بازگشت

الامام الحسين اتاح للامة ادراك مسووليتها في مواجهة الظلم و الانحراف


لقد أتاح الامام الحسين عليه السلام الفرصة للامة لكي تدرك أبعاد مسؤولياتها في ردع الظلم و ايقاف عجلة الانحراف و عرقلتها مهما كانت النتائج المترتبة علي ذلك، و جعلها ترصد بوعي - علي مر الازمنة - أولئك الذين تسنموا مراكز الحكم و القيادة و تراقبهم مراقبة دقيقة و تجعلهم أميل الي التصرفات الحذرة في سلوكهم الشخصي و في سياستهم معها.

و قد وقعت عشرات الثورات و الاحداث - تطرقنا الي قسم منها - طوال فترتي الحكم الاموي و العباسي و ما بعدهما، و اذ لم يكن بعضها نتيجة مباشرة لثورة الحسين عليه السلام، فان تلك الثورة العظيمة كانت تلوح وراء معظمها، و لا شك أن معظم الاسباب الحقيقية الكامنة خلفها تعود الي أن الأمة قد بدأت تتعود رفض الظلم و الانحراف و التمادي فيهما و أخذت تعتاد الملاحم الكبيرة التي يقدم فيها أناس دون تحفظ أرواحهم لحماية الاسلام و الدفاع عنه، تماما مثلما فعل أصحاب الحسين في واقعة الطف المجيدة.

ان تلك المسؤولية التي تحملها من أبناء الأمة من فهم أهداف ثورة الحسين المنسجمة مع روح الاسلام و تطلعاته الحقيقية لخدمة البشرية، و تصرفوا علي أساسها، لا بد أن يتحملها الآخرون ممن سيدركون حتما طبيعة تلك الأهداف بعد دراستها دراسة واعية مجردة من الهوي و التعصب و التأثر بالتيارات المعادية التي خلقها معاوية و أشباهه من سخروا (اسلامهم) لخدمتهم الشخصية و تعزيز سلطانهم و نفوذهم و مصالحهم.

و من الآخرين الذين لا تخلوا منهم الساحة في أي وقت من الاوقات و الذين يريدون سرقة مكاسب الأمة و تسخيرها لمنافعهم الشخصية و تقوية سلطانهم و نفوذهم أيضا، بنفس الحجج و المبررات و الأساليب التي لجأ اليها بطل الانحراف العتيد و غطاها ببراقع و أستار اسلامية براقة لا تمت للاسلام بصلة و لا تتجانس معه بأي شكل من الاشكال.

و اذ أن الأسباب الكامنة خلف مقاومة هؤلاء ثورة الحسين عليه السلام و السعي لتشويهها و التعتيم عليها، لا تخفي، و لها (مبرراتها) به نظرهم، فان الامر المحير حقا - بنظر البعض - قيام بعض من استهدفت الثورة تخليصهم من آثار الظلم و الانحراف بمشايعة الظالمين بنفس الحماس الذي يبديه هؤلاء و يبديه كل منتفع سائر بركاب دولة


الظلم، غير أن الحيرة تزول متي ما أدركنا عمق الحملة المنظمة لتشويه هذه الثورة و التي ما كانت تتاح لو لا السعي المحموم لتجريد الأمة من وعيها و ثقافتها و جعلها طبقة من العبيد الرعاع الذين لا يعرفون مصالحهم و حقوقهم و لا يدركون أن هناك ظلما واقعا عليهم هم بالذات [1] .


پاورقي

[1] و قد تحدثنا عن هذه الظاهرة عند استعراض احوال المجتمع العراقي أيام معاوية و يزيد.