بازگشت

ايغال في الجريمة - صحوة الموت


لقد تجرأ أولئك الذين أقدموا علي قتل الحسين عليه السلام و أوغلوا في جرائمهم عندما رأوا أن الأمة قد شاركت بنفسها معهم بفعلهم الشائن، رغم أنها كانت ترفض ذلك في قرارة نفسها، اذ كانت مدفوعة اليه رغم ارادتها، و لم تكن مقولة الفرزدق و غيره الذين أخبروا الحسين عليه السلام أن قلوب الناس معه و سيوفهم مع بني أمية، غير مصيبة..! فالأمة مستسلمة خائفة بل و مهزومة، و لم تبق فيها قدرة علي الصمود امام النظام الفرعوني المتسلط.

و قد ازداد تماديهم عندما أقدموا علي قتل أهل المدينة و مكة و ضربوا الكعبة و قتلوا آلافا من أهلهما و استباحوا الحرمات و انتهكوا الاعراض و طلبوا من الناس مباعية يزيد علي أنهم عبيد له، و هو أمر لا يمكن تفسيره بمنظور اسلامي بأي شكل من الأشكال و يطلب من الأمة قبوله و هضمه - كما فعل العديدون من أعوان السلطة من الوعاظ و واضعي الحديث المأجورين، و لا يدل الا علي الانحراف و الظلم قد بلغا غايتهما.

و قد قمعت المعارضة التي قامت في أعقاب يزيد، في الكوفة و التي تزعمها سليمان بن صرد الخزاعي أحد صحابة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و المختار بن أبي عبيد الثقفي أحد أشهر المطالبين بثأر الحسين و الذي ألحق خسارة فادحة بالدولتين المتصارعتين المروانية و الزبيرية، و بقيت احداهما، و هي الدولة المروانية الأموية، و قويت بحد السيف، و استأنفت مسيرة سابقتها الدولة اليزيدية الأموية، و قد أعطت لنفسها حقا باللجوء الي كل ما تراه مناسبا لحماية نفسها و اتمام مسيرتها.

لقد جرت حرب سجال طيلة سنوات عديدة، كانت الغلبة فيها لآل مروان، و أصبحت الكرة بأيديهم، و كان (الحق المضاف) الذي أعطوه لأنفسهم و الذي تمادوا


فيه لأبعد حد في جرائمهم و استهتارهم و عبثهم، جعلهم أمام الصورة المشرقة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و المكانة الكريمة التي بناها للاسلام في نفوس المسلمين، يبدون كالقرود أمام هؤلاء، ينزون و يتقافزون و يتلاعبون علي منبره الكريم الذي أراده الله منبر حق و كرامة لا منصة للقرود و اللاهين و الحواة...

لم ير الأمويون لأحد حقا في محاسبتهم و مراقبتهم، و بلغ رصيد الاحاديث النبوية الموضوعة لصالحهم حدا جعلهم يقدمون دون خشية علي هدم ما بناه الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و ينتهكون كل حدود الاسلام و يتلاعبون بأحكامه... فهم ولاة الامر الذي ينبغي علي الجميع اطاعتهم و الاقتداء بهم، و ليس لأحد أن يخرج عن حكمهم حتي و لو كانوا فاسقين، فامامة المفضول و الفاسق جائزة، بل واجبة حتي لكأن الاسلام قد جاء ليكرس امامة الفاسق و حسب..!!