قلت: لا و الحمد لله، قال: أراك تحمد علي أي شيء؟ قلت: علي الخلاص من دم الحسين لان جده صلي الله عليه و آله قال: إن من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخيف الميزان.

قال: [قال:] هكذا جده؟ قلت: نعم، و قال صلي الله عليه و آله: ولدي الحسين يقتل ظلما و عدوانا، ألا و من قتله يدخل في تابوت من نار، و يعذب بعذاب نصف أهل النار، و قد غلت يداه و رجلاه و له رائحة يتعوذ أهل النار منها، هو و من شايع و بايع أو رضي بذلك " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوفوا العذاب " [53] لا يفتر عنهم ساعة، و يسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب جهنم.

قال: لا تصدق هذا الكلام يا أخي قلت: كيف هذا؟ و قد قال صلي الله عليه و آله: لا كذبت و لا كذبت، قال: تري قالوا: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره، و ها أنا و حقك قد تجاوزت التسعين مع أنك ما تعرفني، قلت: لا و الله، قال: أنا الاخنس بن زيد، قلت: و ما صنعت يوم الطف؟ قال: أنا الذي أمرت علي


الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطي جسم الحسين بسنابك الخيل، و هشمت أضلاعه، و جررت نطعا من تحت علي بن الحسين عليهما السلام و هو عليل حتي كببته علي وجهه، و خرم تاذني صفية بنت الحسين عليه السلام لقرطين كانا في اذنيها.

قال السدي: فبكي قلبي هجوعا، و عيناي دموعا، و خرجت أعالج علي إهلاكه و إذا بالسراج قد ضعفت، فقمت أزهرها فقال: اجلس و هو يحكي (لي) متعجبا من نفسه و سلامته، و مد اصبعه ليزهرها [54] فاشتعلت به ففركها [55] في التراب، فلم تنطف فصاح بي أدركني يا أخي فكببت الشربة عليها، و أنا محب لذلك، فلما شمت النار رائحة الماء ازدادت قوة، و صاح بي ما هذه النار و ما يطفئها؟ قلت: ألق نفسك في النهر، فرمي بنفسه، [ف] كلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه كالخشبة البالية في الريح البارح [56] ، هذا و أنا أنظره، فو الله الذي لا إله إلا هو لم تطفأ حتي صار فحما و صار علي وجه الماء ألا لعنة الله علي الظالمين، " و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " [57] .

10 - أمالي الطوسي: بالاسناد عن ابن عطية، قال: سمعت جدي أبا أمي بزيعا، قال: كنا نمر و نحن غلمان زمن خالد علي رجل في الطريق جالس أبيض الجسد أسود الوجه، و كان الناس يقولون: خرج علي الحسين عليه السلام.

[58] الائمة: الصادق عليهم السلام.

11 - عقاب الاعمال: أبي، عن محمد بن يحيي، عن الاشعري، عن عبد الله ابن محمد، عن علي بن زياد، عن محمد بن علي الحلبي، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن آل أبي سفيان قتلوا الحسين بن علي عليهما السلام فنزع الله ملكهم، و قتل هشام زيد ابن علي عليهما السلام فنزع الله ملكه، و قتل الوليد يحيي بن زيد - رحمه الله - فنزع الله ملكه [59] .



پاورقي

[1] في الاصل: عن خالد.

[2] في البحار: ابن رباح و في المصدر: الرياح.

[3] النطع: بساط من الاديم (قاموس المحيط ج 3 ص 89).

[4] 3 / 216 و البحار: 45 / 303.

[5] في المصدر: فوثب علي رجلي (رجل).

[6] 3 / 216 و البحار: 45 / 303.

[7] في البحار: رباح.

[8] في المصدر: رأيت.

[9] في المصدر: بتلابيبي.

[10] في المصدر: فقتل.

[11] في المصدر: ما فعلت.

[12] اللهوف ص 57 و البحار: 45 / 306 ح 5.

[13] الامرد: الشاب الذي طلع شاربه و لم تنبت لحيته.

[14] ص 78 و البحار: 45 / 306.

[15] في الاصل: رجعنا.

[16] في المصدر: الحج.

[17] في المصدر: منه.

[18] في البحار وخ: يتغوث.

[19] 1 / 163 و البحار: 45 / 307 ح 6.

[20] سهرت / خ.

[21] في المصدر: ترفرفت.

[22] ص 259 ح 7 و البحار: 45 / 307 ح 7.

[23] في المصدر: رکبتيها.

[24] في المصدر: بکتفي.

[25] في البحار: جارية.

[26] ص 259 ح 8، و البحار: 45 / 308 ح 7.

[27] البهيقي / خ.

[28] دسره - دسرا أي طعنه.

[29] هبر - هبرا أي قطعه قطعا کبارا.

[30] البحار: 45 / 309.

[31] البحار: 45 / 311.

[32] بلا يد و لا رجل / خ.

[33] ما مضمونه في کتاب الهداية للحضيني (مخطوط): ص 85، و البحار: 45 / 311.

[34] في الاصل: أخرج.

[35] لحيني / خ و في البحار: لخبثي.

[36] التکة: رباط السراويل.

[37] في البحار: و اتکبت.

[38] في الاصل: اجزها.

[39] ضعفت / خ.

[40] في الاصل: فجز.

[41] في البحار: بها.

[42] انتهکوا / خ.

[43] البحار 45 / 316 و الآية من سوره الشعراء: 227.

[44] الهداية: ص 85.

[45] لم يذکر في البحار اسم الکتاب بل کان متصلا بالحديث المنقول عن بعض مولفات أصحابنا و بدله حرف و.

[46] بعضدتي / خ.

[47] کلبتا / خ.

[48] في الاصل: حديدة.

[49] في البحار: يزهو.

[50] بهيين / ح.

[51] الشعراء: 227.

[52] کملا: تاما.

[53] النساء: 56.

[54] لزهرها / خ.

[55] فعرکها / خ.

[56] البارح: الريح الحارة.

[57] البحار: 45 / 319.

[58] 2 / 337، و البحار: 45 / 322 ح 17.

[59] ص 261 ح 11، و البحار: 45 / 308 ح 9.