بازگشت

انصار الحسين: نموذج فريد، غير أنه ممكن


التكرار و لا نؤرخ هنا لأصحاب الحسين كلهم، فلعل هذا يحتاج الي بحث أكثر دقة و تفصيلا قد لا تتسع له صفحات هذا الكتاب. غير أن الباحث المدقق والقاري ء الواعي سيجد لهؤلاء مواقف جديرة بالتأمل والدراسة والنظر، اذ كانوا يعلنون عن انتمائهم للاسلام بفعل واضح قوي معبر، زتسجله دمائهم و وقفاتهم الثابتة غير المترددة مع الحسين عليه السلام و هو يسعي للقضاء علي الانحراف و تخليص الأمة من خطر داهم أحاق بها فعلا و هو الخطر الأموي الذي كان يمهد لانحراف دائم تظل الأمة معه تعيش في ظل فراعنة متسترين بالاسلام و شرعيته و هم أبعد ما يكونون عن الاسلام.

ان أصحاب الحسين الذين قتلوا بين يديه في واقعة الطف، نموذج فريد، غير أنه ممكن التكرار في أحوال أخري و ظروف مماثلة، فهم لم يمتلكوا تلك الطاقة الكبيرة التي مكنتهم من الصمود بوجه أعدائهم بشجاعة منقطعة النظير، الا لأنهم امتلكوا زخما ايمانيا هائلا، برز فيه الاسلام كأمل وحيد و كقيمة عليا وحيدة يمكن أن تنتزعهم من قيم الجاهلية و صراعاتها و تنافسها المحموم للحصول علي مكاسب غير مشروعة و غير مباحة.

ان ردود فعلنا علي تصرفاتهم، و نحن نستعرض سيرتهم، ينبغي أن لا تتميز بذلك الاعجاب السطحي والاطراء المجرد لتلك التصرفات والمواقف، و انما ينبغي أن تكون متسمة بالايجابية والتفاعل والفهم، فذلك السلوك الذي برز في تلك الواقعة ينبغي أن لا يفرط به أو يستعرض كأنه حالة خاصة غير ممكنة التكرار، بل مطلوب في


كل ظرف يتكرر فيه ذلك الخرق المفضوح للاسلام، ينبغي أن نضع أنفسنا محل أولئك الذين تعرضوا لذلك الاختبار الصعب، فنجحوا فيه و هم يدافعون عن الاسلام، و وقفوا بوجه الدولة المنحرفة الجانحة عن الاسلام، والتي استأثرت بالثروة والجاه والسلطة تفيض بها علي أعوانها و مساعديها و أتباعها.

اننا ينبغي أن نطرح أسئلة عديدة في خضم النظر بشخصيات أولئك الرجال الشجعان، هل من غير الممكن أن لا نتعرض نحن أو نمر بنفس الظروف التي مروا بها؟ وكيف سيكون موقفنا لو مررنا بها أو تعرضنا لها؟هل نقف علي التل - كما وقفت جماعة من أهل الكوفة و هم ينظرون الي الحسين من بعيد و يتمنون له النصر - و نتمني أن ينصر الله الاسلام وي عزه بغيرنا، أم أن علينا أن نكون أدوات ذلك النصر؟.