بازگشت

مفاهيم جديدة


كان النظام الأموي يسعي لترسيخ مفهوم جديد لشرعية وجوده و استلامه الحكم، و يبين أن ما حدث لأعدائه انما كان بتدبير الهي و مشيئة الهية اقتضت أن يقتل أولئك الأعداء، فكأن الذي قام بعملية القتل و القمع جنود من السماء، لا أعوان الدولة و مرتزقتها.

و كأن المؤهل المطلوب من الحاكم هو حسن السياسة و التدبير، و لا يهم بعد ذلك أن يكون عاطلا من أي مؤهل آخر، أو أن يحكم بما لم ينزل الله به من سطان أو حكم أو قانون. قانون الحاكم سياسته و حسن تدبيره للامساك بزمام الأمور و ضبطها لصالحه، و علي هذا الأمور وحده أكد معاوية عندما اختار يزيد وليا للعهد، و قد اقتنع به يزيد مع أنه لم يكن حسن السياسة و التدبير كما كان يتبجح بذلك والده - و كان يبدي تعجبه من اقدام الحسين عليه السلام علي التصدي له و رفض حكمه، كما جاءت فئة كبيرة


من المسلمين بعد ذلك، و الي يومنا هذا، تبدي تعجبها، بل و استنكارها لما قام به الحسين عليه السلام و تجد أنه بثورته بوجه يزيد كان ظالما له، و قد تطرقنا الي الأطروحات التي كانت تري وجوب اطاعة الحاكم الجائر أو الفاسق و عدم الخروج عليه لأي سبب من الأسباب لما في ذلك - كما تؤكد تلك الأطروحات - من احتمال كبير للتعرض للفساد و الفرقة و الهوج و الفوضي، كأن تلك الأطروحات تقول: ان ما يراد من الناس هو أن يكونوا منضبطين وفق قانون قوي، و لا يهم أن لا يكون ذلك القانون قانون الاسلام نفسه، و هذه الأطروحة هي السيف الذي لا يزال يسلط فوق رقاب المسلمين، ماداموا قد أقروها في زمن ما و اعتمدتها سلاسل للحكم طويلة علي أنها هي الشي ء الصحيح و وضعوا لتبريرها (أحاديث) قالوا ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم نفسه قد قالها و أوصي بتطبيقها، مع أن بعض تلك السلاسل كانت معاوية للنظام الأموي الا أنها تساهلت بشأن أطروحاته حول الحكم و الحاكم.