بازگشت

حق للحسين ام حق للامة


فعزمه علي المطالبة بحقه لا يعني أنه يتهالك علي الكرسي و العرش و المغانم الخاصة و منافسة يزيد علي حياة الترف و الاستهتار، بل كان يعني أنه يريد اعادة الامور الي نصابها الصحيح و تصحيح نظرية الخلافة الاسلامية التي تشوهت و زورت في عهد معاوية و يزيد لتعني الخلافة علي أساسها مغنما شخصيا و ملكا خاصا، كما رأينا في


الفصلين الاولين، و كان ملزما ان يضحي (بالخليفة) في سبيل (الخلافة)، و بامام الامة الاسلامية في سبيل الأمة الاسلامية.

لقد جعل موقف الامام الحسين العديد من المتسلطين و المتخلفين بالقوة و بحد السيف، بعد أو وجدوا أن مصير من سبقوهم كان مصيرا أسودا، و أن دولهم قد أمحت و زالت بسبب الظلم و الانحراف المعلنين - يقفون موقفا حذرا في تعاملهم مع الامة المسلمة، و يحاولون استمالة الناس اليهم بمختلف الطرق المتاحة و منها التظاهر بالعدالة و التحيز الي جانب هذه الامة، و الوقوف الي جانب المظلومين و الفقراء و منحهم بعض المكاسب و بعض أشكال الحرية التي لا تمس مصالحهم و امتيازاتهم. لقد جعلهم يخافون نزع أثوابهم و براقعهم و أغطيتهم الاسلامية التي لبسوها استرضاء لهم و كسبا لودهم.

ان الصحوة الاسلامية المتجددة، تستلهم علي الدوام أحداثا و رموزا مؤثرة، ظهرت في تاريخ الامة الاسلامية، و لن تكون تلك الاحداث و الرموز مجرد أشياء حدثت فألقت ظلالا باهتة أو آثارا فاترة علي مجري التاريخ و انتهي أثرها، بل أن معطياتها تشع علي الامة علي مر الأزمان... و لعل الذي يستلهم من معارك الاسلام الكبري كبدر و أحد و حنين و الخندق و غيرها، عزما و قوة متجددين، لا يفوته أن يستلهم من معركة الطف و رموزها قوة دافعة مضافة، و يري في الرجال الذين قاموا بها نفس اولئك المجاهدين الاوائل الذين قادهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الذين أرسوا دعائم الاسلام و كيانه رغم قلتهم و ضعف امكانهم الظاهرة، فلم يثنهم ذلك عن مواجهة عدوهم، كما لم يثن الحسين و أصحابه عن مواجهة عدوهم أيضا.

أعادت الطف بدرا، و رأي الناس في اصحاب الحسين في الطف، أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في بدر، و رأوا أن بدرا يمكن أن تتجدد و تحدث في الطف و غير الطف.

و هكذا كان الامر فعلا رغم تسلط الظالمين و جبروتهم و تنوع أسلحتهم و أساليبهم، فقد رأينا من وقف مع فئة قليلة من أصحابه و أنصاره، و ربما وحيدا لمواجهة دولة ظالمة بكل أجهزتها العميقة و قوتها و جبروتها، و قد حسب أنه يكمل فصلا من فصول بدر و الطف و أنه يقوم بدور لا يقل عن دور المشاركين فيهما.