بازگشت

لماذا الخوف من كشف الانحرافات


و مع ذلك يهون كاتبنا الاسلامي الكبير من شأن هذه الانحرافات (الحالية و السابقة) لأن ما حدث بعدها كان أشد منها، و يبدي تخوفه من النقد و الكتابات المختلفة التي تبرر الأخطاء و تجسمها و تخفي حسنات الأمويين..! و يعيد نفس تخرصات الأمويين بشأن الأعداء الشيعة أو السبأيين الذين جعلوا همهم التشينع عليهم.

(حين نعيد كتابة هذه الفترة ينبغي أن تكون علي بينة من عدة محاذير... المحذور الأول: ان معظم ما نتداوله في مدارسنا و في دراساتنا في عن هذه الفترة مكتوب بأيد شيعية أو سبأية، همها الأول التشنيع علي بني أمية و تجسيم أخطائها و ابرازها و اخفاء الحسنات أو تفسيرها تفسيرا ملتوبا، يذهب بما فيها من الخير، و يعرضها كأنها من السيئات، و علاج هذا الأمر - كما أشرنا في (الفصل السابق - هو اتباع منهج لمحدثين لتمحيص الروايات المدسوسة و الضعيفة و الملتوية للوصول الي الحقائق الصائبة، بقدر ما يتاح للمؤرخ المسلم الملتزم بالحيدة العلمية التي هي أصل من أصول هذا الدين.. (و لا تقف ما ليس لك به علم ان السمع و البصر و الفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا) [1] .


هل نمسح المسألة بهذه البساطة و نتناسي كل ما قيل عن الأمويين، و ما يعترف به الكتاب الاسلامي الكبير نفسه...؟

ألم يؤدي اتباع منهج المحدثين لتمحيص الروايات الي تأكيد الحقائق بشأن انحراف الأمويين، مع أن روايات عديدة انسابت من أيدي هؤلاء و أخذت مواقعها كروايات موثوقة في ظل الظروف و الأوضاع الأموية نفسها و ان العديدين من هؤلاء الرواة (الثقاة) عاشوا في بحبوحة الترف الأموي و اعترفوا من الأموال الأموية...؟

ان كاتبنا الكبير واثق في قرارة نفسه من انحراف الأمويين عن الاسلام، غير أنه يشعر أنه اذا ما أقر بذلك علانية و بوضوح فانه يتيح مجالا آخر للشيعة (و السبأية) للتشنيع مجددا علي الأمويين، و يثير بذلك عداوة كل نمط مشابه للخط الأموي القديم و لنستمع اليه ثانية، و نلتفت الي الحقائق التي يقرها هو، ثم لنتساءل كيف يوفق بين ما يقوله هنا و ما سبق أن قاله قبل قليل [2] .


پاورقي

[1] الاسراء 36.

[2] محمد قطب / کيف نکتب التاريخ الاسلامي ص 113.