بازگشت

العباسيون استغلوا رصيد اهل البيت لدي المسلمين


كان لأهل البيت عليهم السلام، و قد خبرهم المسلمون و عرفوهم حق المعرفة و أدركوا أنهم الوحيدون الجديرون بقيادتهم و ايصالهم الي شاطي ء الأمان في ظل الاسلام، منزلة خاصة في نفوسهم و صدي طيبا، بعد أن خبروا و عرفوا أيضا أعداءهم الحقيقيين من الأمويين و غيرهم.. لذلك كان العزف علي نغمة بيان ذكرهم و فضائلهم - من قبل العباسيين - دون تحديدهم في البداية - في نية مبيتة لسلب هويتهم كأهل لبيت الرسول صلي الله عليه و آله و سلم خاصة و نقلها اليهم - يقصد منه التقرب لعموم أبناء الأمة أولا و ادعاء كل التراث الضخم الذي حازوه و المكانة الضخمة التي حصلت لهم في نفوس أبناء الأمة. و من هنا نشأت حملة مماثلة لتلك التي قامت في عهد الأمويين كرست للحط من منزلة أميرالمؤمنين و أبنائه عليهم السلام و مطاردة كل علوي يرون فيه خطرا علي


مراكزهم و سلطانهم حتي و لو لم يكن أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام... و قد جري ذلك بعد أن ثبت العباسيون أقدامهم و قمعوا معارضيهم الآخرين، و لم يكن أحد ليجرؤ علي تسخيف أطروحاتهم و تزويدهم خصوصا و أنهم وجدوا جيشا كثيفا من وعاظ السلاطين و واضعي الحديث و مزوريه مستعدين لعرض خدماتهم مقابل الأثمان السخية التي كانت تقدم لهم.

ادعي العباسيون الغضب من أعداء الأمة الأمويين لقتلهم الحسين عليه السلام و زيد و يحيي، ففي خراسان (خرج أبومسلم يطلب بدم يحيي بن زيد و يقيل قتلته..) [1] ، فخراسان كانت المهد الذي احتضن ثورة يحيي و أهلها كانوا يمحضون أهل البيت عليهم السلام الود و الوفاء بعد أن تعرضوا لأشد ضروب الامتهان و الظلم و الحرمان علي يد الأمويين، و كانوا يرون أنهم الجديرون بقيادتهم و انقاذهم من الظلم الأموي، بعد أن استشهد علم من ابنائهم و هو يحيي بين ظهرانيهم و قد جاء يتصف لهم و للمسلمين بشكل عام. و بعيد استشهاده سمي آلاف المواليد في خراسان و أفغانستان و أذربيجان و أرمينيا و نجاري و سمرقند باسم يحيي و زيد اعتزازا بمن قدما نفسيهما في سبيل الاسلام و المستضعفين من أبنائه، و اذ أن أبامسلم كان ينتمي لهؤلاء المستضعفين من الموالي فان دعوته للمطالبة بدم أهل البيت و أبنائهم و خصوصا دم زيد، قد لقيت استجابة تامة في تلك البيئة المهيأة لتقبل أي تحرك مضاد لدولة الظلم الأموية. و هكذا دعاهم في أول مواجهة بينه و بين ممثل الدولة الاموية - نصر بن سيار الي الرضا من آل رسول الله (صلي الله عليه وآله سلم [2] (و أظهر الدعوة في خراسان، و أمر أحد أصحابه، الذي كان يقص القصص في عسكره بذكر فضل بني هاشم و معايب بني أمية [3] ..

و من الطبيعي ان الغطاء الهاشمي يتسع للعلويين و العباسيين و يفي بالغرض في تلك


المرحلة ريثما يتسني للعباسيين سحبه من علي ظهور اخوانهم العلويين الذين تقربوا بهم الي الأمة، ثم ضربوهم بعد ذلك.

و نري أن النية كانت مبيتة منذ البداية للتمويه علي المسلمين بالدعوة الي الرضا، فقد بعث محمد بن علي (رسوله الي خراسان سنة ثلاث و مائة أو أربع و مائة - و أمره ان يدعو الي الرضا، و لا يسمي احدا، و مثل له مثالا و وصف من العدل صفه..) [4] .


پاورقي

[1] الطبري 574/4 و لجأ أبومسلم الي أسلوب التفرقة بين القبائل و اثارة العصبية القبلية بين ربيعة و قحطان من جهة و مضر من جهة أخري، و أبدي أعداءه لمضر باعتبارهم عمالا لمروان الجعدي و هم قتلة يحيي بن زيد. و قد ألقي أحد أصحاب أبي‏مسلم خطبة في جماعته جاء فيها (... مضر قتلة آل النبي (ص) و أعوان بني‏أمية و شيعة مروان الجعدي و دماؤنا في أعناقهم و أموالنا في أيديهم...) 319/4.

[2] الطبري 308/4.

[3] الطبري 313/4.

[4] الطبري 320/4.