بازگشت

مطلع شخص واحد دمرت مستقبل الأمة الي الأبد


(و كان الحق علي معاوية، لو أنصف و أخلص نفسه للحق أن يبايع كما بايع الناس، ثم يأتي الي علي مع غيره من أولياء عثمان فيطالوا بالاقادة ممن قتله. ولكن معاوية لم يكن يريد أن يثأر لعثمان بمقدار ما كان يزيد أن يصرف الأمر عن علي، و آية ذلك أن الأمر استقام له بعد وفاة علي عليه السلام و مصالحة الحسن اياه، فتناسي ثأر عثمان و لم يتتبع قتلته..) [1] .

لقد أدرك معاوية أن السبيل الوحيد الذي يتيح له البقاء علي كرسي الحكم بعد عثمان، هو مقتل عثمان، فأية ذريعة يمكن أن يرفعها للوقوف بوجه أميرالمؤمنين عليه السلام اذا ما مات عثمان موتا طبيعيا، و هو شيخ كبير أوشكت سنوات عمره علي الانقضاء... و قد رأينا في المبحث الذي تطرقنا فيه الي سيرة معاوية أنه كان في مقدمة الساعين لقتل عثمان، و كان يمهد الأمور من طرف خفي لذلك ليتسني له بعد ذلك رفع شعار المطالبة بدمه، و هو شعار سيلقي لدي المظللين و الطامعين و الأحزاب صدي مقبولا، و ستجعل منه سببا لتوهين حكم أميرالمؤمنين و الخروج عليه.. و هذا ما تم بالضبط.

و قد أدرك الكثيرون من الباحثين المسلمين الجادي ذلك، و علموا أن معاوية لم يكن يسعي الا وراء مصالحه و غاياته و أطماعه الخاصة، و أنه حاول خلط أوراقه بأوراق من سبقوه من الخلفاء ممن كانوا يلقون قبولا حسنا لدي جماهير واسعة من المسلمين، ليكون مقبولا لديهم بدوره، و ليظهر بمظهر قوي بمواجهة أميرالمؤمنين عليه السلام، و ليستطيع أن يدعي بعد ذلك أن عليا كان علي الكل واجدا و أنه لم يختص معاوية بذلك وحده، فكأنه كان يريد أن يظهر أمام الأمة بمظهر الظلومية و يشعرها بأنه مغبون محسود.


پاورقي

[1] الفتنة الکبري 31 / 2.