بازگشت

نافع بن هلال الجملي،الحمدلله الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه


و هذا نافع بن هلال الجملي، الذي يبدو أنه قد التحق بالحسين عليه السلام في الطريق بعد أن أحاط به الحر، قد ركب فرسه (الكامل) و حمل لواء العباس، حينما حال عمرو بن الحجاج الزبيدي و معه خمسمائة من أصحابه، بين الحسين و أصحابه و بين الماء أن يسقوا منه قطرة.. و قد تصدي هو و العباس لأصحاب ابن الحجاج، حتي أخذ أصحابهما عشرين قربة من الماء، فكفوهم حتي انصرفوا اي رحالهم، و في تلك المنازلة طعن نافع بن هلال أحد أصحاب ابن الحجاج، فمات فيما بعد.

لقد خرج عمرو بن قرظة الأنصاري يقاتل دون الحسين و هو يقول:



قد علمت كتيبة الأنصار

أني سأحمي حوزة الذمار



ضرب غلام غير نكس شاري

دون حسين مهجتي و داري [1] .



و عندما قتل، ألقي أخوه علي بن قرظة مسؤولية ذلك علي الحسين عليه السلام و خاطبه بكلام خشن، و قال له: (أضللت أخي و غررته حتي قتلته، فقال[له الحسين]: ان الله لم يضل أخاك، ولكنه هدي أخاك و أضلك، قال: قتلني الله ان لم أقتلك أو أموت دونك، فحمل عليه) [2] .

كان يريد أن يبيض صفحته من عمل أخيه و قد وقف الي جانب الحسين عليه السلام و استشهد دونه، و كان يريد أن يري رموز دولة الظلم و أعوانها ولاءه و شدة تعلقه بها و انحيازه اليها.. فكأنه كان يعتذر من عمل أخيه و قد حسبه جريمة تمس كرامته و تقلل من قيمته.

غير أن نافع بن هلال الجملي اعترض هذا الفارس الضعيف المتهالك علي خدمة أسياده، و قد حسب أنهم من ينفع و يضر حقا، فطعنه و صرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه [3] كان نافع بن هلال الجملي يقاتل و هو يقول:

(...«أنا الجملي، أنا علي دين علي» فخرج اليه رجل يقال له مزاحم بن حريث، فقال: أنا علي دين عثمان، فقال له: أنت علي دين شيطان، ثم حمل عليه فقتله). [4] .


و كان موقف نافع هذا هو الذي دعا عمرو بن الحجاج ليصيح بالناس: (يا حمقي، أتدرون من تقاتلون، فرسان المصر، قوما مستميتين، لا يبرزن لهم منكم أحد، فانهم قليل، و قلما يبقون، والله لو لم ترموهم الا بالحجارة لقتلتموهم) [5] .. و قد أيده ابن سعد في هذا و أصدر أوامره بعدم الاقدام علي مبارزتهم.

(، و كان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه علي أفواق نبله، فجعل يرمي بها مسومة و هو يقول:«أنا الجملي... أنا علي دين علي»

فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد، سوي من جرح. فضرب حتي كسرت عضداه، و أخذ أسيرا.

فأخذه شمر بن ذي الجوشن و معه أصحاب له يسوقون نافعا حتي أتي به عمر بن سعد. فقال له عمر بن سعد: ويحك يا نافع من حملك علي ما صنعت بنفسك؟ قال: ان ربي يعلم ما أردت والدماء تسيل علي لحيته و هو يقول:

والله لقد قتلت منكم اثني عشر سوي من جرحت، و ما ألوم نفسي علي الجهد، و لو بقيت لي عضد و ساعد ما أرتموني.

فقال له شمر: أقتله، أصلحك الله.. قال: أنت جئت به، فان شئت فاقتله، فانتضي شمر سيفه، فقال له نافع: أما والله أن لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقي الله بدمائنا، فالحمدلله الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه، فقتله) [6] .

أية عزيمة كانت تجيش بقلب نافع، و هو أسير مدمي، مكسور العضدين، و قد وقف تلك الوقفة الفريدة بوجوه أعدائه يتحداهم و يثير غظيهم علي قتلاهم ويعلن أسفه من عدم قدرته علي مقاتلتهم بعد أن أصبح بتلك الحال.

كان يعرف جرأة أعدائه علي سفك الدماء، و خصوصا شمر، و مع ذلك ألقي بوجهه بتلك الكلمات القوية المعنفة التي لم يشتم منها ريحة الخوف أو التخاذل أو الهزيمة اذ كان واثقا من كل خطوة خطاها مع الامام الحسين عليه السلام، عالما بصواب نهجه و ضلال أعدائه.



پاورقي

[1] المصدر السابق 324-323/3.

[2] المصدر السابق 324/3.

[3] المصدر السابق 324/3.

[4] المصدر السابق 324/3.

[5] المصدر السابق.

[6] نفس المصدر 328/3.