بازگشت

عموم إخبار الله تعالي النبي بشهادته خصوصا بعد مولده بواسطة جبرئيل


مثير الاحزان: باسناده عن زوجة العباس بن عبد المطلب و هي ام الفضل لبابة بنت الحارث، قالت: رأيت في النوم قبل مولد الحسين عليه السلام كأن قطعة من لحم رسول الله صلي الله عليه و آله قطعت و وضعت في حجري، فقصصت الرؤيا عليه رسول الله صلي الله عليه و آله، فقال: إن صدقت رؤياك فإن فاطمة ستلد غلاما و أدفعه إليك لترضعيه، فجري الامر علي ذلك، فجئت به يوما فوضعته في حجره فبال، فقطرت منه قطرة علي ثوبه، فقرصته [1] فبكي.

فقال كالمغضب: مهلا يا ام الفضل، فهذا ثوبي يغسل و قد أوجعت ابني، قالت: فتركته، و مضيت لآتيه بماء، فجئت فوجدته يبكي، فقلت: ما بكاؤك يا رسول الله صلي الله عليه و آله؟، فقال: إن جبرئيل أتاني و أخبرني أن أمتي تقتل ولدي هذا [2] .

قال: و قال أصحاب الحديث: فلما أتت علي الحسين عليه السلام عليه السلام سنة كاملة هبط علي النبي صلي الله عليه و آله اثنا عشر ملكا علي صور مختلفة، أحدهم علي صورة بني آدم يعزونه، و يقولون: هابيل، و يحمل علي قاتله مثل وزر قابيل، و لم يبق ملك إلا نزل إلي النبي صلي الله عليه و آله يعزونه، و النبي صلي الله عليه و آله، يقول: أللهم اخذل خاذله و اقتل قاتله و لا تمتعه بما طلبه.

و عن أشعث بن عثمان، عن أبيه، عن أنس بن أبي سحيم، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله، يقول: إن ابني هذا يقتل بأرض العراق، فمن أدركه منكم فلينصره، فحضر أنس مع الحسين عليه السلام كربلا و قتل معه.


و رويت عن عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش، عن شيخه أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، عن رجاله، عن عائشة، قالت: دخل الحسين عليه السلام علي النبي صلي الله عليه و آله و هو غلام يدرج، فقال: أي عائشة ألا أعجبك لقد دخل علي آنفا ملك ما دخل علي قط، فقال: إن ابنك هذا مقتول و إن شئت أريتك من تربته التي يقتل بها، فتناول ترابا أحمر فأخذته ام سلمة فخزنته في قارورة، فأخرجته يوم قتل و هو دم.

و روي: مثل هذا عن زينب بنت جحش.

و عن عبد الله بن يحيي قال: دخلنا مع علي إلي صفين، فلما حاذي نينوي نادي صبرا يا أبا عبد الله، فقال: دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و آله وعيناه تفيضان، فقلت: بأبي أنت و أمي يا رسول الله، اما لعينيك تفيضان؟ أغضبك أحد؟ قال: لا، بل كان عندي جبرئيل، فأخبرني أن الحسين عليه السلام يقتل بشاطئ الفرات، و قال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم، فمد يده و أخذ قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا، و اسم الارض كربلا.

فلما أتت عليه سنتان خرج النبي صلي الله عليه و آله إلي سفر فوقف في بعض الطريق و استرجع و دمعت عيناه، فسئل عن ذلك، فقال صلي الله عليه و آله: هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها كربلا يقتل فيها ولدي الحسين عليه السلام و كأني أنظر إليه و إلي مصرعه و مدفنه بها، و كأني أنظر إلي [3] السبايا علي أقتاب [4] المطايا، و قد اهدي رأس ولدي الحسين إلي يزيد لعنه الله، فو الله ما ينظر أحد إلي رأس الحسين عليه السلام و يفرح إلا خالف الله بين قلبه و لسانه، و عذبه الله عذابا أليما.

ثم رجع النبي صلي الله عليه و آله من سفره مغموما مهموما كئيبا حزينا فصعد المنبر و أصعد معه الحسن و الحسين عليهما السلام و خطب و وعظ الناس فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمني علي رأس الحسن و اليسري علي رأس الحسين عليهما السلام، و قال: أللهم إن محمدا عبدك و رسولك


و هذان أطائب عترتي، و خيار ارومتي [5] ، و أفضل ذريتي و من اخلفهما في أمتي، و قد أخبرني جبرئيل عليه السلام أن ولدي هذا مقتول بالسم و الآخر شهيد مضرج بالدم، أللهم فبارك له في قتله و اجعله من سادات الشهداء و اللهم و لا تبارك في قاتله و خاذله و أصله حر نارك، و احشره في أسفل درك الجحيم.

قال: فضج الناس بالبكاء و العويل، فقال لهم النبي صلي الله عليه و آله: أيها الناس أتبكونه و لا تنصرونه، أللهم فكن أنت له وليا و ناصرا، ثم قال: يا قوم إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي و ارومتي و مزاج مائي، و ثمرة فؤادي، و مهجتي، لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ألا و إني لا أسالكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسالكم عنه، أسالكم عن المودة في القربي، و احذروا أن تلقوني غدا علي الحوض و قد آذيتم عترتي، و قتلتم أهل بيتي و ظلمتموهم.

ألا إنه سيرد علي يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامة: الاولي راية سوداء مظلمة قد فزعت منها الملائكة، فتقف علي، فأقول لهم: من أنتم؟ فينسون ذكري، و يقولون: نحن أهل التوحيد من العرب، فأقول لهم: أنا أحمد نبي العرب و العجم، فيقولون: نحن من امتك، فأقول: كيف خلفتموني من بعدي في أهل بيتي و عترتي و كتاب ربي؟ فيقولون: أما الكتاب فضيعناه، أما العترة فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الارض، فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي، فيصدرون عطاشي مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية اخري أشد سوادا من الاولي، فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في الثقلين كتاب الله و عترتي؟ فيقولون: أما الاكبر فخالفناه و أما الاصغر فمزقناهم كل ممزق، فأقول: إليكم عني فيصدرون عطاشي مسودة وجوههم.

ثم ترد علي راية تلمع وجوههم نورا، فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد و التقوي من امة محمد المصطفي و نحن بقية أهل الحق، حملنا كتاب ربنا و حللنا حلاله و حرمنا حرامه و أحببنا ذرية نبينا محمد صلي الله عليه و آله، و نصرناهم من كل ما نصرنا


به أنفسنا، و قاتلنا معهم من ناواهم، فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيكم محمد، و لقد كنتم في الدنيا كما قلتم، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين مستبشرين، ثم يدخلون الجنة خالدين فيها أبد الآبدين [6] .


پاورقي

[1] في الاصل: فقرضته.

[2] ورد الحديث في تذکرة الخواص ص 232 و الاصابة لا بن حجر ج 4 ص 484 نقلا عن ابن سعد في الطبقات ج 8 ص 278، و قد ترک ذيل الخبر.

[3] في البحار: علي.

[4] في الاصل: أقطاب، و القتب بالتحريک، رجل البعير صغير علي قدر السنام، و جمعه " أقتاب " کأسباب، " مجمع البحرين: ج 2 ص 139 ".

[5] قال الطريحي في معجمع البحرين " ج 6 ص 7 ": الاروم بفتح الهمزة: أصل الشجرة و القرن.قاله الجوهري: و الازومة زنة أکولة: الاصل.

[6] ص 16 و البحار: 44 / 246 ح 46.