بازگشت

لماذا يريدون ارالة ملكنا حيرة يزيد


ربما كان يزيد يعجب من اقدام الحسين علي ثورته بوجهه و يراه منافسا جديرا بالقمع و الاستئصال مادام يريد زوال هذا الملك الذي آتاه الله اياه دون بقية البشر و اختصه به، و ربما يعجب أي فرعون أو قيصر اذا ما رأي من يريد ازاحته عن العرش، فهو ملك لا يري الا نفسه، و يري الناس حوله راكعين مطيعين لا يجرءون علي رفع أبصارهم اليه و عصيان أوامره و اهمال رغباته، فهم عبيده و خدمه و حراسه.

لقد كان تصوره لذلك السطو الكبير علي الخلافة من قبل أبيه - الذي كان مقتنعا به قناعة شديدة - و الذي بدت أفعاله و رغباته تسير باتجاه تكريس الحكم له و لأبنائه من بعده، بجعله يعتقد أنه انما ينال حقا خاصا به و ملكا آتاه الله اياه، فليس لأحد، حتي و لو كان هو الممثل الشرعي للأمة الاسلامية - و لنلا حظ أنه لم يكن يعتقد بممثل لها سواه - من حقه أن يتصدي له و يرفض حكمه، و لو كان ابن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم نفسه الذي يحمل له المسلمون في قرارة أنفسهم حبا كبيرا و ودا خاصا، و في تلك الظروف التي رأي فيها أن كل شي ء طوع أمره و ارادته كان يزيد علي استعداد لمنازلة أي (منافس) أو عدو حتي و لو كان هو رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه، الذي يحمل له المسلمون في قرارة أنفسهم حبا كبيرا و ودا خاصا، و في تلك الظروف التي رأي فيها أي كل شي ء طوع أمره و ارادته كان يزيد علي استعداد لمنازلة أي (منافس) أو عدو حتي و لو كان هو رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه، و لفعل به ما فعل بالحسين تماما.

ربما كان يزيد لا يفهم، و ربما كانت حاشية مثله لا تفهم، لماذا يقف الحسين


منه ذلك الموقف و لماذا يريد استبداله بقيادة شرعية موهلة، و قد تعود أن يسمع من الجميع، و في مقدمتهم والده أن الملك في النهاية له يتلاعب و يتصرف به وفق مشيئته و هواه، كما تعود أن يسمع كلمات الاعجاب و الثناء علي سلوكه و سياسته و فطنته و حسن تصرفه.

و ربما كانت عقلية يزيد نسخة مكرورة معادة من عقليات كل الطغاة الذين سبقوه علي مر التاريخ و الذين كانوا يرون الجميع ينحنون أمامهم و يدينون لهم بالطاعة و يجعلون منهم أربابا من دون الله، و قد كانوا يريدون لقانونهم وحده أن يسود و يحكم، و يرون في كل قانون أو دين أو نظام آخر يشجب تصرفاتهم و يحد منها، عدوا يجب محاربته و استئصاله.

و هكذا، فلا غرابة أن يري يزيد في الاسلام عدوه اللدود لأنه يقف عائقا أمام اندفاعاته و تصرفاته غير المسؤولة و غير المنضبطة، و قد نستطيع أيضا تفسير تلك التصرفات اذا ما فهمنا تصوراته كطاغية مطلق اليد، و جد الأمر ممهدا له منذ البداية و وجد الطريق مفروشا بالورود، و قد أصبح زعميا للأمة و ملكا مطلقا عليها رغم علمها المسبق بحقيقته و حقيقة تصرفاته التي لم تكن تخفي عليها، و لم يكن يخفي عليه علمها بها.

و من هذه الزاوية قد نستطيع الاقتراب من تصور كل طاغية و جد الأمور ممهدة له منذ البداية، و وجد نفسه متسلطا علي رقاب الناس و حاكما غير مقيد.