بازگشت

هل جزاء الاحسان الا الاحسان


هل هذا هو الجزاء الذي ينبغي أن يقابل به مثل ذلك الصنيع؟

تقتل الأمة قائدها و امامها الحقيقي و أملها في الخلاص من كل أشكال الانحراف والظلم. لكي تقتل نفسها بعد ذلك، و توقع - بعملها هذا - وثيقة استسلامها النهائي لفراعنة الشر؟.

أين ذهبت هذه الأمة عن الاسلام، و هل نسيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حقا حتي تقدم علي مثل هذه الفعلة النكراء..؟.

كانت آلام الحسين الكبيرة مما لا يمكن تصوره و هو يري موقفا لن يتاح للبشرية أن تشهد مثله، كما أنها لم تشهد مثله من قبل. فها هي الأمة التي تهتف باسم جده صلي الله عليه و آله و سلم و تقر أنه رسول الله حقا، و تعترف أن عملها غير مقبول ما لم تواله و تدين بطاعته و حبه، و مع ذلك تقدم علي قتل ذريته و عترته و لما يكد يغيب عنها بنصف قرن فقط.

هل هي هذه الأمة الاسلامية التي رباها ورعاها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. أم هي بقايا أمة ضعيفة جاهلة محطمة..؟.

ماذا كان الحسين عليه السلام يري أمامه؟ هل كان يري أمة لا تدين بالاسلام ترفع السيف بوجهه؟ أو الأمة التي تدعي الانتساب للاسلام والولاء لجده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تفعل ذلك و تقدم بتلك الجرأة الوقحة علي انتهاك حرمته و سفك دمه؟.

و ما الذنب الذي ادعت أنه اقترفه؟ لم يكن سوي أنه لم يقر الانحراف و لم يعترف بشرعية يزيد قائدا للدولة الاسلامية خليفة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و ماذا أرادت منه؟ طراح كل ما جاء به جده صلي الله عليه و آله و سلم و نبذ الاسلام، والاستسلام ليزيد والاقرار له بالعبودية.

أليس هذا ما أرادته منه حقا، و جاءت ترفع السيف بوجهه لتجبره عليه؟.

هل هناك مأساة أكبر من هذه يمكن أن يحزن لها المرء؟


و اذ أنه يجد مقابل موقف الأمة الضعيف هذا، موقفا قويا من أهل بيته و أصحابه موقف اليقين بصواب موقفه و سداده و يصل الأمر بهم الي حد تقديم أنفسهم قرابين في سبيل الله و لوجهه و لا عزاز دينه و نشر رسالته، فان آلامه تزداد عندما يري تناقض الموقفين. موقف الأمة ذات الأعداد الغفيرة الواسعة و هي تستسلم ليزيد و تنفذ أوامره و خططه حتي و ان كانت ضد الاسلام، و موقف هذه الأمة المصغرة من أصحابه التي تمثل الاسلام حقا و تقدم حياتها و دماءها في سبيله.

كيف لم تدرك الملايين الواسعة ما أدركته هذه القلة القليلة؟ و كيف يجرد هذا الجيش لاستئصالها والفتك بها و هي تريد انقاذه من العبودية والذل؟

آلام الحسين عليه السلام لم يكن جديرا بتحملها سوي الحسين.

و ها هو ولده الشاب الذي أدرك و عرف ما لم يدركه و يعرفه الشيوخ يسعي لتقديم نفسه في ساحة المواجهة والقتال قربانا لله. انه سيقتل حتما، و هو يعرف ذلك، حتي و ان استطاع أن يقتل أفرادا من هذا الجيش، و مع ذلك فانه يحترق شوقا لهذه المواجهة، حتي أنه كان يبدو سعيدا بها. فأية غيرة علي الاسلام كانت تجيش بقلبه؟ و أي ولاء لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يعصف بجوانحه؟.