بازگشت

تكوين الطليعة العقائدية


من هي الطليعة العقائدية، و ما مواصفاتها، و لماذا الطليعة العقائدية؟ الطليعة العقائدية هي المجموعة من أبناء الاسلام التي تحمله حملا واعيا قائما علي اساس التصور و الفهم السليمين اللذين عبر عنهما القرآن الكريم و الرسول العظيم صلي الله عليه و آله و سلم و الأئمة الراشدين من أئمة أهل البيت عليهم السلام.

هذه الطليعة ترتبط بوشائج من القرابة الحميمة والود العميق القائمين علي الحب في الله، مع كل من حمل الاسلام بروحه و ضميره و فكره و كرس حياته لنشره و الدفاع عنه و تشعر أنهم جميعا وحدة واحدة توزعت في أجسام مختلفة.. وطن هذه الطليعة الاسلام. و أملها الاسلام. و مستقبلها الاسلام. لا تري شيئا الا و تري الله معه و قبله و بعده و فيه، علي حد تعبير أميرالمؤمنين عليه السلام.

لا تري هذه الطليعة في الزمن أو الجنس أو اللغة أو العمر عائقا أمام التحامها و توحدها و توجهها و حركتها و فعلها.

الطليعة العقائدية لا تخضع لفرعون و أهواء فرعون و لا تنحني له أو تهادنه و تسالمه، ما دام حربا علي الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و دينه، و انما تري فيه عقبة كبري أمام نهوض الأمة و مستقبلها و ازدهارها.

تعرف من تعبد و ما تدين به و تعرف أين تضع أقدامها و تعرف ما تريد بالضبط، ليست استجابتها للاسلام استجابة غامضة غير واعية، و انما استجابة قائمة علي فهم يتمثل سلوكا و عملا يبرز الاسلام كفعل محرك مؤثر ملي ء بالحرارة و الحياة، لا كنشاط فكري أو عقلي أو طقوسي أو ميل أو هوي مجرد..

تنتشر الطليعة العقائدية في جسد الأمة كالدم النقي يسري في شرايينها و عروقها فيجدد نشاطها و حيويتها بل و كل حياتها و وجودها.

لا تعرف هذه الطليعة الخوف الا من الله، و تعرف الحب لله و فيه و من أجله، تذوب شوقا اليه و يتملكها الهلع و الخوف من خشيته، و تري القتل في سبيله سعادة.


تعمل هذه الطليعة علي أن تكون الأمة كلها طليعة لأمم اسلامية مقبلة، ترفل بعز الاسلام و تعيش حياة الاسلام و تحت ظلاله و تفوز بخيره و نعيمه.

لم يكن بد من اعداد هذه الطليعة في البداية علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لكي ينتشر الاسلام، لا الانتشار السطحي المعرض لهبات الرياح و عبث العابثين، و لكن الانتشار العميق المتجذر القوي المثمر، و قد قام هو صلي الله عليه و آله و سلم باعدادها و تربيتها لتأخذ دورها في توجيه الامة و تربيتها فيما بعد.

و كان يمثل الاسلام أمامها، و قد أرادها أن تبدو بصورته و تحمله حملا واعيا حقيقيا لتكون نموذجا حيا شاخصا متحركا امام الأمة كلها..

و قد أرادها أيضا أن تكمل المسيرة بعده اذا ما اختفي من ساحة الحياة، فمن غير المعقول أن يمتد به العمر الي ما لا نهاية علي هذه الارض ليقوم هو وحده و بشكل شخصي بتبليغ هذه الرسالة لكل الناس علي العصور.

و لا بد أن يحملها معه آخرون خلال حياته و بعد وفاته صلي الله عليه و آله و سلم أيضا، و من الطبيعي أن لا يحمل الجميع هذه الرسالة بنفس القدر من الفهم و الوعي و الشعور بالمسؤولية! فقد تكون في نفوس البعض ترسبات جاهلية، و قد تطفو علي السطح عند أقل اثارة أو هزة، و قد يكون ذلك في المواقف و الأوقات الحساسة و العصيبة التي تشكل مفارق طرق مهمة في حياة الامة، و قد يكون ذلك سببا لتعاستها و فقدان أمنها الي الابد.

و قد لا يكون هؤلاء علي نفس القدر من الوعي و البصيرة و الفهم ممن لم تدنسهم الجاهلية بأنجاسها و لم تلبسهم من مدلهمات ثيابها، و عاشوا منذ البداية أنقياء الثياب طاهري الذيل يحملون تصورات و قيم و هموم صاحب الرسالة صلي الله عليه و آله و سلم و يرون في مثله الاعلي مثلهم الاعلي الكامل الحي ذي القوة المكين.. و قد أصبح الاسلام أهم جزء من حياتهم، بل كل حياتهم و وجودهم لا يستطيعون الاستغناء عنه، و يرون أن البشرية برمتها لا تستطيع الاستغناء عنه كذلك لأنه المنهج العملي الحي الوحيد القادر علي تحقيق سعادتها و ازالة تناقضاتها.. و ينعكس بشكل ايجابي علي مجالات حياة و عمل الانسان و تضمن سلامة تصرفاته مع الله سبحانه و تعالي و مع نفسه و مع الآخرين، و تضمن له استقرارا عاطفيا و نفسيا قائما علي تواصل وجداني مستمر مع هذا الدين و من يحمل هذا الدين.


و بعبارة: انه انسان يهيمن الاسلام عليه بشكل تام و يحتل كل مشاعره و تفكيره و حياته.

حاول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تكوين و تربية الطليعة العقائدية منذ قيامه بمهمة نشر الرسالة الاسلامية، و كانت تلك المهمة الوحيدة في العهد المكي قبل أن ينتقل الي المدينة لانشاء دولة المسلمين الاولي! كان يريدهم أن يأخذوا الاسلام جملة بعد أن يفهموه و يعوا مبادئه و أركانه العامة. و كان ذلك مقدمة لتقبلوا كل تشريعات الاسلام و أحكامه و قوانينه و فروضه و يرفضوا كل قوانين الجاهلية و الشرك.

لقد صممت خاتمة الرسالات الرائعة هذه من قبل العلي القدير، ليؤمن من يومن بها عن وعي و ادراك و معرفة، و لم تكن مجرد تعاليم أخلاقية أو طقوس عبادية تؤدي في حضرة الكهنة أو رجال الدين المحترفين و انما هي نظام حياتي متكامل يقوم علي أداء سلوكي متصل و مستمر؛ و اذ أن المؤمن بها يعلم أن المراقب الذي لا تخفي عليه خافية هو الله الواسع العليم نفسه، فانه يجعل من نفسه مراقبا آخر عليها كي لا ينزلق أو ينحرف أو يخطأ. ان حسابه الأول و الأخير مع الله، و ان انتماءه لدينه انتماء حقيقي لا رياء فيه و لا مصانعة أو مداهنة أو نفاق.

كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي تماس دقيق و علاقة وثيقة بأولئك الذين أراد أن يكون منهم تلك الطليعة، و قد حاول هو شخصيا أن يتسلم زمام قيادة المجتمع و يدير أموره و ينظم شؤونه، و حاول أن يضفي علي علاقته بأفراده لمسة شخصية تشعرهم أنه معهم دائما، و أنهم قادرون علي اكمال الشوط الذي بدأه بنفس الاسلوب الذي أراده اذا ما اختفي من الساحة و توفي. و كانت هذه اللمسة الشخصية تشعر كل فرد من المسلمين بأنه قريب منه صلي الله عليه و آله و سلم و تجعله يتأثر به تأثرا مباشرا، و تجعل الامة تصل درجة من الحصانة و العصمة تضعها بعيدا عن الخطأ و الانزلاق و الوقوع في الفتن.

و طبيعي أن مهمة تربية الامة لم تكن لتتم من قبل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بتلك الكفاءة الفريدة لو لم يسيطر عليها و يهيمن علي مشاعرها تلك الهيمنة الابوية الحبيبة القريبة.

و كانت مهمة تربية الامة، التي لا يزال أغلب أفرادها يعيشون في ظل عقلية تحمل وجهين، جاهلي و اسلامي، اذ لم تختف القيم الجاهلية منها تماما، و لم تتح الفرصة لمن التحق بالاسلام من الطلقاء في عام الفتح و قبيله أن ينبذ عقليته الجاهلية، و ربما كان بعضهم لا يريد ذلك و أحني رأسه أمام الموجة الاسلامية الكاسحة.. مهمة


شاقة، ما كانت لتتم دون الاتحاد الشعوري المتعاطف بين الصفوة من أبنائها و قائدهم و امامهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و ما كانت مهمة يمكن انجازها خلال فترة و جيزة، هي البقية الباقية من حياة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بل كانت مهمة تستدعي مدة أطول قد تستوعب حياة أجيال بأكملها تكفي لتنقية الجو الاسلامي من كل رواسب الجاهلية و غبارها و عبثها، و من غير المعقول أن يكون من حمل من تلك الرواسب قدرا كبيرا، بقادر علي انجاز و اكمال مهمة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بنفس القدر الذي يستطيعه من تبرأ منها و من لم توجد في نفسه أصلا.

لقد تربي أميرالمؤمنين عليه السلام في حجر الرسول منذ طفولته المبكرة، و لم يحمل أية رواسب أو تصورات جاهلية، فقد كان أول من آمن به و فهم رسالته و وعاها و عاش كل أحداث الرسالة و همومها ما لم يعشها أو يعيها أحد غيره، و شارك بصنع الاحداث التي وقعت و كانت لها أهمية كبيرة في حياة المسلمين، و كان له حضور دائم و فاعل في كل حدث و قضية مهمة، و قد جعلته قدارته الاستثنائية لفهم الاسلام و شعوره العالي بالمسؤولية يصل درجة العصمة، و كان في كل أموره مسددا من الله، و لم ير سوي الاسلام وحده جديرا بأن يسيطر و يسود و يهيمن علي هذه الحياة. لقد هيمن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عليه بشكل تام كما هيمن عليه القرآن الكريم و تأثر بهما بشكل كلي لا مجال معه لتراجع أو مساومة أو تنازل [1] .


و كان هو المؤهل الوحيد لحمل الرسالة حملا واعيا صحيحا، و اكمال الشوط وفق رؤي و تصورات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ليكمل مهمته في اعداد تلك الطليعة العقائدية من الأمة التي تستطيع شدها للاسلام و جعلها تنظر اليه نفس نظرة الولاء الصادق التي تنظر بها هي اليه و تمحضه نفس الحب و الولاء.

و قد كانت مهمة الأئمة عليه السلام السير في هذا المضمار. و مع أنهم لم يتسلموا أي منصب فعلي لقيادة الامة، الا أنهم لم ينقطعوا عن مهمة هذه القيادة و اعداد الأمة لفهم مسؤولياتها و ادراك واجباتها علي ضوء الاسلام.

(... ان الأئمة عليه السلام بالرغم من التآمر علي اقصائهم عن مجال الحكم، كانوا يتحملون باستمرار مسؤوليتهم في الحفاظ عل الرسالة و علي التجربة الاسلامية و تحصينها ضد التردي الي هاوية الانحراف و الانسلاخ من مبادئها و قيمها انسلاخا تاما. فكلما كان الانحراف يطغي و يشتد و ينذر بخطر التردي الي الهاوية، كان الأئمة يتخذون التدابير اللازمة ضد ذلك. و كلما وقعت التجربة الاسلامية أو العقيدة في محنة أو مشكلة، و عجزت الزعامات المنحرفة عن علاجها بحكم عدم كفاءتها، بادر الائمة الي تقديم الحل و وقاية الامة من الاخطار التي كانت تهددها. و بكلمة مختصرة، كان الائمة يحافظون علي المقياس العقائدي و الرسالي في المجتمع الاسلامي، و يحرصون علي أن لا يهبط الي درجة تشكل خطرا ما حقا، و هذا يعني ممارستهم جميعا دورا ايجابيا فعالا في حماية العقيدة و تبني مصالح الرسالة و الامة..) [2] .

و تمثل موقف الائمة (في تعرية الزعامة المنحرفة اذا أصبحت تشكل خطرا ما حقا و لو علي طريق الاصطدام المسلح بها، و الشهادة في سبيل كشف زيفها و شل تخطيطها كما صنع الامام الحسين مع يزيد..

و تمثل الدور الايجابي للأئمة أيضا في تلك المعارضة القوية العميقة التي كان الائمة يواجهون بها الزعامات المنحرفة، بارادة صلبة لا تلين، و قوة نفسية صامدة لا تنزعزع، فان هذه المعارضة بالرغم من أنها اتخذت مظهر السلبية و المقاطعة في أكثر


الأحايين، بدلا من مظهر الاصطدام الايجابي و المقابلة المسلحة، غير أن المعارضة حتي بصيغتها السلبية كانت عملا ايجابيا عظيما في حماية الاسلام و الحفاظ علي مثله و قيمه.

و تمثل الدور الايجابي للأئمة في تموين الامة العقائدية بشخصيتها الرسالية و الفكرية من ناحية، و مقاومة التيارات الفكرية التي تشكل خطرا علي الرسالة و ضربها في بدايات تكونها من ناحية أخري..) [3] .

لقد برز الدور القيادي للأئمة عليه السلام بشكل واضح علي أفراد عديدين من أبناء الأمة وجعلهم يستجيبون للرسالة الاسلامية استجابة واعية و جعلهم طليعة لجماهير اسلامية أوسع عددا و أوضح رؤية.

و لذلك كان الحكام يرون في الأئمة و قد استلموا زمام القيادة الشعبية الفعلية خطرا عليهم، و كان لابد من شن حرب مضادة يتزعمها هؤلاء الحكام للحفاظ علي عروشهم.. و قد فعلوا ذلك، و رأينا كيف شنت حرب ظالمة علي الأئمة عليه السلام و كيف حاول أولئك الحكام منعهم من الاتصال بالامة و التأثير فيها، الا أنهم فشلوا في ذلك رغم جهودم الحثيثة و لم يستطيعوا منع الامة من الاستجابة لهم و السير خلفهم، و بقي الأئمة عليهم السلام - في نطاق مهمتهم الواسعة للحفاظ علي الاسلام و منه الانحراف المتزايد - يسعون باستمرار لتكوين الطليعة العقائدية التي تملك قدرا من الفهم و الاستيعاب و التصور يمكنها من حماية الاسلام و الأمة.

كان تشكيل فصائل جديدة من هذه الطلائع، الضمانة الوحيدة لتجنيب الأمة خطر السقوط و الانهيار و ابقائها علي درجة كبيرة من الانتباه و الوعي و تحصينها ضد الانحراف الذي قد تنجرف اليه بفعل مقصود مخطط له و تكتوي بناره و شروره.

(.. ان الائمة لم يكونوا يرون الظهور بالسيف و الانتصار المسلح آنيا كافيا لاقامة دعائم الحكم الصالح علي يد الامام. ان اقامة هذا الحكم و ترسيخه لا يتوقف في نظرهم علي مجرد تهيئة حملة عسكرية، بل يتوقف قبل ذلك علي اعداد جيش عقائدي يؤمن بالامام و عصمته ايمانا مطلقا، ويعي أهدافه الكبيرة و يدعم تخطيطه في مجال الحكم و يحرس ما يحققه للأمة من مكاسب.


و علي هذا الأساس استلم أميرالمؤمنين زمام الحكم في وقت توفر فيه ذلك الجيش العقائدي الواعي متمثلا في الصفوة من المهاجرين و الانصار و التابعين من أصحابه ضي الله عنهم..) [4] .

و كما عمل رسول الله صلي الله عليه و آله علي ربط الكتلة المؤمنة به شخصيا و جعلها تشعر أنها تنتمي اليه بشكل خاص بغض النظر عن نسبها أو انتمائها القلبي أو العرقي، و حاول تربيتها و اعدادها لتقوم بنشر الرسالة و عدم السماح للقيم الجاهلية بالعودة و الانتشار و لو بشكل جديد مموه، فان مهمة الائمة عليهم السلام أخذت نفس هذا النمط فيما بعد.

و قد رأينا اقدام آل بيت الرسالة ممن رافقوا الحسين عليه السلام الي الكوفة، و كيف اندفعوا دون تردد أو تحفظ عندما رأوا امامهم و قدوتهم و مربيهم يندفع للموت عندما رأي أنه الطريق الوحيد لايقاف الانحراف القوي المتسارع، و قد ظلوا علي نفس الدرجة من الحماس منذ بداية مسيرهم و حتي استشهادهم في ساحة المعركة.. كما رأينا كيف أن مجموعة من أصحابه، رغم أن بعضهم لم يكن علي علاقة شخصية مباشرة به من قبل، قد آمنت بصحة توجهاته و ضرورة ثورته في ذلك الوقت بالذات و تأثرت به الي الحد الذي جعلها لا تتردد هي أيضا عن المضي معه الي النهاية.

و قد فعل آخرون فعلهم بعد ذلك؛ ساروا علي نفس الطريقة، مع أنهم لم يروه، كما سار علي نفس طريق الرسول الكريم صلي الله عليه و آله أناس لم يروه من قبل أيضا.

لقد أفرزت مسيرة الحسين عليه السلام و ثورته بوجه الحكم الاموي السائر نحو الفرعونية، مجموعة من أبناء الأمة، منحت ولاءها له، علي مر العصور، دون تحفظ أو تردد، بعد أن أدركت أن مسيره كان من أجل الاسلام و من أجل الأمة، و أنه لم يسع لتحقيق أية منافع شخصية، و أنه علي العكس من ذلك عرض نفسه و عائلته لأكبر هجمة شرسة قدر أن يشهدها المسلمون في تاريخهم بسبب موقفه المبدئي المعلن ذاك و بسبب مواجهته الحاسمة لدولة الظلم.

و كانت تلك الكتلة المؤمنة، و قد أعلنت تشيعها له، قد قصدت بذلك اعلان تشيعها لرسول الله صلي الله عليه و آله و للرسالة الكريمة المبرأة من التحريف و الغش و الدجل و التزوير.


و لا نحسب أن أولئك الذين تشيعوا و انحازوا لآل البيت عليهم السلام طواعية و عن وعي، و اختاروا أن يسيروا علي درب رسول الله صلي الله عليه و آله و الائمة عليهم السلام، هم نفس بعض أولئك الذين وجدوا أنفسهم ينحدرون بالنسب الي أولئك و يتبنون عقيدتهم بالظاهر، الا أنهم قد جرفوا بنفس تيارات الانحراف التي جرفت أعدادا هائلة من المسلمين الآخرين ممن هم من غير الشيعة، في سياق الحملة المنظمة التي تشن علي الاسلام من قبل أعدائه المتمرسين بالعداوة و الشر، و التي تستهدف كل طوائف المسلمين دون تفريق بينهم في هذا المجال.

لم يسع الأئمة عليهم السلام سعي غيرهم للوصول الي السلطة من خلال أجواء تآمرية أو حيل سياسية كما فعل العباسيون أو غيرهم [5] ، و لم يريدوا أن تتبعهم فئة محدودة من الأمة أو تنصرهم لكي يفوزوا بالسلطة و الحكم، و انما أرادوا الامة كلها أن تتبعهم و تسير خلفهم مقتدية بهم.

الائمة عليهم السلام هم أبناء رسول الله صلي الله عليه و آله و نتاج دعوته و تربيته و اعداده و الصفوة المختارة المؤهلة لحمل رسالته حملا واعيا يتصف بأعلي قدر من المسؤولية، و لذا فمن غير المعقول أن يتجهوا الي شريحة واحدة من الأمة أو طائفة منها لاستمالتها دون سواها لتدين لهم بالولاء الشخصي المجرد لتحقيق منافع أو مكاسب شخصية دون النظر الي مصلحة الاسلام و مصلحة الامة عموما، و ذلك اتهام أطلقه خصومهم لصرف الانظار عن القيادات الفرعونية التي لجأت الي شتي الأساليب للاستحواذ علي الملك و عرضت القضية علي جماهير المسلمين كقضية منافسة بين أبناء (الصفوة) من قريش، فاز فيها هذا (الشريف) بينما فشل منافسوه الآخرون.


و حسبنا أن نعيد مقولة معاوية بهذا الشأن - و التي تطرقنا اليها و الي دوافعها في هذا الكتاب: انه لم يبق الا ابني و أبناؤهم، فابني أحق من أبنائهم.

و هي مقولة ماكرة تريد أن تؤكد أن الامر أمر ملك، و أن هولاء (الصفوة) من آل عبدمناف هم أصحاب الحق فيه فقط. و أن أكثرهم جدارة له هو ابن صاحب العرش الحالي معاوية.. و هكذا سعي سعيه للاستحواذ عليه وصرفه لابنه متناسيا و متجاهلا كل ما جاء به الاسلام بخصوص الخلافة و لم ير أنه قد تمادي ما دام قد وصل هو نفسه الي السلطة، و هو أعلم الناس بنفسه و مدي ابتعاده عن الاسلام.

حاول الائمة من أهل البيت طوال حياتهم استمالة الامة كلها الي جانب الاسلام الذين جسدوه هم بسلوكهم و أفعالهم، و كان ذلك يبدو الهدف الوحيد الذي عملوا له بمثابرة وجده استغرقا كل لحظة بل كل دقيقة من تلك الحياة الحافلة، و قد أوضحوا مواصفات الكتلة المؤمنة التي تمنوا أن تبرز بين صفوف الأمة، و من أرادوهم أن يكونوا شيعة لهم و لرسول الله صلي الله عليه و آله و الاسلام.. و كانت مواصفاتها نفس تلك التي أرادها رسول الله صلي الله عليه و آله و القرآن للمسلمين بشكل عام [6] .


و اذا فان هذه الطليعة العقائدية لم يرد لها أن تبرز من بين فئة محدودة من الامة بعينها، بل من الامة كلها.. بل كل الأمة تكون طليعة عقائدية ممتازه لمن سيأتي بعدها من الأمم ان أمكن ذلك. و قد رأينا أن أعدادا كبيرة ممن ناصروا الأئمة أو ناصروا الثوار من آل محمد، لم يكونوا من شيعتهم من قبل، و قد ساندوهم و وقفوا خلفهم عندما رأوا عدالة قضيتهم و أنهم علي حق و أن المثل الأعلي للمسلم الغيور علي الاسلام حقا و الذي يتمتع بأعلي قدر من المسؤولية، يتمثل بهم عليهم السلام قبل غيرهم.

ان شيعة علي أو الحسين أو غيرهم من الأئمة - عليهم السلام - هم من يناصرون الاسلام و ينتصرون له و يقفون الي جانبه و يضحون من أجله، اسلام


محمد صلي الله عليه و آله و سلم الصافي النقي، لا اسلام معاوية و يزيد و عبدالملك و الوليد و المنصور و المتوكل و أشباههم..

لا يفهمن أحد أن تولي عليا و الحسين عليه السلام حكرا علي جماعة محدودة من المسلمين، كما لم يكن تولي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حكرا علي جماعة محدودة منهم أيضا... فالاسلام جاء عن طريق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و هؤلاء وقفوا حياتهم في سبيله و في سبيل كل المسلمين لا يفرقون بين أحد منهم، و يتمنون أن يكونوا جميعا تحت خيمته الكبيرة، لا تحت خيام الطغاة الصغيرة الموبوءة.

و لا يفهمن أحد أن ثورة الحسين كانت من أجل جماعة محدودة من المسلمين، كما لم تكن من أجل تحقيق هدف خاص، يتعلق بآل البيت أنفسهم.. و قد رأينا - بما لا يقبل الشك - أنها قامت من أجل المسلمين كلهم، في كل زمان و مكان، و أنها الامر الوحيد الذي كان كفيلا بانتشالهم من وهدة الانحراف و خطر الشرك و الطواغيت و لا عجب ان رأينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يعلن انتماء الحسين له، و هو من أرسله الله بهذا الدين القويم، و انتماءه للحسين، الذي بعث هذا الدين ثانية بعد أن تعرض لأخطر هجمة كادت تفنيه و تمحوه [7] ... فرابطة النسب الوثيقة عززت منها و قوتها رابطة الاسلام الذي تفاني كلاهما لتثبيته و تمكينه في الارض بعيدا عن سلطان الطواغيت و الشرك.

و أخيرا...

لو نظرنا بمنظار الاسلام و مقاييسه و تساءلنا: هل انتصر الامام الحسين؟ لكان الجواب حتما: نعم، انتصر، لأن الاسلام عاش و انتصر، و ظل قائما، يرقب المسلمون اليوم الذي يسود فيه و يحكم، و لم يقطعوا هذا الأمل في أي يوم من الأيام، و لم يندثر، كما كان مقررا له، لو أن الحسين عليه السلام لم يوقظ الأمة من سباتها و يقيمها من كبوتها، و يشخص أمام ضميرها دائما كمعترض أبدي و شاجب و محارب للظلم و الانحراف و الشرك و الطاغوت..

و يجب أن ننبه هنا الي أننا نبتعد عن المقاييس البشرية المحدودة الصغيرة، و نتعامل مع المقياس الالهي الكبير العام الشامل الذي يضعنا أمام تجربة عظيمة - هي


تجربة الاسلام الكاملة المنزلة من الله عزوجل - و ضمان نجاحنا فيها هو اثبات انحيازنا الواعي الارادي الحر لهذا الدين و هذه التجربة الكاملة التي تمتد عبر العصور و تتجاوز الأمكنة و الحدود..

لقد انتصر الحسين عليه السلام للاسلام، و انتصر الاسلام، و انتشر و عاش علي مستوي العقيدة و المبادي ء رغم عبث العابثين و الأعداء، و لا يزال المستقبل له، و له وحده، فقيه من مقومات البقاء و الحياة ما يجعله بمأمن من السقوط و الاندثار... و هو الذي جعله متمكنا من النفوس التي تذهب الي حد الاستشهاد في سبيله ليظل حيا قائما، رغم الاعداء الالداء المنظمين الذين أعدوا أسلحتهم دائما للقضاء عليه، و منهم من انتموا اليه في الظاهر و عملوا علي تهديمه و القضاء عليه في الباطن و ان ادعوا الحرص عليه و التباكي من أجله.

لم يحفل تاريخنا بنماذج معروفة من هؤلاء الأعداء الذين كان ضررهم علي الاسلام و المسلمين أشد من ضرر أعدائه التقليديين المكشوفين؟

و ما كان ليصمد لهم لو لم تكن فيه كل مقومات الحياة الطبيعية، و لو لم يتمكن من النفوس التي عرفت أن فيه و فيه وحده مستقبلها و حياتها و سعادتها.. بل و مستقبل و حياة و سعادة البشرية جمعاء.

لقد صمد الحسين عليه السلام و ساد لانجاز مهمته دون تردد، و لم ينهزم أمام المخاوف البشرية العادية و قد لوح بها العديدون أمامه بصورة تهديدات و تحذيرات مختلفة طيلة مسيره من المدينة الي الكوفة مرورا بمكة كما رأينا، مذكرينه بالعنف الاموي ما يمكن أن يحل به اذا ما بقي مصرا علي مواجهته.

لقد انتصر علي تلك المخاوف، و أثبت للأمة أن التضحية بالحياة لا تشكل خسارة كبيرة أمام النتائج المتوقعة من ثورته، بل أن حفنة قليلة متبقية من سني العمر لا تعد شيئا ذا بال أمام ما سوف يتحقق علي صعيد البناء العقائدي في نفوس أبناء الأمة المسلمة.

و هكذا، فليس لنا أن نناقش قضية انتصار الامام الحسين عليه السلام و ثورته، من وجهة نظر غير اسلامية قد لا تري ما يراه المسلمون، فكل يستعمل أدواته الخاصة و طرائقة في الدراسة و النظر، و علينا أن لا نستعير أدوات غيرنا و ننظر بعيونهم و نطل علي العالم من خلال عقولهم، قبل أن نتأكد من صلاحية و سلامة الأدوات التي


تخصنا، و ليس فيها ما يثبت عدم قدرتها علي تلبية حاجاتنا و اجابة مطاليبنا. بل لعل أولئك الذين لم يعرفوها أو يكتشفوها بعد، هم الأكثر عجزا عن فهم قضايانا و فهم هذا الدين... و ان كان هذا أمر واقعا اليوم، فما نظنه سيظل هكذا في المستقبل، بعد أن تكون البشرية أكثر نضجا و وعيا و انفتاحا، و بعد أن تتخلص من سيطرة التيارات المظللة التي تعبث و تتلاعب به، و بعد أن تطل علي الاسلام اطلالة بعيدة عن التعصب الأعمي و المواقف المسبقة المتجنية و التكريس لمصالح أقلية مستغلة تريد أن تفرض سيادتها دائما علي هذه الارض.

(... ان وعد الله قاطع جازم: (انا لننصر رسلنا و الذين ءامنوا في الحيوة الدنيا) [8] .. بينما يشاهد الناس أن الرسل منهم من يقتل، و منهم من يهاجر من أرضه و قومه مكذبا مطرودا، و أن المؤمنين فيهم من يسام العذاب و فيهم من يلقي في الأخدود، و فيهم من يستشهد، و فيهم من يعيش في كرب و شدة و اضطهاد. فأين وعد الله بالنصر لهم في الحياة الدنيا؟ و يدخل الشيطان الي النفوس من هذا المدخل، و يفعل بها الافاعيل! و لكن الناس يقيسون بظواهر الامور، و يغفلون عن قيم كثيرة و حقائق كثيرة في التقدير. ان الناس يقيسون بفترة قصيرة من الزمان، و حيز محدود من المكان. و هي مقاييس بشرية صغيرة. فأما المقياس الشامل، فيعرض القضية في الرقعة الفسيحة من الزمان و المكان، و لا يضع الحدود بين عصر و عصر، و لا بين مكان و مكان. و لو نظرنا الي قضية الاعتقاد و الايمان في هذا المجال لرأيناها تنتصر من غير شك. و انتصار قضية الاعتقاد هو انتصار أصحابها، فليس لأصحاب هذه القضية وجود ذاتي خارج وجودها. و أول ما يطلبه منهم الايمان أن يفنوا فيها و يختفوا هم و يبرزوها!

و الناس كذلك يقصرون معني النصر علي صور معهودة لهم، قريبة الرؤية لأعينهم. و لكن صور النصر. شتي و قد يلتبس بعضها بصور الهزيمة عند النظرة القصيرة.

ابراهيم عليه السلام و هو يلقي في النار فلا يرجع عن عقيدته و لا عن الدعوة اليها.. أكان في موقف نصر أم في موقف هزيمة؟ ما من شك - في منطق العقيدة -


أنه كان في قمة النصر و هو يلقي في النار. كما أنه انتصره مرة أخري و هو ينجو من النار. هذه صورة و تلك صورة. هما في الظاهر بعيد من بعيد. فأما في الحقيقة فهما قريب من قريب!

و الحسين - رضوان الله عليه - و هو يستشهد، في تلك الصورة العظيمة من جانب، المفجعة من جانب؟ أكانت هذه نصرا أم هزيمة؟ في الصورة الظاهرة، و بالمقياس الصغير كانت هزيمة. فأما في الحقيقة الخالصة و بالمقياس الكبير فقد كانت نصرا. فما من شهيد علي الارض تهتز له الجوانح بالحب و العطف، و تهفو له القلوب و تجيش بالغيرة و الفداء كالحسين رضوان الله عليه. يستوي في هذا المتشيعون و غير المتشيعين، من المسلمين، و كثير من غير المسلمين!

و كم من شهيد ما كان يملك أن ينصر عقيدته و دعوته و لم عاش ألف عام، كما نصرها باستشهاده. و ما كان يملك أن يودع القلوب من المعاني الكبيرة، و يحفز الألوف الي الأعمال الكبيرة، بخطبة مثل خطبته الاخيرة التي يكتبها بدمه، فتبقي حافزا محركا للأبناء و الأحفاد. و ربما كانت حافزا محركا لخطي التاريخ كله مدي أجيال..) [9] .

و لن نذكر - في هذه الدراسة - تخرصات المتخرصين و الاعداء و ادعاءاتهم و أباطيلهم بشأن هذه الثورة العظيمة، فهؤلاء ان كانوا من غير المسلمين أو انتموا اليهم اسميا بحكم انحدارهم من أهل من المسلمين، فانهم شأنهم، و ان كانوا من المسلمين فأنهم يضعون أنفسهم دون فهم أو وعي مع الطواغيت و أعداء الاسلام و يقدمون لهم خدمات كبيرة تنقلب ضدهم شخصيا فيما بعد و ضد الجماهير الواسعة من أبناء الأمة الآن و في كل وقت. فالاسلام كله و معاركه و ثورات الصفوة من أبنائه و في مقدمتها هذه الثورة الرائدة لهم أيضا، كما أنها لغيرهم من المسلمين، و اذ انتصر فيها الحسين علي الظلم و الانحراف و أثبت قدرته مواجهتهما و التصدي لهما فانه أثبت بذلك قدرة الأمة كلها علي ذلك و أثبت امتلاكها مقومات تلك المواجهة و ذلك التصدي، و ان اختلفت و تعددت أشكال الظلم و الانحراف و اختلف الظالمون و اختلفت الأمكنة و الأزمنة.


و بعد

فهل يحسبن أحد أن تلك الثورة كانت أو ستكون مبعث سرور و سعادة لحكام السوء و طواغيت الأمة و سراق الشعوب، و قد كانت مصدرا لكل ثورات المسلمين ضدهم علي امتداد التاريخ الاسلامي، بل أنها كانت مصدر كل ثورة حملت أهدافا و شعارات نبيلة في العالم..؟ و هل يسرهم أن ثورة بتلك القوة، و ذلك المضاء، و قد صدرها الحسين عليه السلام لكل المسلمين، في كل مكان، لاقامة دولة الاسلام، ستكون موضع ترحيب من قبل كل المسلمين..؟

ألسنا نري - و نحن شهود عيان - كيف حوربت الثورة الاسلامية في ايران - و هي امتداد لها، و فرع كبيرة منها - بحجج مختلفة، منها أن الثوار وعدوا بتصدير ثورتهم الي خارج ايران، و هذا ما اعتبره اعداء الاسلام تدخلا في شؤون ممالكهم و امبراطورياتهم التي استولوا علي مقدراتها بالقوة و الاكراه و بكل الوسائل غير المشروعة، مع أن الثورة قد صدرت فعلا و أدت رسالتها منذ اليوم الأول لقيام الجمهورية الاسلامية، دون محاولة مباشرة أو غير مباشرة للتدخل في شؤون أي بلد؛ فالاسلام أصبحت له الآن الحاكمية في رقعة مهمة من الوطن الاسلامي، بعد أن فقد المسلمون الأمل في ذلك طيلة مئات السنين، و أصبح من الممكن أن تعاد التجربة في كل مكان من هذا الوطن الكبير بعد أن كادت تكون شبه مستحيلة. و هذا هو الذي أرعب أعداء الاسلام و مناوئيه، و جعلهم يستنفرون كل قواهم لمحاربته و قمع الطلائع الواعية من أبنائه، لمنع أية تجربة مماثلة لتلك التجربة الفريدة..

و لئن أفلتت ايران من قبضتهم، رغم كل الآمال التي أخذوا يعلقونها لاستعادتها ثانية، و ضمها الي ركب عروش الطواغيت، و رغم حملات الشر التي استنفروا لها كلابهم المسعورة في المنطقة، فان تلك القبضة الجاسية بخناق أبناء الاسلام في العراق و الجزائر و مصر و شبه الجزيرة العربية و غيرها من أقطار الاسلام، قبل أن ينظموا صفوفهم، و يوجهوا بدورهم ضربة أخري اليهم و يقيموا دولة الاسلام في بقعة أخري..

و بالتأكيد فان اهداف أعداء الاسلام هذه لن تنجح، حتي و ان استطاعوا النيل من هذه الثورة - لا سمح الله - فما دامت قد قامت و بقيت قرابة عشرين عاما تغذيها و تحرسها دماء أبناء الحسين، في جو مشحون بالعداوة و الشر، و هي فترة أطول من فترة حكومة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المدينة، فان الأمل ببقائها و استمرارها سيظل مثلما


ظل الأمل بعودة حكومة الرسول و خلفائه عليهم السلام قائمه كذلك، و سيظل الامل قائما بحكم الاسلام في كل أقطاره الأخري..

و لئن كانوا يخافون الشيعغة و يحذرونهم لأنهم لا يسيرون بركان دولة الظلم، أو لأن المطلوب منهم وفق منهج أئمتهم عليهم السلام تلاميذ الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و أبنائه، أن لا يسيروا بركان هذه الدولة و ولاة الأمر الذين نصبوا أنفسهم ملوكا و رؤساء و قادة و خلفاء و أمراء للمؤمنين و ما أشبه و أعطوا لأنفسهم من الاسماء و الألقاب أكثر مما عرف المسلمون لله - عزوجل سبحانه -، و أعطوها من الصلاحيات ما اختص به وحده جل و علا.

و لماذا الخوف من المسلمين الآخرين، و لماذا استنفر (أوليا الأمر) المزيفون كل جهدهم للقضاء عليهم؟ أليس (ولي الأمر) منهم يدعي أنه ممثل الاسلام و ظل الله في الارض؟ ألا يدعو هؤلاء الي اقامة حكم الاسلام الذي يدعي (ولي الامر) تمثيله؟

لا شك أن السر أصبح مكشوفا و لم يعد سرا و انكشفت الاقنعة و البراقع أن الوجوه. فالاسلام لا يقبل أن يعيش بناؤه في ظل دولة الظلم و يرفضها رفضا قاطعا.

و تلك كانت وصايا القرآن و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و خلفائه من أهل بيته عليهم السلام و الخلص من صحابته رضوان الله عليهم، و سيرتهم تشهد بذلك..

و لئن حصل أن سار في ركابها عدد كبير من وعاظ السلاطين و علماء السوء المأجورين و مزوري الحديث و واضعيه و فقهاء السوء و المتاجرين بشعارات التفرقة و الشتائم، و غيرهم، فان ذلك الرفض الحاسم لها الذي أعلنه الامام الحسين عليه السلام قلب كل موازناتها و حساباتها، فقد استطاع أن يوصل صوته المعبر القوي الي كل الأمة، لا المتشيعين من أبنائها و حسب، و ان لم تدر أعداد كبيرة منهم أن هذا الصوت الذي أثر فيهم و أوقظهم هو صوته.

و لا نحسب أن ذلك يهمه ما دام هو صوت الحق الذي يسمعونه و يعونه و يستجيبون له..

فمعركته في كربلاء لم تنته، و قد امتدت مع امتداد الرقعة الواسعة الفسيحة من الزمان و المكان الي يوم تمتلي ء الارض قسطا و عدلا بعد أن ملئت ظلما و جورا و الي أن يرث الله الأرض و من عليها.

و لئن يحقق المسلمون نصرا في كل حين، فان الحسين عليه السلام يحسب حتما أنه


هو الذي يحقق هذا النصر، و أنه نتيجة مواقفه و تضحياته الكبيرة، كما أنه نتاج كل التضحيات الكبيرة لشهداء الاسلام و المجاهدين الذين قدموا كل شي ء في سبيل حفظه و صيانته من عبث العابثين و الطامعين و الاعداء.. و هذا هو الأمر الواقع بمفهوم الاسلام و تصوره.

فما دام قد انتصر للاسلام و تمني له أن يسود الي الأبد و بذل دمه في سبيل ذلك، فلا نعتقد أنه كان يري أن ساحة صغيرة من أرض كربلاء دارت فيها رحي واقعة الطف، قد مكنت أعداءه من التغلب عليه نهائيا رغم أنهم استطاعوا قتله و قتل أصحابه، و لا بد أن جولته في تلك الساحة هي التي مهدت للجولات الأخري في الساحات الأخري و مهدت لكل نصر لا حق لا بد أن يتحقق في يوم من الأيام، و لا بد أنه يري نفسه في تلك الساحات و يري أنه يقود المسلمين فيها، و سيكون كل نصر يحققونه بفضل دمه النقي الذي طعم به دماء أبناء الأمة علي أرض كربلاء و يسقيها لتظل دوحة الجهاد و الثورة باسقة لا تستطيع رياح الظلم و الانحراف امالتها و اقتلاعها.

أليس هو الاسلام، ذلك الدين يقيم وزنا كبيرا للتعاطف النبيل البناء و المشاعر الزاخرة بالحب للمجاهدين و المضحين؟ ان أمنيات صادقة بانتصارهم تجعلك في عدادهم و في عداد شهدائهم [10] .

ان نظرة واعية لثورة الحسين تجعل أعدادا كبيرة من المسلمين تتمني لو كانت حقا في صفوف أنصاره في واقعة الطف الذين تغلبوا علي المخاوف و الاطماع البشرية العادية.

و ندرك حقيقة النصر الكبير الذي حققوه في ظل قائدهم العظيم، و الذي لم تستطع كل قوي البغي و الظلم و الانحراف ازالة آثاره رغم محاولاتها الدؤوبة العنيدة.. فمن غير المعقول أن يوجه أعداء الاسلام كل أسلحتهم ضد عدو و همي لا وجود له أو عدو صغير لا قوة له و لا تأثير.


و من غير المعقول أن يستهدفوا باللمز و التجريح أحداثه الكبيرة و شخصياته العظيمة دون أن يروا لها أي تأثير في بناء هذه الأمة و تربيتها.

ألم توجه الأقلام المسمومة بأشد النقد الي نبي الاسلام نفسه صلي الله عليه و آله و سلم طيلة قرون عديدة من قبل ناس تستروا بالاسلام [11] و ادعوا انتسابهم اليه، و طيلة احتدام أوار الحروب الصليبية و ما بعدها، و لا تزال تتوجه بسمومها و سهامها اليه رغم الادعاء بانتهاء تلك الحروب..؟

و لماذا هذه الحفاوة الحميمة بكاتب مثل سليمان رشدي يزور قصصا و حكايات مضحكة و ينسبها لسيد الرسل صلي الله عليه و آله و سلم ضاربا عرض الحائط بمشاعر مئات الملايين من المسلمين؟ أكل ذلك حبا بحرية الكلمة و الرأي؟ أم لأن الاسلام يرفض كل أشكال الظلم و الاستغلال و حياتهم لا تقوم الا علي الظلم و الاستغلال؟

و اذ أن الصراع اتخذ مسارا جديدا و أساليب مبتكرة، فقد بدا لأعداء الاسلام أن يلجأوا الي ما كان قد حقق نتائج باهرة لصالحهم، و هو شن الحرب عليه من الداخل و من قبل ناس متسترين بالاسلام بل و أكثرهم ادعاء بأنهم أشد الناس حرصا عليه و تفانيا في سبيله.. و هي خطة ماكرة انطلت علي أعداد كبيرة من المسلمين الذين دخلوا غمار صراعات و حروب جانبية بينهم و تركوا عدوهم اللدود مسرورا بما دبره لهم و جعله جديرا أن يكون سيدهم بعد أن سيطر علي مقدراتهم و ثرواتهم..

ان التعرض بالنقد و الشتائم و التجريح لآل الرسول و مواليهم السائرين علي خطهم تستهدف الاسلام نفسه و الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم.

و لئن يحسب أعداء الاسلام أنهم منتصرون ما داموا يلحقون الاذي بالمسلمين بهذا الشكل المنقطع النظير و يسلطون عليهم كلابهم المسعورة تنهش لحومهم و تمتص دماءهم، فانهم يقعون في خطأ كبير، ما دامت أعداد كبيرة من هؤلاء المسلمين - و في


كل الاقطار الاسلامية - يرون أن النصر لهم هم حتما ما داموا قد نظروا الي الامور كلها بوعي الاسلام و بصيرته و ما داموا قد آثروا طريق الجهاد و التضحية و درب الشهداء البدريين و شهداء الطف الذين نصروا الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و نصروا الحسين عليه السلام و نصروا الاسلام.

أليس وعد الله قاطع جازم:(انا لننصر رسلنا و الذين ءامنوا في الحيوة الدنيا و يوم يقوم الاشهاد)؟ [12] .

(ان تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم) [13] .

(و لينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز) [14] .

(و كان حقا علينا نصر المؤمنين) [15] .

و من أصدق وعدا و قولا من الله؟

أي حس صاف كان لأميرالمؤمنين عليه السلام ليري بعين البصيرة الصادقة أعدادا من المؤمنين لم يولدوا بعد يشاركونه معارك تلك الجولة ضد الناكثين في (الجمل). إنه يري أن الامة ستظل دائما مع الاسلام و ستتطع اليه كامل وحيد لتخليصها من طواغيت الشرك و الظلم، و سيرعف الزمان بمئات الآلاف منهم يتصدون لهم بصدورهم و دمائهم.

و اذ أنه أول مدافع عن الاسلام بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أول من أجاب دعوته و لبي نداءه و سمع صوته فانه يري نفسه أمام تلك الطليعة التي ستلبي دعوة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم تلبية صادقة و تنطلق للدفاع عن الاسلام حتي و ان بعدت الشقة و طال الزمان..

ما دام هواهم معه و ميلهم اليه و الي الاسلام المحمدي لا الاسلام الاموي المزيف، و سيشهدون معركته تلك و كل معاركه كما شهدها المقاتلون معه و المستشهدون بين يديه. و سيكونون هم الذين يجعلون الأمة تنتبه الي قوة الاسلام


و عظمته و قوتها و عظمتها هي ان تمسكت به و أبدت استعدادها للدفاع عنه و التضحية من أجله..

أليس هذا هو ما يحصل حقا كل يوم علي المتداد تاريخنا الطويل الحافل؟

ألا نشهد دائما قوافل المشاركين بمعارك الاسلام التي لا تختلف أهدافها عن المعارك الأولي التي كانت تهدف الي نصرة الاسلام؟

هل بدر و أحد و الجمل و صفين و الطف الا معارك تتجدد كل حين و حتي اليوم و ان اتخذت أسماء أخري و جرت في مواقع مختلفة؟

و أن تظل المعارك سجالا، فحسب الصفوة المؤمنة أنها تري نفسها منتصرة علي أية حال، سواء حققت النصر علي أيديها أو أنه سيتم بعد جولة أخري أو جولات، فهذا هو منطق الاسلام، و هذه هي لغته.


پاورقي

[1] و قد قال هو عليه‏السلام مخاطبا جماعة من المسلمين: (... و قد علمتم موضعي من رسول الله - صلي الله عليه و آله - بالقرابة القريبة، و المنزلة الخصيصة، وضعني في حجره، و أنا ولد، يضمني الي صدره، و يکنفني في فراشه، و يمسني جسده، و يشمني عرفه، و کان يمضغ الشي‏ء ثم يلقمنيه، و ما وجد لي کذبة في قول، و لا خطلة في فعل. و لقد قرن الله به - صلي الله عليه و آله - من لدن أن کان فطيما، أعظم ملک من ملائکته، يسلک به طريق المکارم، و محاسن أخلاق العالم، ليله و نهار. و لقد کنت أتيعه اتباع الفصيل اثر أمه، يرفع لي في کل يوم من أخلاقه علما، و يأمرني بالاقتداء به. و لقد کان يجاور في کل سنة بحراء فأراه، و لا يراه غيري. و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله - صلي الله عليه و آله - و خديجة و أنا ثالثهما، أري نور الوحي و الرسالة، و أشم ريح النبوة.

و لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه - صلي الله عليه و آله - فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته. انک تسمع ما أسمع، و تري ما أري الا أنک لست بنبي ولکنک لويزر، و انک لعلي خير». نهج‏البلاغة ص 301 - 300.

[2] دور الائمة 12 - 11 وترينا الدراسات العديدة و في مقدمتها دراسات الشهيد محمد باقر الصدر (قده) وحدة مواقف الائمة عليهم‏السلام في هذا المضمار و في المضامير الأخري و عملهم في ايقاف الانحراف و منعه مع أن أساليبهم اختلفت وفقا لتغيير الظروف و الاحداث.

[3] المصدر السابق ص 15 - 14 - 13.

[4] نفس المصدر ص 22.

[5] و هو ما جعل العديدين من الکتاب يشيدون بالعباسيين لأنهم نجحوا بالوصول الي السلطة بأسالييهم المعروفة - و قد تحدثنا عنها في هذا الکتاب - و لو أنهم فشلوا لکانت حصتهم من اللوم و التقريع من حيل هؤلاء الکتاب حصة لا بأس بها.. و ننقل نصا لأحدهم هنا: (.. هنا نجد حرکة، أو قل ثورة ناجحة، و هي من أخصب التجارب.. و تدل خطة العباسيين علي ذکاء و خبرة بالامور السياسية و الاجتماعية و معرفة عميقة بنفسية الناس..) - محمد سليمان العبدة / حرکة النفس الزکية - دار الأرقم - الکويت ط 1404 - 1 ه ص 45.. و کأن الکاتب يناقش هنا حرکة انقلابية عادية لا علاقة لها بالاسلام و عقيدته و قيمه العليا، و يناقشها علي هذا الأساس.

[6] (في الکافي و أمالي الصدوق عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال الباقر عليه‏السلام: أيکتفي من ينتحل التشيع أن يقول بمحبتنا أهل البيت، فو الله ما شيعتنا الا من اتقي الله و أطاعه. و ما کانوا يعرفون يا جابر الا بالتواضع و التخشع و الامانة و الانابة، و کثرة ذکر الله و الصوم و الصلاة و البر بالوالدين و التعهد للجيران من الفقراء و أهل المسکنة و الغارمين و الأيتام، و صدق الحديث و تلاوة القرآن و کف الألسن عن الناس... لا تذهبن بذلک المذاهب، حسب الرجل أن يقول: أحب عليا و أتولاه، ثم لا يکون مع ذلک فعالا. فلو قال: اني أحب رسول الله صلي الله عليه و آله، فرسول الله خير من علي صلي الله عليهما، و علي آلهما و سلم ثم لا يتبع سيرته و لا يعمل بسنته، ما نفعه حبه شيئا، فاتقوا و اعملوا لما عند الله. ليس بين الله و بين أحد قرابة. أحب العباد الي الله عزوجل أتقاهم و أعملهم بطاعته. يا جابر فو الله ما يتقرب الي الله تبارک و تعالي الا بالطاعة. و ما معنا براءة من النار. و ما لنا علي الله من حجة. من کان لله مطيعا فهو لنا ولي. و من کان لله عاصيا فهو لنا عدو، و لا تنال ولايتنا الا بالعمل و الورع.

و عن الرضا عليه‏السلام:... شيعتنا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزکاة، و يحجون البيت الحرام، و يصومون شهر رمضان، و يوالون أهل البيت و يتبرؤن من أعدائهم..

و عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام: اختبروا شيعتي بخصلتين، فان کانتا فيهم فهم شيعتي: محافظتهم علي أوقات الصلوات، و مواساتهم مع أخوانهم المؤمنين بالمال. و ان لم تکونا فيهم فأعزب، ثم أعزب..).

شجرة طوبي / الشيخ محمد مهدي المازندراني الحائري / المطبعة العلمية / النجف الاشرف 1369 ه ص 6 - 3.

(و عن الامام جعفر بن محمد عليه‏السلام قال: امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة کيف محافظتهم عليها، و عند أسرارهم، کيف حفظهم لها عند عدونا و الي أموالهم کيف مواساتهم لاخوانهم فيها..

و عن أبي‏عبدالله عليه‏السلام قال: انما شيعة جعفر من عف بطنه و فرجه، و اشتد جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه. فاذا رأيت أولئک، فأولئک شيعة جعفر.

و عن محمد بن علي عليه‏السلام: انما کانت شيعة علي المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون لاحياة أمرنا. ان غضبوا لم يظلموا. و ان رضوا لم يسرفوا. برکة لمن جاوروا. سلم لمن خالطوا..).

و عن أبي‏جعفر عليه‏السلام قول: انما شيعة علي عليه‏السلام الشاحبون الناحلون، الذابلون، ذابلة شفاهم، خميصة بطونهم. متغيرة ألوانهم، مصفرة وجوههم. اذا جنهم الليل اتخذوا الارض فراشا، و استقبلوا الارض بجباههم، کثير سجودهم، کثيرة دموعهم، کثير دعاؤهم، کثير بکاؤهم، يفرح الناس و هم يحزنون..) - الصدوق / کتاب الخصال / دار التعارف - مکتبة الصدوق / 1368 ه ج 1 ص 296 - 103 ج 2 ص 444 - 397.

و الصفات التي يتطلبها أئمة أهل البيت عليه‏السلام من الشيعة من شأنها أن تجعلهم يتمتعون بأعلي قدر من المسؤولية و الوعي و الفهم لطبيعة هذا الدين العظيم و الالتزام بحدوده و أحکامه و أن لا يتکلوا علي مجرد الولاء و الحب المجردين.. اذا ما جدوي أن تدعي حب شخص و موالاته و أنت تسير خلاف سيرته و ترفض منهجه في الحياة و تعمل ضد رغباته و أهدافه، بل و تشوه الصور الجميلة التي يحاول أن يظهر بها نفسه و منهجه في الحياة.. ما جدوي أن تدعي حب الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و أنت ترفض الاسلام..!.

[7] و ذلک في حديثه الذي خص به الحسين عليه‏السلام:«حسين مني و أنا من حسين».

[8] غافر 51 و تکملتها (... و يوم الأشهاد).

[9] سيد قطب - في ظلال القرآن - دار العلم للطباعة و النشر - جدة ط 1406 - 12 ه - 1986 م م 5 ص 3086 - 3085.

[10] لما أظفر الله أميرالمؤمنين عليه‏السلام بأصحاب الجمل، قال له بعض أصحابه: وددت أن أخي فلانا کان شاهدنا ليري ما نصرک الله به علي أعدائک. فقال عليه‏السلام: أهوي أخيک معنا؟ فقال: نعم. قال: فقد شهدنا، و لقد شهدنا، في عسکرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال و أرحام النساء، سيرعف بهم الزمان، و يقوي بهم الايمان. نهج‏البلاغة ص 55.

[11] و لا تفوتنا الحملة الواسعة لوضع الاحاديث المزورة أيام الأمويين و التي استهدف قسم کبير منها النيل من الرسول العظيم صلي الله عليه و آله و سلم و عرضه أمام الأمة مجردا من العصمة التي تؤهله لقيادة الامة قيادة مجردة من الخطأ. و قد أريد من ذلک تبرير الاعمال الشائنة و الخارجة عن الاسلام التي قاموا بها عن عمد و سبق اصرار باعتبار أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و هو قدوة المسلمين و امامهم يخطأ و تفوته أمور کثيرة، فکيف بالجيل الذي لم يعش حياته و لم يشاهده! و هي حملة کشفت تحقيقات علماء المسلمين زيفها و بطلانها.

[12] غافر 52.

[13] محمد 7.

[14] الحج 40.

[15] الروم 47.