بازگشت

التضحية بالنفس لحماية الامة


ان اقدام امام الأمة بالتضحية بنفسه بذلك الشكل النادر، لحمايه الأمة و تحصينها من الانهيار و السقوط النهائي و الحفاظ علي خط الامامة و الخلافة الذي أقامه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و كان هو أول امام و خليفة أقام حكم الله في الأمة التي أنشأها و رباها، يجعل الكثيرين يدركون أن الحال قد بلغ مبلغا سيئا لا يمكن معه انقاذ الامة بمجرد الانزواء في مكان بعيد حصين مثل جبال اليمن، كما اقترح عليه ابن عباس، و الاحتجاج من هناك، و رفع العقيرة بالصياح و الكلمات الغاضبة الرافضة التي لن تتحول الا الي صدي أجوف يتردد بين الصخور، بل لا بد من فعل حاسم و سريع حتي و ان كان الرد عليه عنيفا و حاسما و سريعا أيضا، فالأمة المستسلمة المخدرة لن توقضها الصرخات و الاقوال، و لا بد من هزة قوية تحرك ذلك الجسد الجامد الذي يوشك أن يتعرض لخطر الموت و الاندثار، و الا ضاع كل شي ء الي الأبد.

و هذا ما فعله الامام الحسين عليه السلام عندما لم ير بدا من ذلك و عندما رأي أن ما قام به هو الامر الوحيد الذي يجب أن يقوم به دون ابطاء أو تردد.. و هو ما وضع أولئك الذين اتهموه - كما اتهموا أباه أميرالمؤمنين عليه السلام من قبل بالتهالك علي السلطة و حسب متجاهلين عن عمد دوافعه الحقيقية لمقاومة الانحراف الذي بدأ يستشري في أوساط الامة و مفاصل المجتمع منحدرا اليها من الرؤوس التي تنكرت للاسلام و شنت الحرب عليه و أرادته اسلاما أمويا يستجيب لرغبات معاوية و يزيد و أمثالهما من الطواغيت الذين تسللوا للاسلام و سرقوا مكتسبات المسلمين التي حققوها في ظله، هو ما وضعهم في زاوية ضيقة و عراهم و كشفهم و جعلهم هم أنفسهم محل اتهام من قبل الامة، حينما شنوا حملتهم المكشوفة عليه و التي عرفت دوافعها الحقيقية من قبل الامة كلها.

و الا فأية مأثرة حقيقية يمكن أن تذكر ليزيد، و أية مؤهلات تجعله جديرا باحتلال منبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أية صلة حقيقية بينه و بين الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و هو خليفته و ممثله؟ و ماذا يمكن أن تجني الامة من هذه الخلافة المسروقة سوي البؤس و الضياع الأبدي و البعد عن الاسلام و العودة الي الفرعونية و الشرك؟!

ان نظرة حقيقية الي ثورة الحسين تجعلنا ندرك أنها قد فعلت فعلها و لا تزال في نفوس الكثيرين من أبناء الأمة، و أنها لا تزال تزودهم بعطاءات مستمرة و زخم ايماني قوي قائم علي عري الاسلام الوثيقة و روحه و أهدافه السامية الأصيلة.