بازگشت

ما ورد في كفر قتلته و شدة عذابهم في الاخرة من الانباء السابقة


1 - في بعض مؤلفات الاصحاب: عن كعب الاحبار حين أسلم في أيام خلافة عمر بن الخطاب، و جعل الناس يسألونه عن الملاحم التي تظهر في آخر الزمان، فصار كعب يخبرهم بأنواع الاخبار و الملاحم و الفتن التي تظهر في العالم، ثم قال: و أعظمها فتنة و أشدها مصيبة (التي) لا تنسي إلي أبد الآبدين (هي) مصيبة الحسين عليه السلام و هي الفساد الذي ذكره الله تعالي في كتابه المجيد حيث قال: " ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس " [1] و إنما فتح الفساد بقتل هابيل بن آدم، و ختم بقتل الحسين عليه السلام أولا تعلمون أنه يفتح يوم قتله أبواب السماوات و يؤذن السماء بالبكاء فتبكي دما، فإذا رأيتم الحمرة في السماء قد ارتفعت، فاعلموا أن السماء تبكي حسينا.

فقيل: يا كعب، لم لا تفعل السماء كذلك و لا تبكي دما لقتل الانبياء ممن كان أفضل من الحسين عليه السلام؟ فقال: ويحكم، إن قتل الحسين أمر عظيم، و إنه ابن


سيد المرسلين، و إنه يقتل علانية ميارزة ظلما و عدوانا، و لا تحفظ فيه وصية جده رسول الله صلي الله عليه و آله و هو مزاج مائه و بضعة من لحمه، يذبح بعرصة كربلا، فوالذي نفس كعب بيده لتبكينه زمرة من الملائكة في السماوات السبع، لا يقطعون بكاءهم عليه إلي آخر الدهر، و إن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع، و ما من نبي إلا و يأتي إليها و يزورها و يبكي علي مصابه، و لكربلا في كل يوم زيارة من الملائكة و الجن و الانس.

فإذا كانت ليلة الجمعة ينزل إليها تسعون ألف ملك يبكون علي الحسين عليه السلام، و يذكرون فضله و إنه يسمي في السماء: حسينا المذبوح، و في الارض: أبا عبد الله المقتول، و في البحار الفرخ الازهر المظلوم، و إنه يوم قتله تنكسف الشمس بالنهار، و من الليل ينخسف القمر، و تدوم الظلمة علي الناس ثلاثة أيام و تمطر السماء دما (و رمادا) و تدكدك الجبال و تغطمط البحار [2] ، و لو لا بقية من ذريته و طائفة من شيعته الذين يطلبون بدمه و يأخذون بثأره، لصب الله عليهم نارا من السماء أحرقت الارض و من عليها.

ثم قال كعب: يا قوم كأنكم تتعجبون بما أحدثكم فيه من أمر الحسين عليه السلام، و إن الله تعالي لم يترك شيئا كان أو يكون من أول الدهر إلي آخره إلا و قد فسره لموسي عليه السلام، و ما من نسمة خلقت إلا و قد رفعت إلي آدم عليه السلام في عالم الذر، و عرضت عليه، و لقد عرضت عليه هذه الامة و نظر إليها و إلي اختلافها و تكالبها علي هذه الدنيا الدنية، فقال آدم: يا رب ما لهذه الامة الزكية و بلاء الدنيا و هم أفضل الامم؟ فقال له: يا آدم، إنهم اختلفوا فاختلفت قلوبهم، و سيظهرون الفساد في الارض كفساد قابيل حين قتل هابيل عليه السلام، و إنهم يقتلون فرخ حبيبي محمد المصطفي.

ثم مثل لآدم عليه السلام مقتل الحسين صلوات الله عليه و مصرعه و و ثوب امة جده عليه، فنظر إليهم فرآهم مسودة وجوههم، فقال: يا رب أبسط عليهم الانتقام كما قتلوا


فرخ نبيك الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام [3] .

2 - كامل الزيارات: محمد بن عبد الله بن علي الناقد، عن أبي هارون العبسي، عن جعفر بن حيان [4] ، عن خالد الربعي، قال: حدثني من سمع كعبا يقول: أول من لعن قاتل الحسين عليه السلام إبراهيم خليل الرحمن [لعنه] و أمر ولده بذلك، و أخذ عليهم العهد و الميثاق، ثم لعنه موسي بن عمران و أمر أمته بذلك، ثم لعنه داود و أمر بني إسرائيل بذلك.

ثم لعنه عيسي و أكثر أن [5] قال: يا بني إسرائيل العنوا قاتله و إن أدركتم أيامه فلا تجلسوا عنه فإن الشهيد معه كالشهيد مع الانبياء " مقبلا " مدبر، و كأني أنظر إلي بقعته، و ما من نبي إلا و قد زار كربلاء و وقف عليها و قال: أنك لبقعة كثيرة الخير، فيك يدفن القمر الازهر.

[6] توضيح: قوله: " مقبل " الاصوب مقبلا أي: كشهيد استشهد معهم حال كونه مقبلا علي القتال مدبر و علي ما في النسخ صفة لقوله كالشهيد لانه في قوة النكرة.

3 - في بعض مؤلفات المتأخرين: إنه لما جمع ابن زياد لعنه الله قومه لحرب الحسين عليه السلام (و) كانوا سبعين ألف فارس، فقال ابن زياد: أيها الناس من منكم يتولي قتل الحسين و له ولاية أي بلد شاء؟ فلم يجبه أحد منهم، فاستدعي بعمر بن سعد لعنه الله، و قال له: يا عمر [أريد] أن تتولي حرب الحسين بنفسك فقال له: اعفني من ذلك، فقال ابن زياد: قد أعفيتك يا عمر فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الري، فقال عمر: أمهلنا [7] الليلة، فقال له: قد أمهلتك فانصرف عمر بن سعد إلي منزله، و جعل يستشير قومه و إخوانه، و من يثق به من أصحابه، فلم يشر عليه أحد بذلك، و كان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخير يقال له: كامل، و كان صديقا لابيه من قبله، فقال له: يا عمر، مالي أراك بهيئة [8] و حركة فما الذي


أنت عازم عليه؟ و كان كامل كإسمه ذا رأي و عقل و دين كامل، فقال له ابن سعد لعنه الله: إني قد وليت أمر هذا الجيش في حرب الحسين - عليه السلام -، و إنما قتله عندي و أهل بيته كأكلة آكل أو كشربة ماء، و إذا قتلته خرجت إلي ملك الري، فقال له كامل: اف لك يا عمر بن سعد، تريد أن تقتل الحسين ابن بنت رسول الله، اف لك و لدينك يا عمر، أسفهت الحق و ضلت الهدي، أما تعلم إلي حرب من تخرج، و لمن تقاتل، إنا لله و إنا إليه راجعون، و الله لو أعطيت الدنيا و ما فيها علي قتل رجل واحد من امة محمد صلي الله عليه و آله لما فعلت، فكيف تريد تقتل الحسين ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله؟ و ما الذي " تقول غدا لرسول الله " [9] صلي الله عليه و آله إذا وردت عليه و قد قتلت ولده وقرة عينيه و ثمرة فؤاده، و ابن سيدة نساء العالمين، و ابن سيد الوصيين، و هو سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين، و إنه في زماننا هذا بمنزلة جده في زمانه، و طاعته فرض علينا كطاعته، و إنه باب الجنة و النار، فاختر لنفسك ما أنت مختار، و إني أشهد بالله إن حاربته أو قتلته أو أعنت عليه أو علي قتله لا تلبث [10] في الدنيا [بعده] إلا قليلا.

فقال له عمر بن سعد لعنه الله: فبالموت تخوفني؟! و إني إذا فرغت من قتله أكون أميرا علي سبعين ألف فارس و أتولي [11] (ملك الري، فقال له كامل [12] : إني أحدثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفقت لقبوله.

إعلم أني سافرت مع أبيك سعد إلي الشام فانقطعت بي مطيتي عن أصحابي و تهت و عطشت، فلاح لي دير راهب فملت إليه و نزلت عن فرسي و أتيت إلي باب الدير لا شرب ماء، فأشرف علي راهب من ذلك الدير، و قال: ما تريد؟ فقلت له: إني عطشان، فقال لي: أنت [13] من أمة هذا النبي الذين يقتل بعضهم بعضا علي حب الدنيا مكالبة؟ و يتنافسون فيها علي حطامها؟ فقلت له: أنا من الامة المرحومة امة محمد صلي الله عليه و آله.

فقال: إنكم أشرامة فالويل لكم يوم القيامة و قد غدوتم [14] إلي عترة نبيكم و


تسبون نساءه و تنهبون أمواله، فقلت له: يا راهب، نحن نفعل ذلك؟! قال: نعم، و إنكم إذا فعلتم ذلك عجت السماوات و الارضون و البحار و الجبال و البراري و القفار و الوحوش و الاطيار باللعنة علي قاتله، ثم لا يلبث [15] قاتله في الدنيا إلا قليلا، ثم يظهر رجل يطلب بثأره فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله و عجل الله بروحه إلي النار.

ثم قال الراهب: إني لاري لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيب، و الله إني لو أدركت أيامه لوقيته بنفسي من حر السيوف، فقلت: يا راهب إني اعيذ نفسي أن أكون ممن يقاتل ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله، فقال: إن لم تكن أنت فرجل قريب منك، و إن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار، و إن عذابه أشد من عذاب فرعون و هامان، ثم ردم الباب في وجهي و دخل يعبد الله تعالي و أبي أن يسقيني الماء.

قال كامل: فركبت فرسي و لحقت أصحابي، فقال لي أبوك سعد: ما أبطأك عنا يا كامل؟ فحدثته بما سمعته من الراهب، فقال لي: صدقت.

ثم إن سعدا أخبرني أنه نزل بدير هذا الراهب مرة من قبلي فأخبره أنه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول الله، فخاف أبوك سعد من ذلك و خشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك، فاحذر يا عمر أن تخرج عليه يكون عليك نصف عذاب أهل النار، قال: فبلغ الخبر ابن زياد - لعنه الله - فاستدعي بكامل و قطع لسانه فعاش بها يوم أو بعض يوم و مات رحمه الله.

قال: و حكي أن موسي بن عمران عليه السلام رآه إسرائيلي مستعجلا و قد كسته الصفرة و اعتري بدنه الضعف و حكم بفرائصه الرجف و قد اقشعر جسمه و غارت عيناه و نحف، لانه كان إذا دعاه ربه للمناجاة يصير عليه ذلك من خيفة الله تعالي فعرفه الاسرائيلي و هو ممن آمن به، فقال له: يا نبي الله، أذنبت ذنبا عظيما، فاسأل ربك أن يعفو عني، فأنعم و سار.

فلما ناجي ربه قال له: يا رب العالمين أسألك و أنت العالم قبل نطقي [به] ، فقال تعالي: يا موسي ما تسألني أعطيك، و ما تريد أبلغك، قال: رب إن فلانا عبدك الاسرائيلي أذنب ذنبا و يسألك العفو، قال: يا موسي أعفو عمن استغفرني إلا قاتل الحسين عليه السلام.


قال موسي: يا رب و من الحسين؟ قال له: الذي مر ذكره عليك بجانب الطور، قال: يا رب و من يقتله؟ قال: تقتله امة جده الباغية الطاغية في أرض كربلا، و تنفر فرسه و تحمحم و تصهل و تقول في صهيلها: الظليمة الظليمة من امة قتلت ابن بنت نبيها فيبقي ملقي علي الرمال من غسل و لا كفن و ينهب رحله و تسبي نساؤه في البلدان، و يقتل ناصر (و) ه، و تشهر رؤوسهم مع رأسه علي أطراف الرماح، يا موسي! صغيرهم يميته العطش، و كبيرهم جلده منكمش، يستغيثون و لا ناصر (لهم)، و يستجيرون و لا خافر (لهم).

قال: فبكي موسي عليه السلام و قال: يا رب و ما لقاتليه من العذاب؟ قال: يا موسي، عذاب يستغيث منه [16] أهل النار بالنار، لا تنالهم رحمتي، و لا شفاعة جده، و لو لم تكن كرامة له لخسفت بهم الارض، قال موسي: برئت إليك أللهم منهم و ممن رضي بفعالهم، فقال سبحانه: يا موسي، كتبت رحمة لتابعيه من عبادي و اعلم أنه من بكي عليه أو أبكي أو تباكي حرمت جسده علي النار. [17] .


پاورقي

[1] الروم: 41.

[2] غطمط البحر: اضطرب و علت أمواجه.

[3] البحار: 45 / 315.

[4] في المصدر: حنان.

[5] ثم / خ.

[6] ص 67 ح 2 و البحار: 44 / 301 ح 10.

[7] في الاصل: أمهلني.

[8] بهيبة / خ.

[9] في احدي النسخ: تقول عند رسول الله، و في الاخري تريد غدا لرسول الله.

[10] تبيت / خ.

[11] و اوتي / خ.

[12] مالک / خ.

[13] من أنت / خ.

[14] عدوتم / خ.

[15] يبيت / خ.

[16] به / خ.

[17] البحار 44 / 305.