بازگشت

فهم بصيرة و وعي


و أمه ليلي ابنة أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. جدها عروة أحد العظيمين اللذين ورد ذكرهما في القرآن الكريم علي لسان قريش (لولا نزل هذا القرءان علي رجل من القريتين عظيم) [1] و كان ممثل قريش في صلح الحديبية مع الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و قد أسلم بعد ذلك في السنة التاسعة من الهجرة، و رجع الي قومه يدعوهم للاسلام فرموه بالنبل فوقع قتيلا.. فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيه:«ليس مثله في قومه الا كصاحب ياسين في قومه» [2] .

ولد أبوها (أبو مرة) في عهد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و له معه صحبة، و له مواقف معروفة لصالح المسلمين.

ورد في بعض الأخبار أنها كانت مع الحسين عليه السلام في مسيره الي كربلاء، و ورد في بعضها أنها توفيت قبل ذلك، والمرجح في أغلبها أنها لم تكن معه في كربلاء.

و اذا ما اطلعنا علي بعض مواقفه و جوانب من سيرته، نجد أنه لم يشر اليها الا بعد مسيره مع أبيه عليه السلام، و لم تكن حياته السابقة مثار اهتمام من كتاب السيرة والتاريخ. و ربما كان ذلك يعود الي اهتمام الدولة بطمس أخبار آل البيت عليهم السلام و أولادهم و ذرياتهم، ان لم تعمد الي تشويهها.

كان المرجح لدي المؤخرين أنه كان أكبر من أخيه علي زين العابدين عليه السلام. و كان عمره عام الطف (عام 61) نحوا من سبع و عشرين سنة، اذ كانت ولادته سنة (33) هجرية بينما كان عمر زين العابدين نحوا من ثلاث و عشرين سنة.

كان في ذروة شبابه و نضجه حين سار مع أبيه الحسين عليه السلام من المدينة الي الكوفة مرورا بمكة، و كان علي بصيرة من أمره، واعيا بطبيعة المهمة التي كان يتصدي لها مع أبيه الحسين عليه السلام و آله بيته و أصحابه.


و اذا ما علمنا أنه ولد في فترة حافلة بالأحداث والمتغيرات، و عاش في ظل و رعاية جده أميرالمؤمنين عليه السلام و عمه الحسن و أبيه الحسين عليه السلام، و و ربما كان بحكم نشأته و موقعه شاهدا علي العديد من الأحداث المهمة التي وقعت في تلك الفترة، و اذا ما دققنا في مواقفه خلال واقعة الطف و قبيلها، نعلم أن عليا الأكبر لم يكن انسانا عاديا تجرفه الحياة بهمومها اليومية البسيطة، و انما كان انسانا رساليا علي مستوي المهمة التي شارك فيها و كان له دور بارز فيها.


پاورقي

[1] الزخرف 31 و القريتان هما مکة والطائف والعظيم الثاني هو الوليد بن المغيرة المخزومي الملقب بالوحيد لشرفه و شوکته و ثروته.

[2] ابن‏حجر - الاصابة 478-2.