بازگشت

عرش العباسيين معرض للانهيار


كان ملك العباسيين معرضا للانهيار و السقوط و كان أبوجعفر يقاوم تلك الريح التي كانت تهب عليه من البصرة و واسط و الأهواز و فارس و المدائن و السواد، بضراوة و عنف و قد تتابعت عليه الفتوق و الخروق و العساكر المحيطة به مائة و ألف سيف كامنة له بالكوفة بازاء عسكره الضعيف ينتظرون به صيحة واحدة فيثبون [1] .

فالمعركة كانت معركة بقاء و وجود، اما أن يحصل أبوجعفر علي كل شي ء أو يفقد كل شي ء و يفقد حياته أيضا، فجيش ابراهيم أصبح قويا و ديوانه أحصي مائة ألف..

كان هوي البصرة و الكوفة كليهما مع ابراهيم، و كان هو يستولي علي البصرة و يقيم فيها، أما الكوفة فكان يقيم فيها أبوجعفر، الذي لم يسر اليه بنفسه و أرسل اليه بعض قواده و بقي هو فيها يراقب تحركات أهلها ليقمع أقل تحرك مشبوه ضده. و لو أنه سار في الجيش لمقاومة ابراهيم لا نقلبت عليه الكوفة و طوقته من خلفه بعد مسيره، و هذا ما أدركه.. أما ابراهيم، فلو أنه أقام بالبصرة و أرسل جيشا لمواجهة جيش أبي جعفر - و هذا ما اقترحه عليه بعض قادته - لأتيحت له فرصة أكبر للنصر، لأن مسيره ترك البصرة خلوا من القيادة الرئيسية المتمثلة به، و انهزامه أمام جيوش الدولة أو مقتله - اذا ما حصل ذلك - سيقطع الامل نهائيا بالحصول علي النصر ثانية، قال له بعض قواده من أهل البصرة: (أصلحك الله، انك قد ظهرت علي البصرة و الاهواز و فارس و واسط، فأقم مكانك، و وجه الاجناد، فان هزم لك جند أمددتهم بجند، و ان هزم لك قائد أمددته بقائد، فخيف مكانك و اتقاك عدوك و جبيت الاموال، وثبتت


و طأتك..) [2] .. أما الكوفيون فقد كانوا يرون ضرورة أن يكون هو علي رأس الجيش الذاهب للكوفة، لأن من شأن ذلك أن يقوي معنويات أهلها و يدفعهم للالتحاق به، قالوا له: (ان بالكوفة رجالا لو قد رأوك ماتوا دونك، و الا يروك تقعد بهم أسباب شتي فلا يأتونك، فلم يزالوا به حتي شخص..) [3] .

و يبدو أنه كان غير مرتاح لذلك الا أنه قد أراد أن يسترضيهم.. و قد أتيحت له فرصة بيات أصحاب أبي جعفر ليلا و مهاجمتهم و هم لا يشعرون الا أنه رفض ذلك مفضلا المواجهة العلنية المكشوفة.


پاورقي

[1] الطبري 473/4.

[2] الطبري 473/4.

[3] الطبري 473/4.