بازگشت

تنبيه دائم للامة


لقد جعلت ثورة الحسين أعدادا كبيرة من المسلمين يلتفتون الي دوافعها و أهدافها الحقيقية - رغم التشويه الذي حاول أعداء أهل البيت الحاقه بها - و يتعاطفون معها، بل و يتبنون مواقف الثوار الذين وقفوا الي جانب الحسين عليه السلام و نصروه في أحرج الظروف التي كانت تمر بها الأمة..

و قد كانت تلك الطليعة العقائدية المؤمنة التي أراد أميرالمؤمنين عليه السلام ايجادها في العراق - اثر خروجه من المدينة بعد ظهور الاحزاب و القوي المناوئة لمسيرة الاسلام الحقيقية - قد نمت بوجوده - في الكوفة، ثم تضاءلت بعد ذلك لما لقيته من متاعب و محن و هي تخوض مع ذلك الامام العظيم معاركه الكبري ضد الاحزاب و قريش و العائلة الاموية و من استقطبتهم و الخوارج، ثم بعد اغتياله عندما واجهت العنف الاموي المتصاعد، الذي كان يبدو مكرسا لمواجهة كل أبناء الامة و قتلهم ان اقتضي الحال، لو لم يعمل الامام الحسن عليه السلام علي ايقافه عند صلحه مع معاوية و بعد الشروط التي تضمنها عقد الصلح، كما أوضحنا في بحث سابق من هذه الدراسة، و بقي أمرها بيد مد و جزر و صعود و هبوط طيلة الفترات اللاحقة، و بقيت في قرارتها تميل لنهج أميرالمؤمنين عليه السلام و خطه، و قد رأت في ثورة الحسين عليه السلام بوجه الانحراف المعلن بعد معاوية أملا حقيقيا يلوح أمامها لتخليصها من ذلك الانحراف، فكانت تبدو مستعدة للمشاركة فيها. الا أنها سرعان ما تراجعت علي أعقابها بل و شاركت بجريمة قتل الحسين و أصحابه، ثم عادت و انتفضت علي قاتليه و شاركت في ثورات عديدة ضد دولة الظلم - كما رأينا في هذا الكتاب - و كانت


مستسلمة في مراحل عديدة من حياتها في ظل دولة الظلم الأموية، غير أنها - دون شك - لم تكن راضية عن هذا الاستسلام، و كانت تتطلع الي من ينقذها و يقودها ضد الامويين و غيرهم فيما بعد.. و لم تتح لأحد فرصة فهم هؤلاء الثائرين الدائميين علي الظلم رغم سكوتهم و استسلامهم الظاهري أحيانا، اللهم ألا لأولئك الذين عرفوا توجهاتهم و فهموا تصوراتهم.