بازگشت

حركة محمد النفس الزكية


لم تكن حركة محمد النفس الزكية لتعلن في غير أوانها دون أن تثير المزيد من المتاعب له و لأصحابه، خصوصا و أنه في وقت ما - أيام الحكم الاموي - قد بويع من قبل المنصور نفسه، الذي قبل أنه قد بايعه مرتين، و لابد أنه محيط ببعض أبعادها و خيوطها، و لابد أن معرفته بها ستتيح له توجيه ضربات قاتلة لها. و هكذا سعي المنصور سعيه الدؤوب الملح لكي يعلن محمد ثورته قبل أوانها و قبل أن يكمل استعداداته لها، و قد عقد عدة اجتماعات مع بعض مستشاريه و أقاربه لدراسة السبل الكفيلة بوأد الحركة حال ظهورها.

و كان وعي الامة و تحسسها و قدرتها علي كشف الانحراف قد تنامت بعد أن عاشت فترة طويلة في ظل الدولة الأموية و أدركت زيف توجهاتها و ادعاءاتها و سياساتها.. لقد بدت تلك الدولة مكشوفة عارية بعد أن ضعف سلطانها، بل قبل ذلك، و لم تعد الأكاذيب و الافتراءات و المظاهر الكاذبة تنطلي علي الأمة التي لم تصل الي ذلك الوعي دون معاناة حقيقية. فكان علي العباسيين أن يلجأوا الي أساليب جديدة لتقوية سلطانهم و مراكزهم، فكان علي العباسيين أن يلجأوا الي أساليب جديدة لتقوية سلطانهم و مراكزهم، و هكذا كان علي أقطابهم أن يستنفروا كل مكائدهم و دسائسهم و مكرهم للاطاحة بمركز القوة الكبير، المتمثل بالعلويين - و الذي كان يبدو أنه علي و شك الاطاحة بهم لو أنهم أبدوا أقل قدر من التساهل و السكوت، و كان عليهم أيضا أن يستنفروا كل طاقات الشر لدي من يرون أنه قد يكون عونا لهم في مساعيهم و ان أضمروا النية علي تصفية كل أولئك الأعوان عند ظهور أقل بادرة خلاف أو شكوي و لو مجرد شك بسيط في ولائهم و خضوعهم...


ان وعي الامة المتزايد و المتنامي في ظل الأوضاع المتغيرة التي جاءت في أعقاب نظام قد مات للتو و ولادة نظام جديد، جعلها تدكر أن هذا النظام الجديد لا يختلف عن سابقه و ان اختلف في بعض الشعارات و الأهداف المعلنة، و كان ذلك سيسهل مهمة محمد لمواجهة النظام الفرعوني الجديد.

و يبدو أنه قد أحبك خيوط تلك المهمة و أرسل رسله و منهم أولاده و اخوته لكافة أمصار الدولة الاسلامية لأخذ البيعة له، و ان بدا أن المنصور قد استطاع بجواسيسه و عيونه اختراق التنظيم الواسع الذي أقامه محمد و الذي لم يستطع اكماله لانه أجبر علي القيام بثورته قبل موعدها المقرر (لأنه ما زال يطلب أشد الطلب حتي سقط ابنه فمات و حتي رهقه الطلب) [1] و حتي أن بعض أصحابه لم يحتملوا تأخره و قعوده أكثر من ذلك و قالوا له: (ما تنتظر بالخروج؟ و الله ما نجد في هذه الامة أحدا أشأم عليها منك. ما يمنعك أن تخرج وحدك؟) [2] .


پاورقي

[1] الطبري 422/4 و ابن‏الاثير 147/5.

[2] الطبري 422/4 و ابن‏الاثير 147/5.