بازگشت

معاناة الحسنيين في سجن المنصور


كانت معاناة المسجونين و منهم عبدالله الحسني كبيرة في السجن، و قد عزم المنصور الي أخذهم معه الي العاصمة، و هناك احتمال كبير لتعرضهم لمزيد من الأذي علي أيدي أعوانه. و قد أراد محمد و ابراهيم في محاولة منهما لتخليص ذويهما من السجن أن يسلما نفسيهما، الا أن المسجونين رفضوا ذلك و طلبوا منهما المضي في مهمتهما الي النهاية و اكمال الاستعدادات للثورة رغم الجو الخانق و الرقابة الشديدة المضروبة عليهما.

فأمر الثورة لم يكن خافيا علي بقية أفراد العائلة كما لم يكن خافيا علي الامام الصادق عليه السلام - روي عن حسين بن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام قوله: (غدوت الي المسجد، فرأيت بني الحسن يخرج بهم من دار مروان مع أبي الأزهر يراد بهم الربذة، فانصرفت، فأرسل الي جعفر بن محمد فجئته، فقال: ما وراءك؟ فقلت: رأيت بني الحسن يحرج بهم في محامل. قال: اجلس. فجلست. فدعا غلاما له، ثم دعا ربه دعاء كثيرا، ثم قال لغلامه: اذهب، فاذا حملوا فأت فأخبرني. فأتاه الرسول، فقال: قد أقبل بهم، فقام جعفر بن محمد، فوقف من وراء ستر شعر يبصر من وراءه و لا يبصره أحد، فطلع بعبدالله بن الحسن في محمل معاد له مسود، و جميع أهل بيته كذلك.. فلما نظر اليهم جعفر هملت عيناه حتي جرت دموعه علي لحيته، ثم أقبل علي فقال: يا أباعبدالله، و الله لا يحفظ لله حرمة بعد هؤلاء..) الطبري 415/4 و ابن الاثير 144/5 - و العائلة الحسينية و كان تعاطفه عليه السلام و ذرفه الدموع علي أولئك الذين نالهم الأذي من أبناء أعمامه يدل علي أنه كان يتمني حقا نجاح الثورة ضد المنصور، و يدلل علي صدق توجهات الثوار و حرصهم علي تخليص الأمة من معاول الظلم التي كانت تهدم كل ما بناه الاسلام.


و قد عمد المنصور الي احدي حيله المشهورة، حينما قتل محمد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان المسمي بالديباج - و هو أخو بني الحسن لأمهم، أمهم جميعا فاطمة بنت الحسين بن علي عليه السلام، و أرسل رأسه الي خراسان مع جماعة أمرهم أن يحلفوا بالله بأن ذلك الرأس هو رأس محمد بن عبدالله بن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، يوهمون الناس أنه رأس محمد بن عبدالله بن الحسن صاحب النفس الزكية في محاولة منه لتطويق ثورة أهل خراسان المحتملة مع محمد صاحب النفس الزكية اذا ما أعلن ثورته، و لزرع اليأس في قلوبهم و قد أدركوا كذبته تلك بعد أن أرسل اليهم رأسه بعد ذلك.