بازگشت

ما كان سيحدث لو أن الحسين بايع يزيدا


كان ذلك يعني أن الحسين عليه السلام اذا ما فعل ذلك فانه سيجعل نفسه في صف الطبقة المستغلة التي تقود دولة الظلم الأموية و تستأثر بكل الخيرات دون عموم أبناء الأمة المظلومة المضطهدة المقهورة، و كان سيعطيها الشرعية التي تطلبها لتعزيز مكانتها و تثبيت وجودها و هو أمر لم يكن الحسين يفكر به اطلاقا بحكم موقعه و مركزه و مسؤوليته، و ما نحسب أن أحدا من المسلمين يعتقد أن الحسين يمكن أن يفكر بذلك، فكيف يمكن أن يقدم عليه..

لقد آثر أن يقوم بما لم يقم به أحد غيره، لأنه لم يكن مثل الآخرين، و كان وعيه و شعوره بالمسؤولية استثنائيا، لم يكن يقل عن وعي و شعور من سبقوه ممن حملوا لواء الامامة مكملين دور الرسول القائد صلي الله عليه و آله و سلم بين أبناء الأمة. كانت معرفته بالاسلام و يقينه به أكبر من أي شي ء آخر يمكن أن يجعله يستجيب لدعوة يزيد لمبايعته و وضع يده في يده.

لم يكن أحد يتصور أو يحتمل أن يقر الحسين عليه السلام الانحراف أو يهادن الدولة الأموية المنحرفة، و كان أبناؤها كلهم ينظرون اليه كرافض و عدو لهذه الدولة و كشخص غير قابل للمساومة و الشراء.

و قد حاولت فئات كبيرة منها في فترات سابقة - أيام معاوية - أن تسير خلف قيادته لا نتشالها من و هدة الحكم الأموي الجائر، غير أنه لم يوافق علي ذلك لعدم وجود الظروف الموضوعية المناسبة التي تمكنه من القيام بهذه الثورة و ضمان نجاحها و تأثيرها في ذلك الوقت الذي كان معاوية يحاول أن يظهر فيه بالشكل الذي ظهر به من سبقوه و كان يحاول التمسك ببعض المظاهر الخارجية التي تبديه و كأنه أحد المنتمين للاسلام حقا و أحد المتمسكين بتعاليه و تشريعاته، مادام ذلك الشكل هو المحبب و المرغوب من قبل أبناء الأمة.

أما بعد هلاك معاوية، فقد رأينا أن الحسين عليه السلام لم يكن أمامه سوي سبيل


واحد، و قد رفض يزيد أيام أبيه، و هو رفضه و قد تسلم القيادة الفعلية للمسلمين و أصبح متخلفا عليهم، و هو أمر حسب له معاوية ألف حساب و أعد يزيد لمواجهته، و قد كان يقض مضاجع أركان الحكم الأموي و يجعلهم قلقين، علي مواجهتها و حلها، فيزيد ليس كمعاوية في (دهائه) و سياسته و مهارته و أركان حكمه ليسوا كعمرو بن العاص و المغيرة و زياد و أضرابهم.

كانت مبايعة الحسين ليزيد تعني تحمله مسؤولية استسلام كل فرد من أفراد هذه الأمة المشلولة الخائفة المنهزمة، و من هنا جاء شعور أنصاره الذين علموا صدق التوجه الحقيقي وراء رفضه الحكم الأموي و ثورته عليه، معبرين عن الوفاء العميق بل الود الشخصي و الولاء الخالص له عليه السلام، مؤكدين لكل فرد من أبناء هذه الأمة ما ينبغي عليه الشعور تجاهه، فكل فرد ينبغي أن يعبر عن احساسه الشخصي الخاص و لمسته الشخصية الخاصة تجاه الحسين عليه السلام الذي بدا أنه كان يفدي بحياته و راحته و أمن عائلته جميع أبناء هذه الأمة علي امتداد العصور.

ان كل من يعرف الدوافع الحقيقية لهذه الثورة يشعر بالامتنان تجاه الحسين، و ان في عنقه دينا شخصيا له.