بازگشت

اعتراف بالخطأ و اصرار علي موالاة دولة الظلم


و هكذا قال كعب بن جابر مسجلا اعترافاته بهذه الأبيات القليلة، و قد أدرك خطأه و تماديه بموالاة دولة الظلم، أقوالا ستظل تدينه، و تدين الجيش القاتل و رموز دولة الظلم الي الأبد.



(سلي تخبري عني و أنت ذميمة

غداة حسين و الرماح شوارع



ألم آت أقصي ما كرهت و لم يخل

علي غداة الروع ما أنا صانع



معي يزني لم تخنه كعوبه

و أبيض مخشوب الغرارين قاطع



فجردته في عصبة ليس دينهم

بديني و اني بابن حرب لقانع



و لم تر عيني مثلهم في زمانهم

و لا قبلهم في الناس اذا أنا يافع



أشد قراعا بالسيوف لدي الوغي

ألا كل من يحمي الذمار مقارع



و قد صبروا للطعن والضرب حسدا

و قد نازلوا لو أن ذلك نافع



فأبلغ عبيدالله اما لقيته

بأني مطيع للخليفة سامع



قتلت بريرا ثم حملت نعمة

أبا خالد لما دعا: من يماضع؟ [1] .



و لا بد أن كعب كان يشعر بالندم في قرارة نفسه، الا أنه كان يحاول أن يوهمها أنه كان علي حق، فقد كان يقول في امارة مصعب بن الزبير: (يا رب انا قد وفينا، فلا تجعلنا يا رب كمن عدر - فقيل له - صدق، و لقد و في و كرم، و كسبت لنفسك شرا، قال: كلا، اني لم أكسب لنفسي شرا، ولكني كسبت لها خيرا) [2] .

كانت المسألة بنظره، مسألة ولاء (لامام أو خليفة) قد أصبح وجوده أمرا


واقعا، لقد و في ليزيد حقا، والذي لم يرد كعب أن يخوض فيه هو: هل كان وفاؤه ليزيد حقا عليه لازما، كما حاول أن يقنع نفسه بذلك؟.

لقد واجه أمامه حاكما و قيل له: أن عليك أن تطيعه، و لم يناقش الأمر، لأنه لم يشأ أن يضحي أو يتحمل بعض المشاق اذا ما فعل ذلك، و قد المحنا الي من حاول اثبات شرعية الدولة بوجودها الفعلي علي الساحة و قيامها بالسيطرة علي الناس.. و تلك كانت خطة أموية ماكرة أرادت بها اثبات شرعيتها هي.

و حتي رضي بن منقذ العبدي الذي أوشك برير أن تقتله، والذي تقدم بالشكر لكعب علي انقاذه اياه عاد فندم علي موقفه و تمني لو أنه لم يعش حتي ذلك اليوم الذي شهد فيه مصرع الحسين و أصحابه، و هكذا رد علي كعب بن جابر جواب قوله، فقال:



لو شاء ربي ما شهدت قتالهم

و لا جعل النعماء عندي ابن جابر



لقد كان ذاك اليوم عارا وسبة

يعيره الأبناء بعد المعاشر



فيا ليت أني كنت من قبل قتله

و يوم حسين كنت في رمس قابر [3] .



و قد تمني كثيرون من أفراد ذلك الجيش لو أنهم ماتوا قبل ذلك اليوم و كانوا في رمس قابر.. تماما كما تمني رضي بن منقذ العبدي.. لكن و ان ذلك قد فات و ضاعت فرصة نصرة الحسين والوقوف الي جانبه من أيديهم الي الأبد.


پاورقي

[1] الطبري 323/3.

[2] الطبري 323/3.

[3] الطبري 323/3.