بازگشت

الثواب و العقاب.. هنا و في و الآخرة


ان فكرة الجزاء! الثواب و العقاب في الآخرة وفق عدالة الله و شريعته، و هي التي تهيمن علي شعور المسلم و عقليته، فتطبعه بطابعها و تجعله علي مستوي الأهداف الكبيرة التي يخطط لها الاسلام، لا علي مستوي الشوط القصير الذي يحدد به عمره. لو كان الهدف بمستوي هذا الشوط القصير، لتوقف الانسان عن سعيه لمصلحة الانسانية، و لأصبحت الحياة الحاضرة بنظره هي الهدف النهائي الذي ينبغي أن يبذل كل جهوده و قواه - و لو علي حساب الآخرين و سعادتهم - لتكون حياة طيبة مريحة سهلة له هو شخصئيا و لا يهم ما يلحق بغيره من نصب أو دمار.

و غالبا ما تكون الاهداف الجليلة التي يسعي المسلم لتحقيقها، في ظل تصوره و فهمه الاسلامي، أوسع من عمره و أبعد مدي، نو قد لا يستفيد هو شخصيا من نتائجها و معطياتها و لا يستطيع تحقيق شي ء منها خلال حياته، بل لقد يصيبه من الأذي في


سبيلها أكثر مما يحققه من فائدة، اللهم الا تلك السعادة الغامرة التي يشعر بها و هو يعلم أنه يطيع الله بعمله و يتفاني في سبيله.

لو كان هدف الامام الحسين عليه السلام مرتبطا بالفترة الزمنية التي كان يعيشها علي هذه الارض، لما كان قد سعي الي ما سعي اليه، و لكان قد اكتفي بمغانم عديدة لا بد أن يحصل عليها من يزيد و أشباهه اذا ما وضع يده في يده، ليقضي بقية العمر آمنا سعيدا..! غير أنه ارتبط بهدف اكبر، ألقي عليه مسؤولية كبيرة! هدف يعلم حق العلم أنه لن يستطيع جني ثماره في هذا الشوط الاولي من الحياة، و أن غيره، ربما بعد عشرات السنين أو مئات السنين سيستطيعون تحقيقه و جني ثماره، غير أنه علم أيضا أنه يخوص اختبارا حاسما، لا بد أن يثبت فيه صدق انتمائه للاسلام و صدق ايمانه بقيمه كاملة و لا بد أن يكون في مقدمة الذين يفعلون ذلك بحكم موقعه و شعوره الكبير بالمسؤولية. انه ينتظر جزاء أكبر من ذلك الذي قد يتاح له علي الارض اذا ما حقق هدفه.