بازگشت

الخط الاموي و الخط العباسي متلازمان متوازيان


و لو أن معاوية استمع لخطبة المنصور تلك لنام محبورا قرير العين، فقد جاء من يكمل مهمته و يسير علي منهجه في التزوير و التضليل و قلب الحقائق و الكيد للاسلام و المسلمين...

قال المنصور لأهل خراسان بعيد أخذ عبدالله بن الحسن و اخوته و النفر الذين كانوا معه من أهل بيته:

(يا أهل خراسان، أنتم شيعتنا و أنصارنا و اهل دولتنا، و لو بايعتم غيرنا لم تبايعوا من هو خير منا، و ان أهل بيتي هؤلاء من ولد علي بن أبي طالب تركناهم و الله الذي لا اله الا هو و الخلافة، فلم نعرض لهم فيها بقليل و لا كثير؛ فقام فيها علي بن أبي طالب عليه السلام فتلخ و حكم عليه الحكمين، فافترقت عنه الامة، و اختلفت عليه الكملة، ثم وثبت عليه شيعته و أنصاره و أصحابه و بطانته و ثقاته فقتلوه [1] ! ثم قام من


بعده الحسن بن علي، فو الله ما كان فيها برجل، قد عرضت عليه الاموال فقبلها، فدس اليه معاوية، اني أجعلك ولي عهدي من بعدي، فخدعه فانسلخ له مما كان فيه و سلمه اليه، فأقبل علي النساء يتزوج كل يوم واحدة فيطلقها غدا، فلم يزل علي ذلك حتي مات علي فراشه [2] ... ثم قام من بعده الحسين بن علي، فخدعه أهل العراق و أهل الكوفة، أهل الشقاق و النفاق و الاغراق في الفتن، أهل هذه المدرة السوداء - و أشار الي الكوفة - فو الله ما هي حرب فأحاربها و لا سلم فأسالمها، فرق الله بيني و بينها فخذلوه و أسلموه حتي قتل [3] ! ثم قام من بعده زيد بن علي، فخدعه أهل الكوفة و غروة فلما أخرجوه و أظهروه، أسلموه! و قد كان أتي محمد بن علي، فناشده في الخروج و سأله ألا يقبل أقاويل أهل الكوفة، و قال له: انا نجد في بعض علمنا أن بعض أهل بيتنا يصلب في الكوفة، و أنا أخاف أن تكون ذلك المصلوب، و ناشده عمي داوود بن علي و حذره غدر أهل الكوفة فلم يقبل و أتم علي خروجه فقتل و صلب بالكناسة [4] .

ثم وثب علينا بنوأمية، فأماتوا شرفنا، و أذهبوا عزنا، و الله ما كانت لهم عندنا ترة يطلبونها، و ما كان لهم ذلك كله الا فيهم، و بسبب خروجهم عليهم، فتفونا من البلاد، فصرنا مرة بالطائف، و مرة بالشام، و مرة بالشراة، حتي أبتعثكم الله لنا شيعة و أنصارا، فأحيا شرفنا، و عزنا بكم أهل خراسان، و دفع بحقكم أهل الباطل، و أظهر


حقنا، و أصار الينا ميراثنا عن نبينا صلي الله عليه و آله و سلم فقر الحق مقره، و أظهر مناده، و أعز أنصاره، و قطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمدلله رب العالمين.

فلما استقرت الامور فينا علي قرارها، من فضل الله فيها و حكمه العادل لنا، و ثبوا علينا، ظلما و حسدا منهم لنا، و بغيا لما فضلنا الله به عليهم، و أكرمنا به من خلافته و ميراث نبيه صلي الله عليه و آله و سلم.



جهلا علي وجبنا عن عدوهم

لبئست الخلتان الجهل و الجبن



فاني و الله يا أهل خراسان، ما أتيت من هذا الامر ما أتيت بجهاله، بلغني عنهم بعض السقم و التهم، و قد دسست لهم رجالا فقلت: قم يا فلان قم يا فلان، فخذ معك من المال كذا، و حذوت لهم مثالا يعملون عليه، فخرجوا حتي أتوهم بالمدينة، فدسوا اليهم تلك الاموال، فو الله ما بقي منهم شيخ و لا شاب، و لا صغير و لا كبير الا بايعهم بيعة، استحللت بها دماءهم و أموالهم، و حلت لي عند ذلك بنقضهم بيعتي، و طلبهم الفتنة و التماسهم الخروج علي، فلا يرون أني أتيت ذلك علي غير يقين.

ثم نزل و هو يتلو علي درج المنبر هذه الآية:(وحيل بينهم و بين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل، انهم كانوا في شك مريب) [5] [6] .


پاورقي

[1] لم نسمع ذلک الا من المنصور الدوانيقي، فأميرالمؤمنين عليه‏السلام قد قتله أشقي الخلق بشهادة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، عبدالرحمن بن ملجم الخارجي، و حادثة مقتله معروفة قد تطرقت لها کل کتب التاريخ.

[2] تطرقنا في هذه الدراسة الي أسباب صلح الحسن مع معاوية أما الزعم بتزوجه النساء اللکثيرات فلا داعي للرد عليه لآنه من مفتريات الأمويين و العباسيين علي السواء.

[3] و من الواضح أن المنصور يردد هنا المزاعم الأموية و المعادية لأهل البيت و منها (انخداع) الحسين عليه‏السلام بأهل الکوفة و أنه أخطأ بخروجه و عرض نفسه للقتل دون مبرر..! کما أن المنصور هنا يهدد الکوفة و يجعلها أحد الاهداف المقصودة بظلمه کما فعل الامويين...

[4] استعرضنا في هذا الفصل أسباب ثورة زيد بن علي عليه‏السلام، و من الواضح أن العباسيين حاولوا ثنيه عن ثورته لأن نجاحه کان يعني القضاء عل طموحاتهم بتسلمه السلطة، ذلک الأمر الذي کانوا يخططون له قبل ثورة زيد بزمن طويل، و قد لجأوا الي أساليب مشابهة لأساليب الامويين أنفسهم لمواجهتهم و القضاء عليهم و هي الاساليب لتي رأوا أنها الأمثل و الأصح.

[5] سبأ 54.

[6] الطبري 535 - 534/4.