بازگشت

يزيد بن زياد بن المهاصر، أبوالشعثاء الكندي


لوم و نصيحة لأعداء الحسين فهذا يزيد بن زياد بن المهاصر أبوالشعثاء الكندي، كان مع الحسين عليه السلام عندما كان يتساير مع الحر، حتي انتهوا الي نينوي، المكان الذي نزل به، و قد نظر الي رسول عبيدالله بن زياد، و قد ورد علي نجيب له و عليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة. فلما انتهي اليهم سلم علي الحر بن يزيد و أصحابه، و لم يسلم علي الحسين عليه السلام و أصحابه.

و قد حمل أوامر مشددة من ابن زياد للحر تدعوه الي أن يجعجع بالحسين عليه السلام حال بلوغه كتابه و قدوم رسوله عليه، و الا ينزله الا بالعراء في غير حصن و علي غير ماء، و وردت اشارة في الكتاب الي أنه قد أمره رسوله، و هو مالك بن النسير البدي [1] أن يراقبه و ألا يفارقه حتي ينفذ رأيه و أمره.

كان ابن النسير و هو أحد كندة أيضا يبدو معتزا بمهمته كبعوث و عين لابن زياد و كان بما أبداه من سوء سلوك بعدم سلامه علي الامام و أصحابه، يهول قريبه يزيد بن المهاصر ويزعجه، وقد جاء بهذه المهمة ليرضي ابن زياد وأعوانه و يذهب الي حد القبول أن يكون جاسوسا له من أجل الحاق الأذي بالحسين عليه السلام.

اعترضه ابن المهاصر و قال له: (ثكلتك أمك، ماذا جئت فيه؟ قال: وما جئت فيه.. أطعت امامي و وفيت ببيعتي.. فقال أبوالشعثاء: عصيت ربك، و أطعت


امامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنار؛ قال الله عزوجل (و جعلنهم أئمة يدعون الي النار و يوم القيمة لا ينصرون) [2] ... فهو امامك) [3] .

لقد توجه اليه باللوم والنصيحة، كما فعل أغلب أصحاب الحسين مع العديدين من أصحاب ابن زياد و قد شهدنا مواقف مماثلة عديدة في أشد الساعات حربا و عسرة، فما كان يهون عليهم أن يهلكوا أنفسهم و هم ينقادون خلف أعدائهم و أعداء أمتهم الاسلامية بأجمعها.

لقد جثا أبوالشعثاء الكندي علي ركبتيه بين الحسين عليه السلام (فرمي بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم، و كان راميا، فكان كلما رمي قال:

أنا ابن بهدله فرسان العرجله

و يقول الحسين: اللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة، فلما رمي بها قام فقال: ما سقط منها الا خمسة أسهم.. و كان في أول من قتل، و كان رجزه يومئذ:



أنا يزيد و أبي مهاصر

أشجع من ليث بغيل خادر



يا رب اني للحسين ناصر

ولابن سعد تارك و هاجر



وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد الي الحسين، فلما ردوا الشروط علي الحسين مال اليه فقاتل معه حتي قتل) [4] .



پاورقي

[1] قتله أصحاب المختار بعد ذلک.

[2] القصص: 32.

[3] الطبري 309/3 و سنعتمده علي الأغلب لأن معظم الروايات الواردة في المصادر الأخري قريبة لما ورد فيه. و سنشير لبعض المصادر اذا اقتضي الأمر ذلک.

[4] الطبري 330/3.

و يناقض هذا ما ورد في الرواية الأولي بأن ابن المهاصر کان مع الحسين عليه‏السلام حين وصوله کربلاء قبل ثمانية أيام من بدء القتال.. و ربما کان معه قبل ذلک.. و ربما خرج الي الحسين عليه‏السلام عندما رأي الاستعدادات في الکوفة لتحشيد جيش يقاتله.. و ربما أريد اقحام مسألة الشروط المفتعلة لتبرير التحاق الحر وابن المهاصر و غيرهما بالحسين.. و قد تحدثنا عن هذا الموضوع و أوضحنا عدم صحته.. اذ لم يقل أحد أنه طلب من ابن‏سعد أن يذهب الي يزيد فيضع يده في يده.. و کان مصدر الرواية الأول هو ابن‏سعد نفسه.. و متي ما علمنا أنه کان المنفذ المباشر للجريمة و في مقدمة من نصب العداوة والحرب للحسين أدرکنا الدوافع التي دعته لتلک الرواية و منها تبرير موقفه بعد انتهاء الواقعة و محاولة تبيان شرعية خلافة يزيد ما دام الحسين نفسه قد طلب الذهاب اليه و وضع يده في يده.