بازگشت

الاموية و العباسية.. توجه فرعوني واحد


لم يكن قيام الدولة العباسية نتيجة طبيعية للمقدمة التي شهدت ارتفاع الموجة الفرعونية الأموية، مع أنها كانت النتيجة المباشرة الواقعية لها [1] ... فكيف حدث أن اتحدت الموجتان فيما بعد تحت تأثير ريح واحدة و شكلتا أكبر تيار فرعوني اجتاح المسلمين، و كانت الخبرة الأموية في مجال الانحراف تبدو و كأنها كانت تكرس لمصلحة الخلفاء العباسيين [2] الذين أفادوا منها الي أبعد حد ممكن و قد أضافوها الي خبراتهم في مجال السياسة و الحكم ليتسني لهم البقاء خلفاء و حاكمين الي الأبد [3] ... متذرعين و مدعين أنهم المستضعفون الذين من الله عليهم و جعلهم أئمة


و جعلهم الوارثين، كما أن الله قد من بهم علي المستضعفين - علي حد تعبير أبي العباس السفاح أول خليفة لهم في أول خطبة ألقاها في أهل الكوفة، و أنهم (أهل البيت) الذين أشار الله اليهم في محكم كتابه الكريم اشارة واضحة بقوله: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا) [4] محاولين التعتيم علي أهل البيت الحقيقيين الذين نزلت فيهم هذه الآية الكريمة و هم (محمد صلي الله عليه و آله و سلم و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليه السلام)، كما رويت في ذلك الروايات الصحيحة التي تداولها المسلمون في كتبهم و صحاحهم و التي حاول انكارها من قبلهم الأمويون، فادعوا أمام المسلمين بأن أهل البيت هم آل أبي سفيان. و قد انطلت أكاذيبهم بشأن ذلك علي أهل الشام المتأثرين بمعاوية الي حد بعيد و كانوا نتاج تربيته و اعداده الخاص.


پاورقي

[1] و قد حاول أکبر خليفة عباسي، و هو المنصور، في خطاب له بمکة بعد بناء بغداد، أن يبين للناس أن مجي‏ء العباسيين کان سنة الهية محتمة أشار اليها القرآن الکريم، بعد أن قام فراعنة الأمويين الجدد ببناء صرح دولتهم الظالمة علي رقاب المسلمين و لم يلتفتوا الا الي مصالحهم و امتيازاتهم، و حاول يظهر دولته بمظهر الدولة العادلة التي يبشر الله بها المؤمنين بعد اندثار الظلم و زواله.. و قد جاء في خطبته.. (و لقد کتبنا في الزبور من بعد الذکر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) الأنبياء /105، أمر مبرم، و قول عدل، و قضاء فصل، و الحمد لله الذي أفلج حجته، و بعدا للقوم الظالمين، الذين اتخذوا الکعبة عرضا و الفي‏ء ارثا، و جعلوا القرآن عضين، لقد حاق بهم ما کانوا به يستهزئون. فکم تري من بئر معطلة و قصر مشيد! أهملهم الله حتي بدلوا السنة، و اضطهدوا العترة، و عندوا و اعتدوا، و استکبروا و خاب کل جبار عنيد، ثم أخدهم، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع له رکزا!) الطبري 531/4 و ابن‏الاثير 223/5.

[2] کان الخلفاء العباسيون يتابعون سيرة بعض الخلفاء الأمويين و يحاولون الافادة منها.. و يهمنا أن نشير الي اهتمام المنصور بتدبير هشام بن عبدالملک في حروبه و ملکه.

[3] خطب داوود بن علي عم السفاح في أهل الکوفة سنة 132 و جاء في خطبته (.. فاعلموا أن هذا الامر فينا ليس بخارج منا حتي تسلمه الي عيسي بن مريم..) الطبري 348/4 و ابن‏الاثير 68/5 و قد أشار السفاح في هذه الخطبة الي ما ذکره المنصور بعده فقال: (ثم وثب بنو حرب و مروان، فابتزوها و تداولوها بينهم، فجاروا فيها و استأثروا بها و ظلموا أهلها، فأملي الله لهم حينا حتي آسفوه، فلما آسفوه انتقم منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا و تدارک بنا أمتنا، و ولي نصرنا و القيام بأمرنا ليمن بنا علي الذين استضعفوا في الأرض، و ختم بنا کما افتتح بنا، و اني لأرجو ألا يأتيکم الجور من حيث أتاکم الخير، و لا الفساد من حيث جاءکم الصلاح. و ما توفيقنا «أهل البيت» الا بالله..» الطبري 347/4 و تارخ الخلفاء 239 و ابن‏الأثير 67/5.

[4] الأحزاب 33.