بازگشت

الطف شاخصة أمام الأمة دائما


و كما أراد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم أن تشخص بدر أمام الأمة دائما، و يشخص أبطالها أمام أنظار أبناء هذه الأمة كنموذج قابل للتكرار، أراد أن تشخيص الطف أمام أنظارها كظاهرة أخري كبيرة، بطلها ابن بطل الاسلام الأول، و أبطالها الآخرون أفراد عاديون من المسلمين، أدركوا مسؤولياتهم و واجباتهم و تقدموا بين يدي الحسين غير مبالين بالقتل و الأذي..

و كان نموذج الأبطال الذين اشتركوا مع الامام الحسين أمرا ممكن التكرار أمام أية حالة ظلم و أمام أية دولة ظالمة علي امتداد التاريخ، و لو كانت هذه الدولة تتستر بالأغطية الاسلامية و ترفع الشعارات الاسلامية التي رفعتها دولة الظلم الأموية.

و ليس من الغريب أن يقوم أحفاد أولئك الأعداء الذين قاوموا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم منذ البداية، و تزعموا الحملة الظالمة لحربه و استئصاله و القضاء علي دينه، بشن الحرب علي آله عليهم السلام و فعل ما لم يستطيعوا فعله معه صلي الله عليه و آله و سلم.

و لم يكن خافيا علي الأمة تحيز آل أبي سفيان الي الشرك و وقوفهم في الصف الأول من المعادين للاسلام، و لم يكن خافيا عليها انحناؤهم أمام العاصفة الاسلامية القوية التي أوشكت أن تزلزل بهم الأرض، و تسللهم الي صفوف المسلمين، ثم احتلالهم مراكز مهمة أدت - في ظروف الانحراف الي أن يستأثروا بالسلطة و الملك بشكل تام.

و كان لذلك أسبابه و ممهداته التي كانت نابعة عن نظرات فردية خاصة، ربما رأت أن تقريب آل أبي سفيان قد يعمل علي تجنيب الأمة شرهم، و أنه يمكن بالمناصب التي منحت لهم كسبهم نهائيا الي صف الاسلام و محو كل الآثار السلبية التي قد تبقي في نفوسهم ضده، هذا اذا حولنا تفسير الأمر هذا التفسير البسيط الذي لا تلوح منه اشارة الي نياب سيئة خلف هذا التعيين الذي جر علي الأمة الويلات طيلة مئات السنن... مع أننا ينبغي أن نحمل من عين معاوية تبعات قيامه المتعمد بذلك لأنه ألحق أشد الأذي بالمسلمين، اذ كان معاوية واليا مدللا، اذا صح التعبير، و لم


يكن يجري عليه ما يجري علي غيره من العمال الآخرين حتي في زمن عمر الذي اشتهر بالشدة و الصرامة علي نفسه و علي عماله، الا أنه كان يتراجع أمام تبريرات معاوية و أعذاره التي ذكر لنا التاريخ طرفا منها.