بازگشت

اللهجة التظلمية يلجا اليها الطغاة لتضليل شعوبهم


كانت اللهجة التظلمية التي غلف بها خطابه تتضمن أكاذيب مكشوفة تعرض علي أناس كانوا بعيدين عن مسرح الاحداث الذي ذكر أنها وقعت فيه، و الذين كانوا يميلون اليه و قد اتخذ منهم شيعة و بطانة بمختلف أساليب الدجل و الكذب.

فهو في الوقت الذي يحاول التقرب فيه من أهل خراسان، يحاول اثارتهم و تحريضهم علي أهل الكوفة باعتبار أنهم سبب كل المصائب التي حدثت لأهل البيت، و هنا يحاول أن يوحي اليهم بأنه و عائلته العباسية مشمولون بتلك المصائب أو المشاكل التي سببها أهل الكوفة، كما أنه كان يحاول اثارتهم علي أهل البيت عليهم السلام باعتبار أنهم سببوا مشاكل لآل العباس، و عندما خرجوا علي الامويين و ثاروا عليهم،


و لو لا ذلك لكانت علاقة العباسيين بالامويين جيدة..

كان خطابه يمثل تهديدا آخر يطلقه عميد الأسرة العباسية، كذلك الذي أطلقه معاوية عميد الأسرة الأموية من قبل! لقد أراد أن يري أهل الكوفة أنه يعتبرهم عدوه الاول و أنه سيعمد معهم الي أشد الأساليب و أكثرها قسوة و صرامة... كما أراد أن يري المسلمين كافة أن أعداءه هم العلويون الذين يريدون مناقشته و سلبه السلطة، حسدا له و بغيا منهم عليه.

كما أنه باستعراضه الأساليب التي لجأ اليها بدسه عيونه و جواسيسه بين صفوف مناوئيه، يحاول الايحاء للجميع بأن أية حركة معادية مهما كانت خفية و مهما حاول أصحابها التستر عليها و كتمها، لن تغيب عنه و أنه مطلع علي كل شي ء.

كان يبدو بمظهر صاحب الحق المظلوم الذي اعتدي عليه و أراد أعداؤه سلبه حقه (الشرعي) بالخلافة. و هكذا يفعل كل أولئك الذين يعمدون الي أساليب البطش و القسوة عندما يريدون التنكيل بخصومهم و ضربهم دون أن يقيدوا بقانون أو بشريعة الا قانونهم و شريعتهم هم.. ذلك الذي يضمن بقاءهم علي كرسي الحكم و السلطان.

كان منطق المنصور هو منطق من سبقه من الطغاة، كما أنه منطق من جاء بعده منهم... ففرعون لا يري الا حقه المطلق و لا يري الا هواه و رغباته و مصالحه. يري أن الدنيا قد خلقت من أجله و الأكوان تدور في فلكه و أن الله - ان كان لابد من الاعتراف بوجوده و سلطانه - قد تنازل له عن كل ذلك الوجود و ذلك السلطان و اختصه هو دون العالمين به، و اذا ما كان قد أنزل دينا و شريعة و ضوابط و قوانين، فليست لكي يطبقها و يلتزم بها هو، بل لكي يطبقها و يلتزم بها الآخرون، بل و يلتزمون بالحدود التي يري أنها لا تتعارض مع مصالحه و امتيازاته.