بازگشت

قائد الأمة الحقيقي موجود دائما


غير أن اختفاء أميرالمؤمنين عليه السلام من الساحة، لم يكن من شأنه أن يخلي الأمة من مسؤولياتها، و كذلك اختفاء الامام الحسن عليه السلام بعد ذلك؛ كان عليها أن تسير خلف قادتها الحقيقيين، بعد أن تعرفت علي مواصفاته و لياقتهم الفريدة لهذه المهمة.

و اذ أنها قد فعلت العكس، و سارت خلف أعداء هؤلاء القادة الحقيقيين، فانها تكون قد اشتركت بأكبر مؤامرة حيكت ضد الاسلام.

لقد كانت المحنة الحقيقية التي مرت بها الأمة، تتمثل لا بمجرد استسلامها ليزيد، و انما مشاركتها بالجريمة التي اقترفها، و كانت هي الأداة المباشرة للجريمة.

و قد يبدو الأمر مربكا للبعض ممن يتناولون حوادث التاريخ بعيدا عن مسبباتها و خلفياتها، و قد يبدو لهم أن الأمة كلها كانت تتعرض لحالة عبث غير مسوؤلة من قيادة يفترض أنها مسؤولة و ملتزمة، فان هذا الامام الذي سار لينقذ الأمة من أخطاء و انحرافات سابقة و حالية، قد تعرض لعدوان هذه الأمة نفسها، فقد ارتكبت في حقه خطأ لا يغتفر، حينما حملت عليه و قتلته تلك القتلة الشنيعة و وقفت منه ذلك الموقف المشين، و من لم يشترك من أبنائها في قتله، وقف موقف المتفرج الذي يراقب الأحداث من خارج حلبة الصراع و كأن الأمر لا يعنيه، و كأنه خارج الحلبة فعلا، بعيدا عن الصراع، و كأن الأمر برمته بدا و كأنه لا يعني هذه الأمة كلها مباشرة، و كأن الامام الحسين عليه السلام كان هو المعني الوحيد و المستهدف الوحيد بالظلم و الأذي، مع أن اشارة بسيطة منه بالموافقه علي مبايعة يزيد، كانت تكفيه لكي يحصل علي مكاسب كبيرة و هائلة، قد تكون ولاية عهد يزيد نفسه و قد تكون مقاسمته ملكه و قد تكون ملكا أو ولاية كبيرة أخري. و كان يزيد سيطير من الفرح لو فعل الحسين عليه السلام ذلك و كان


سيعطيه كل ما يريد. فاقرار الحسين حكم يزيد و مشاركته اياه فيه سيعطي المبرر الشرعي لوجود الدولة الأموية و سيسقط آخر الحصون لكل جهة رافضة أخري لا تريد هذه الدولة و تعاديها، و سيصرخ كل فرد من أعوانها: ما شأن من يعادينا؟ ماذا يريد منا؟ ألسنا حكومة شرعية أقرها و باركها و سار في ركابها الحسين نفسه؟