بازگشت

الانحرافات أصبحت مبادي ء


و كان السلوك الأموي أحد المبررات أو الذرائع التي استند اليها الآخرون للانفلات من تعاليم الاسلام الأخلاقية و غيرها، و قد تمادوا في ذلك الي حد بعيد، بفعل تحسن أوضاع الأغنياء بفعل الفتوحات و ما كان يغدقه عليهم (الخلفاء)، و توسع هذه الطبقة الطفيلية القربية من الحكم الذي كان يتصرف تصرفا عبثيا كيفيا غير مسؤول بعد أن احتكر الحكم و تسلط علي الناس بالقوة و كم أفواههم و مهد لأشد ألوان الاستبداد السياسي قتامة و مقتا. أصحبت تبدو أمام الأمة المظلومة في مختلف العصور و كأنها مقرة من قبل الاسلام نفسه، بعد أن أحاط الحكام أنفسهم بطبقة طفيلية أخري مطبلة مزمرة من وعاظ السلاطين و فقهاء الدولة المأجورين.

(.. و الي هنا يكون قد وقع من الحكم الأموي انحرافان في عالم السياسة، أيا كانت الأسباب التي استندوا اليها لتبريرها، لأول: هو تغيير النموذج الأعلي لنظام الحكم الاسلامي، الذي تتمثل فيه روح الاسلام كاملة، و هو الخلافة استبدال الملك


العضوض به، و الثاني: محاولة اسكات الناس بالقوة عن مراقبة أعمال الحاكم، و أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر، و صرفهم بالعنف عن أداء واجبهم الاسلامي في هذا الشأن الذي تعلموه في فترة الخلافة الراشدة، و هو أن قضية الحكم مهمة مشتركة بين الراعي و الرعية، و ليست أمرا يستقل به الراعي دون الرعية.

و تبدو جسامة الآثار التي ترتبت علي هذين الانحرافين، حين نري العهود التالية تأخذهما كأنهما مبادي ء مقهرة، مما أدي الي استقرار لون من الاستبداد السياسي في حياة المسلمين كأنه أصل من أصول الحياة الاسلامية، فيما عدا الفترات التي يأخذ العدل فيها مجراه بدافع ذاتي من الحاكم، لا بطلب من الأمة، و لا بسعي من جانبها.

و قد كان لهذا الأمر آثار خطيرة في حياة الأمة ان لم تظهر بوضوح في العهد الأموي، فقد كانت أوضح في العهد العباسي ثم العثماني...) [1] .


پاورقي

[1] محمد قطب / کيف نکتب التاريخ الاسلامي ص 112.