بازگشت

من سجن الكوفة الي الشام، علي أخشن مركب


وضع ابن زياد الأساري من آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم في سجن - لعله كان قريبا من القصر - ينتظر أوامر يزيد بشأنهم.. و كانوا - كما تدل رواية الطبري عن عوانة بن الحكم الكلبي - يتوقعون أن يقدم علي قتلهم أثناء مكوثهم في السجن.

يقول عوانة بن الحكم الكلبي: (لما قتل الحسين وجي ء بالأثقال والأساري حتي وردوا بهم الكوفة الي عبيدالله، فبينا القوم محتسبون اذ وقع حجر في السجن، معه كتاب مربوط، و في الكتاب:«... خرج البريد بأمركم في يوم كذا و كذا الي يزيد بن معاوية، و هو سائر كذا و كذا يوما، و راجع في كذا و كذا، فان سمعتم التكبير، فأيقنوا بالقتل، و ان لم تسمعوا تكبيرا هو الأمان ان شاء الله..».

فلما كان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة، اذا حجر قدألقي في السجن،و معه كتاب مربوط و موسي، و في الكتاب:«أوصوا واعهدوا، فانما ينتظر البريد يوم


كذا و كذا» فجاء البريد و لم يسمع التكبير، و جاء كتاب بأن سرح الأساري الي...) [1] .

كان ترقب القتل عامل قلق كبير، و لعله كان شكلا من أشكال الموت البطي ء، فأي قيم عليا و أية موانع تمنع يزيد من اصدار أوامره بالاجهاز عليهم داخل ذلك السجن بعد أن أقدم علي جريمته الكبري بقتل الحسين عليه السلام و أصحابه..؟.

غير أن تلك الفترة مرت بكل معاناتها و آلامها، و صدرت أوامر يزيد بأن يؤخذوا اليه، و ترك أمر ترتيب ذلك لابن زياد الذي كان يحمل شحنة من الحقد كفيلة بأن تجعله يرتب لهم أخشن مركب في سفرهم الطويل الي الشام.. و يرسل معهم من عرف بعداوته الشديدة لهم.

(دعا عبيدالله بن زياد مخفر بن ثعلبة و شمر بن ذي الجوشن) [2] ، و جماعة من أهل الكوفة ممن عرفوا بعداوتهم للحسين عليه السلام، و أمرهم بحمل النساء و الرؤوس الي الشام بشكل احتفالي يعرضون فيه أمام أهل المدن التي يمرون بها الحملة المضللة تستهدف تمييع قضية الحسين كلها و عرضها كأمر استهدف النيل من وحدة المسلمين و أمنهم في ظل الدولة الأموية و قائدها يزيد. و متي ما علمنا أن جماهير الشام المضللة كانت تتقبل كل أمر تعرضه عليها الدولة كأنه حقيقة من الحقائق و لا تناقش بشأنه، لأنها كانت نتيجة تربية معاوية و اعداده، فان الخطط الأموية ظلت تمرر علي تلك الجماهير التي رأت أن ممثل كل أمر تعرضه عليها الدولة كأنه حقيقة من الحقائق و لا تناقش بشأنه، لأنها كانت نتيجة تربية معاوية و اعداده.. فان الخطط الأموية ظللت تمرر علي تلك الجماهير التي رأت أن ممثل الاسلام الأوحد كان هو رأس الدولة نفسه، و لم تشغل نفسها بالفحص عن سلوكه الشاذ عن الاسلام و ممارساته البعيدة عنه.

وقد روي أن أهل بعلبك - وكنتيجة لأوامر أصدرها اليهم والي المدينة الأموي -


نشروا الرايات قبيل مقدم موكب السبايا اليها في طريقه الي دمشق (و خرج الصبيان يتلقونهم علي نحو من سنة أميال).. وقد آلم ذلك الامام زين العابدين عليه السلام و نساء الموكب [3] .


پاورقي

[1] الطبري 340/3 والأغاني 150/4.

[2] الطبري 340/3.

[3] المصدر السابق 128-127-126/45.