بازگشت

تطلع دائم الي النهوض


و اذ لم يتم ذلك حالا، و لم تتح له فرصة اعادة الامة الي الخط الرسالي الذي رسمه لها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و بين ابعاده و حدوده، فانه لم يتوقع أنها سوف لن تعود الي هذا الخط أبدا في يوم من الايام، و ان قد يبدو هذا اليوم بعيدا..


لقد نجح الحسين عليه السلام نجاحا باهرا بجعل الامة تتطلع دائما الي النهوض من السقطات و الانحرافات المتكررة التي حاول أعداؤها ايقاعها فيها و تطمح الي التخلص من دولة الظلم مهما كان شكلها و عنوانها و مهما اختلفت شعاراتها و ادعاءاتها، و نجح بجعلها تدرك أنها لا تزال تملك مقومات النهوض و العودة الي الاسلام.

لقد تمادت دولة الامويين في ظلمها و طغيانها، و قويت و اشتدت، غير أنها تلاشت، و لم يعد رصيدها سوي سيل ميل اللعنات صبتها عليها الأمة فيما بعد لانحرافها المعلن و ايقاعها هذه الأمة المغلوبة في بحر من الفتن و الضلالة و الجهل و الانحراف و الضياع، و قامت علي أعقابها دول أخري انحرف فيها (خلفاء) و سلاطين و أمرا كثيرون.. و قد تلاشت تلك الدول بدورها رغم مظاهر القوة و الازدهار و الابهة الظاهرة، و بقي الاسلام، و بقيت جذوته في النفوس، و بقيت نزعة التضحية و التصدي و استرخاص النفس و المال و كل شي ء في سبيله.

و تلوح أمام هذه النفوس، كلما أوشكت أن تضعف أو تنهار أو تستلم مواقف الامام الحسين و صحبه عليه السلام و مواقف أولئك الذين ثاروا بعده في الكوفة و المدينة و مكة و البصرة و بغداد و غيرها من حواضر المدن الاسلامية.

رأي العديدون من أبناء الأمة أن عليهم أن يسجلوا موقفا مناوئا للظلم و الانحراف، كذلك الذي سجله الحسين و أصحابه، و حفلت صفحات التاريخ الاسلامي بصور عديدة لم يستطع الظالمون محوها و اغفالها، لثوار آخرين وقفوا وقفة مبدئية شجاعة بوجه كل دول الظلم المتعاقبة، و لم يرهبهم عنفوانها و لا انتهاجها أقسي به فراعنتها لبسط نفوذهم و سلطانهم، و كان هؤلاء يحسون بروح المقاومة و التصدي الموجودة في نفوس أبنائها و ان لم يعلنوا عنها بنفس الطريقة التي أعلنها الامام الحسين عليه السلام.