بازگشت

هل هي شجاعة مجردة


لقد وصفت مواقف الرجال المشاركين بثورة الحسين عليه السلام بالشجاعة، رغم كل ما قيل فيهم، غير أن الشجاعة المجردة و التظاهر بها، لم تكن هي الدافع الذي مكنهم من الصمود الي آخر لحظة من حياتهم و منازلة أعدائهم الكثيرين و قتل بعضهم و عدم المبالاة بالموت رغم يقينهم أنه نازل بهم بعد لحظات.

فالشجاعة المجردة قد يمتلكها حتي أولئك الذين لا يحدد مسيرتهم غرض نبيل أو هدف سام و قد يتميز بها حتي بعض المتهورين و قطاع الطرق و أولئك الذين لا يحملون قضية عادلة، غير أنها شجاعة مطلقة، لأنها امتزجت بالمثل الأعلي المطلق و كان دافعها الوحيد هو حماية الاسلام من الانحراف و الضياع... (سئل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: الرجل يقاتل حميه، و الرجل يقاتل شجاعه، و الرجل يقاتل ليري، فأيها في سبيل الله؟

فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله..) [1] .

و كان دافعها الحرص علي الأمة كلها و حمايتها من الانحراف، و الشعور


بمسؤولية شخصية يتحملها كل فرد من المشاركين بالثورة و المعركة، و يدرك أن عليه دورا لابد من القيام به و لا يمكن تأجيله.. و لو كان الظروف عاديا، و لو لم يمر أولئك الرجال بمحنة تغلغل الانحراف بين صفوف أبناء الأمة، و شعورهم بمسؤولية مواجهته بعد أن عجزت الأمة كلها عن ذلك، لربما و جد بعضهم أن عليه أن لا يفرط بقطرة دم واحدة من دمه أو حتي بساعة راحة واحدة، طالما أن الأمر لم يكن يقتضي ذلك.. أما و أنه كان واجبا و ضروريا و أمرا عاجلا لا يحتمل التأجيل، فكيف يتسني لهم الانتظار، و كيف يتسني لهم أن يتجاهلوا أن مصلحة كلها و علي امتداد الأزمان، فوق مصلحتهم الشخصية و راحتهم الشخصية و أن حياتها أهم من حياتهم.


پاورقي

[1] رواه الشيخان / سيد قطب - في ظلال القرآن ج 17 ص 2427.