بازگشت

تحركات مرصودة


كانت تحركات زيد مرصودة من قبل أعدائه، و كانوا يرون انه اذا أكمل استعداداته في الكوفة فان عواقب ذلك ستكون وخيمة عليهم، فحاولوا معرفة قوته الحقيقية و مكان تواجده و قتلوا رجلين اتهما بأنهما آوياه، و كان الغرض من ذلك اما دفعه للهرب، و هذا ما لم يكن يفعله زيد، أو اعلان ثورته قبل أن يكمل الاستعدادات اللازمة، و هو ما فعله، لأنه كان الأمر الوحيد الذي كان عليه القيام به، و هو ما جعله يفشل في معركته رغم بسالته و قوة بأسه.

و قد جعل ذلك بعض المؤرخين و الناقدين يتهمونه بالعجلة، رغم انه كان يعرض نفسه و أصحابه للابادة و القتل السريع دون أن يحقق شيئا لو لم يبادر بالخروج لامساك زمام المبادرة و مفاجئة أعدائه، و من هؤلاء الناقدين الزهري الذي علق عند مشاهدته رأس زيد في الشام بقوله: (أهلك أهل هذا البيت العجلة). الاصفهاني مقاتل الطالبيين ص 143.

و تبرز ظواهر اجتماعية عديدة جديرة بالانتباه اليها، شبيهة بتلك التي برزت خلال ثورة الحسين عليه السلام و ظهور مسلم بن عقيل في الكوفة، و في مقدمتها حرص أناس مغمورين لا ينتمون للسلطة و لا يحسبون من قيادات المجتمع لاظهار تحيزهم الواضح للحكم و قيامهم بالوشاية والدس و الوقيعة و اظهار بطولة مفتعلة لكي يراهم حاكم الكوفة و يرضي عنهم، مع أنهم قد لا يجنون أية ثمار لأعمالهم تلك سوي احتمال لفتة بسيطة قد يثيبهم الحاكم فيها بضعة دريهمات. و قد لا يكون جزاء ذلك سوي نظره احتقار يوجهها الحاكم اليهم، فالخيانة و اختيار طريق الوشاية و الدس و الوقيعة قد ينكرها حتي الذي يستفيد منها مع أنه لا يحرم نفسه من الافادة من أولئك الخونة و الوشاة و النمامين الذين يعرضون أنفسهم دون مقابل.