بازگشت

بنو اميه و الخطر الحسيني


اخذت قضيه الحسين «ع» تحرك العزائم و تنبه المشاعر في الدوائر الامويه، و ساد القلق علي حلفائهم و اوليائهم و هم عالمون ان حسينا يضرب علي ايدي الجائرين و لا يولي فاسقا امر المسلمين، فغدت رجال الحكم الاموي السنه و عيونا و اقلاما و سيوفا ضد الحركه الحسينيه- لا سيما في مناطق العراق و الحجاز- و استفزوا قبل كل شي ء حكوم الشام و الهيئه المركزيه بالتاهب للخطر الهاشمي.

فكتب عمر بن سعد و عماره بن عقبه و عبدالله بن مسلم و اضرابهم الي يزيد: «اما بعد، فان مسلم بن عقيل قدم الكوفه و بايعته الشيعه للحسين «ع» فان يكن لك حاجه فابعث اليها رجلا قويا ينفذ امرك و يعمل مثل عملك في عدوك، فان النعمان بن بشير- و الي الكوفه- رجل ضعيف او يتضعف» و كانهم و رسلهم استلفتوا انظار حكومه الشام الي انه اذا رسخت اقدامه بين النهرين و اهلوهما شيعه ابيه و مدائن كسري تواليه- منذ وليها سلمان و تزوج بشاه زنان- فانوار مباديه تشع ربوع ايران فيكون له منهم انصار المال، و انصار الحرب، و انصار الراي و الاداره، و انصار لنشر معارف القرآن و علوم شرع جده الزاهر. فاذا توفق بهم علي تكوين حكومه راقيه صار اولي من اميه بالولايه علي الاقطار حتي الحجاز و الشام، لان المهيمن علي العراق يهدد الحرمين و خطوط مواصلات


الشام اليهما، و ربما يجدد العراق علي الشام حرب صفين حينما ارض الشام خاليه من الداهيتين معاويه و ابن العاص.

اما يزيد فلم يكن منه بادي ء بدء سوي استشاره «سرجون» مولي ابيه معاويه في كتب القوم اليه، فاشار عليه باستعمال عبيدالله بن زياد علي العراق، و كانت بينه و بين يزيد بروده و ابرز سرجون ليزيد عهدا كان معاويه قد كتبه في هذا الشان قبيل وفاته حسب ما ذكره المورخون [1] فوافق يزيد علي ذلك و انهي الي ابن زياد عهده و كتب اليه: «اما بعد، فانه كتب الي شيعتي من اهل الكوفه يخبرونني ان ابن عقيل فيها يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين، فسر حين تقرا كتابي هذا حتي تاتي الكوفه فتطلب ابن عقيل طلب الخرزه حتي تثقفها و توثقه او تقتله او تنفيه» فاخذ ابن زياد من كتاب يزيد و رسوله قوه و بصيره و صلاحيه واسعه في المال و بث المواعيد.

رايت حكومه يزيد من الدهاء الحزم سكوتها عن ابن الزبير موقتا حق يحسم الزمان امر الحسين «ع» الذي اصبح يهدد كيان اميه اي تهديد، فاذا قضت اميه لبانتها من الحسين سهل امر ابن الزبير عليها لان الرعب يسود علي اضداد يزيد بعد الاجهاز علي الحركه الحسينيه، و لان موقع ابن الزبير في النفوس ليس كموقع الحسين منها، لا سيما و ابن الزبير شحيح- و لا يسود الا من بجود- و لان ابن الزبير لم يرتبط ببلاد ذات خيرات و بركات كالعراق حتي يستفيد من ميرتها و ذخيرتها لجيشه لوا انتضي له جيش. فلو فرض استمراره علي خلاف يزيد بعد الحسين فنجند اميه يحاصره في بلاد الحجاز القاحله بين الجبال و الرمال حق يسلم هو و جنده او يقاتل وحده و الوحيد مغلوب.



پاورقي

[1] کما في العقد الفريد ج 2 ص 306 و ارشاد المفيد ص 84.