بازگشت

المنصور مكر ونكر ودهاء


كان المنصور قد عزم علي بناء بغداد في السنة التي خرج فيها محمد و ابراهيم، و قد توقف عن بنائها عندما و صلته أخبار الثورة في المدينة و ذهب الي الكوفة يدير المعركة بنفسه، و يستعد لها بمواهب الشر التي جبل عليها، فقد كان (حشو ثياب هذا العباسي لمكر ونكر ودهاء) [1] علي حد تعبير أحد معاصريه، فاستنفر كل أعوانه و جواسيسه لكشف تحركاتهما خصوصا بعد أن ترك ابراهيم مكة و قدم العراق، و دخل البصرة بعد أن مر بالموصل و الأنبار و بغداد و المدائن و النيل و واسط و بعد معاناة و مخاطرات تعرض فيها لخطر الوقوع بيد أبي جعفر.

أحصي ديوان ابراهيم في البصرة أربعة آلاف و شهر أمره، و كان ماضيا في اكمال استعداداته عندما فوجي ء باعلان محمد ثورته في المدينة، و هو الامر الذي أقلقه لأنه لم يكن مستعدا بعد للمواجهة النهائية مع الدولة التي تتفوق عليه


كثيرا [2] .. و قد بادر أبوجعفر بارسال الجند للبصرة حالا.. و قد اختارهم من جند الشام لعداوتهم القديمة لأهل العراق، و قد قصد بذلك أن يروع الناس و يكسر معنوياتهم، كما بادر الي حظر التجول و منعه في الكوفة و قتل عددا من أهلها اتهمتهم بموالاة ابراهيم و ضيق الخناق علي الناس فيها ليمنعهم من الالتحاق به وسد الطرق المؤدية للبصرة.

كان العراق كله - فيما يبدو - مواليا لابراهيم، و كان أهله مستعدين للانضمام اليه عند أول أشارة منه، و كان حتما سينتصر بهم، لو لم يعبي ء أبوجعفر أعوانه و قواته و يستنفر كل امكاناته لمحاربته.


پاورقي

[1] الطبري 461/4 و ابن‏الاثير 168/5 و ما بعدها.

[2] و وردت رواية أخري ذکرت: (لما ظهر محمد بن عبدالله بن الحسن و غلب علي مکة و المدينة، و سلم عليه بالخلافة وجه أخاه ابراهيم بن عبدالله الي البصرة فدخلها في أول يوم من شهر رمضان سنة خمس و أربعين و مائة فغلب عليها) 468/4.