بازگشت

استعدادات للدجل و الخديعة


و اذا ما اطلعنا علي خطبة ألقاها المنصور في أهل خراسان في محاولة منه لاستمالتهم و كسب ودهم، أدركنا أية استعدادت كبيرة للدجل و التزوير كان يقدم عليها أولئك الذين يمهدون لملك فرعوني عقيم و أدركنا دوافع (المؤرخين) الآخرين الذي يسيرون في ركابهم لقلب الحقائق و تشويهها، و عرض أكاذيبهم و تلفيقاتهم علي أنها هي الحقائق و الوقائع الصحيحة...

ان المنصور يعرض نفسه أمام أهل خراسان كانسان مظلوم معتدي عليه، من قبل أولئك الذين وجه اليهم أشد سهامه و سيوفه و من قبل أولئك الذين نالهم بظلمه و استهدفهم بالشر و العوان و استهدفتهم عائلته من بعده طيلة عشرات السنين، و هم أهل البيت عليهم السلام، و لم يكتف بتوجيه الطعون و النقد الكاذب و الافتراء المتعمد لمن عاصروه و كان يحتمل أن يطيحوا بعرشه و حسب و انما استعرض تاريخ الأئمة السابقين ابتداء من أميرالمؤمنين عليه السلام، و كأن حياتهم سلسلة من الاخطاء و الاندفاعات العفوية غير المدروسة.. و هذا النقد، ان كان يوجه من انسان حسب نفسه من هذه العائلة و ادعي انتماءه اليها، فأن فعلها المدمر و تأثيرها السلبي علي من قد يخدع بظواهر الامور و شهادة (الأهل) التي لا بد أن تكون (صادقة و بريئة)، سيمتد ليضلل أجيال عديدة من المسلمين، خصوصا و ان فراعنة آخرين سيجدون فيها مادة دسمة لتعزيز أطروحاتهم بخصوص أهل البيت، و أحقيتهم (هم) بالحكم باعتبارهم ممثلين لسلطان الله في الأرض يسوسونهم بتوفيقه و تسديده! و حسب، لا بمنهجه و دستوره و قوانينه، و انهم يمثلون مشيئته و ارادته [1] .. و كأن وحيا مباشرا من الله ينزل عليهم خصاة و يوجههم و يخاطبهم... و كأنهم قد ألهموا العلم و ألفهم و الا فكيف يوفق الله


عبد الخليفة! اذا لم يكن يعمل بكتابه و شريعته.

ان فرعون أكثر وعيا و ذكاء هنا من سابقه الذي قال لقومه صراحة (أنا ربكم الاعلي) فهو يقول: أنا عبدالله، غير أنه اختصني بكل شي ء دونكم و تنازل لي عن سلطانه و قوته، و هذه مشيئته و ليس لكم الحق في مناقشتها، و الا فاني أنا الذي سيقدم علي معاقبة من يفعل ذلك.


پاورقي

[1] من الطريف أن نري هنا أن المنصور قد أعلن عن انحرافه صراحة أمام أهل بغداد، و ان غلف ذلک بأسلوب اعتمد الدجل و التزوير و ذکر الله، في محاولة منه لخداعهم و تهديدهم و الايحاء اليهم بأنه هو المصدر الوحيد للقوة و السلطان ما دام الله قد وفقه و سدده و ألهمه.. قال لهم يوم عرفة: (... انما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسکم بتوفيقه و تسديده. و أنا خازنه علي فيئه، أعمل بمشيئته، و أقسمه بارادته، و أعطيه باذنه. قد جعلني الله عليه قفلا، اذا شاء أن يفتحني لأعطياتکم و قسم فيئکم و أرزاقکم فتحني، و اذا شاء أن يقفلني أقفلني، فارغبوا الي الله ايها الناس و سلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لکم فيه من فضله ما أعلمکم به في کتابه، اذ يقول تبارک و تعالي: (اليوم أکملت لکم دينکم و أتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام دينا) المائدة 3 أن يوفقني للصواب و يسددني للرشاد، و يلهمني الرأفة بکم و الاحسان اليکم و يفتحني لأعطياتکم و قسم أرزاقکم بالعدل عليکم، انه سميع مجيب) الطبري 533/4 و واضح من اشارته للآية الشريفة و نزولها أنه يريد تضليلهم بشأن نزولها بعد بيعة الغدير و ولاية أميرالمؤمنين عليه‏السلام، و يجعل نفسه في صف أولئک الذين نصبوا العداوة له و أنکروا کل فضائله... و لا تخفي دوافعه لذلک و التي أراد بها توهين و اضعاف أهل البيت عليهم‏السلام و الخط الموالي لهم.