بازگشت

كيف يبايع الحسين


غريب و الله ان يزيد المشهور بالسفاسف و الفجور يريد التقمص بخلافه النبي محمد «ص» المبعوث لتكميل مكارم الاخلاق، و ذلك في حياه الحسين «ع» ابن ذاك النبي و حبيبه. فيزيد بعلم نفسيه الحسين و يعلم ان صدر الحسين «ع» اصبح بركانا قريب الانفجار، و مع ذلك لا يقنع بسكونه و سكوته عما هو فيه بل يريد منه فوق ذلك كله ان يعترف له بالخلافه عن الرسول، و هل ذاك الا رابع المستحيلات/ فان اعتراف الحسين «ع» بخلافه يزيد عباره اخري عن ان الحسين ليس بالحسين «اي ان معني قبوله البيعه ليزيد بيع دين جده، و كل مجده، و كل شعور شريف للعرب، و كل حق للمسلمين، و كل آمال لقومه يبيعها جمعاء برضي يزيد عليه» و هذا محال علي الحسين «ع» و علي كل ابطال الفضائل، فان قبوله بيعه يزيد عباره اخري عن اعترافه بتساوي الفضيله و الرذيله، و استواء العدل و الظلم، و اتحاد الحق و الباطل، و تماثل النور و الظلام، و ان العلم و الجهل مستويان، و ان الخفيف و الثقيل سيان في الميزان. فهل يسوغ بعد هذا كله سكوته و سكونه؟؟

و قد يزعم البسطاء ان الحسين «ع» لو استعمل التقيه و صافح يزيد لا تقي ببيعته شر اميه، و نجا من مكرها، و صان حرمته، و حفظ مهجته، لكن ذلك و هم بعيد..


فان يزيد المتجاهر بالفسوق لا يقاس بمعاويه الداهيه المتحفظ، فبيعه مثل الحسين «ع» لمثل يزيد غير جائزه بظاهر الشريعه و لذلك تخلف عن بيعته سعد بن ابي وقاص، و عبدالرحمن بن ابي بكر، و عبدالله بن عمرو، و عبدالله بن الزبير ايضا فانكروا علي معاويه استخلاف يزيد و امتنعوا عن بيعته حتي فارقوا الحياه، و كان سيدنا الحسين «ع» اولي بهذا الامتناع و الانكار.

و اما مع غض النظر عن التكليف الشريعي و مطالبه وجه غير التمسك بظواهر الكتاب و السنه فنقول: ان التحري في الوثائق التاريخيه و الكتب المعتبره يودي الي الاعتقاد بان سيدنا الحسين «ع» كان يعلم بانطواء خصومه علي نيه التشفي من قتله، و قد صرح في مواطن عده بان بني اميه غير تاركيه حتي لو كان في حجر ضب لا ستخرجوه و قتلوه، و قال عليه السلام للعكرمي في بطن، عقبه: «ليس يخفي علي الراي و لكنهم لا يدعونني حتي يخرجوا هذه العلقه من جوفي» و اكد ابن زياد نيه التشفي من قتل الحسين «ع» في كتابه لابن سعد قائلا: «حل بين الحسين و اصحابه و بين الماء فلا يذوقوا منه قطره، كما صنع بالتقي الزكي عثمان بن عفان». و اعلن يزيد نفسه بما يضمره من الانتقام من آل محمد كما قال:



لست من خندف ان لم انتقم

من بني احمد ما كان فعل



الي غير ذلك من الشواهد التي نستنتج منها ما قصده الامويون من الانتقام من آل الرسول «ص» علم ابن النبي صلي الله عليه و آله و سلم من كل هذا تصميم آل حرب علي انتقامهم من آل علي مهما تظاهر هولاء بمسالمتهم و مطاوعتهم و مهما تظاهر آل حرب لهم بالامان و الايمان، و قد اكد هذا العلم غدر ابن زياد يابن عمه مسلم و اعطاوه الامان حتي اذا خلع سلاحه قتله شر قتله، و اجلي من ذلك غدر معاويه باخيه الحسن «ع» و دسه السم الي من قتله بعد ان صالحه و صافحه و تنازل له عن خلافته المعقوده له. فهل تري ابن النبي «ص» بعد ذلك كله يعيد الامتحان و يجرب المجرب؟ كلا! اذن فالحسين و جد نفسه متقولا اذا لم يبايع و مقتولا اذا بايع، لكنه ان بايع اشتري مع قتله قتل مجده و قتل آثار جده اما اذا لم يبايع فانما هي قتله واحده تحيا بها آماله، و شعائر الدين، و الشرف الموبد.