بازگشت

طلب ينسجم معه واقع حال الخصوم


(فقال: يا هؤلاء، ان أباعبدالله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتي ينظر في هذا الأمر، فان هذا أمر لم يجر بينكم و بينه فيه منطق، فاذا أصحبنا التقينا ان شاء الله، فاما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه و تسومونه، أو كرهنا فرددناه، و انما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتي يأمر بأمره، و يوصي أهله) [1] .

كان هذا الجواب المناسب الوحيد فما عسي الحجة الحقيقية، و هي الاستعداد


للقاء الله بالصلاة و تلاوة القرآن والدعاء والاستغفار، أن تصمد أمام هؤلاء الذين أضاعوا الصلاة و أهملوها و استهانوا بها. و لم يشأ العباس أن يجيبهم جوابا لا يجد صدي في نفوسهم و يفسح المجال للنقاش و الرفض. فقال ان عليهم أن يصبروا حتي اليوم التالي ليري الحسين عليه السلام رأيه. و رأي الحسين عليه السلام كان معروفا مسبقا حتي من قبل أعدائه الذين يعرفون حقا أنه لن يتراجع عن موقفه و يبايع يزيد مهما كانت خطورة الموقف، غير أن حجة العباس كانت قوية لا يمكن ردها.

و قد قال قيس بن الأشعث لابن سعد: (أجبهم الي ما سألوك، فلعمري لصيبحنك بالقتال غدوه) [2] اذا انه كان واثقا من اصرارهم و عزيمتهم. و قد وافق ابن سعد مذعنا لحجة العباس القوية و رأي قواده، الا أنه قال مكابرا، ردا علي ابن الأشعث: (والله لو أعلم أن يفعلوا ما أخرتهم العشية) [3] .

و هل كان بمقدوره أن يقول غير ما قال. هل كان يستطيع أن يقول انه سيؤخرهم و هو يعلم أنهم سيقاتلونه في الغد، و يتيح لهم هذه الفرصة من العمر، و ان كانت ليلة واحدة، ليستميلوا بها بعض أفراد جيشه و ربما استمالوا أغلبية الجيش فعكسوا الموقف بأكمله.

و ربما عد هذا منه ضعفا لن يرضاه ابن زياد الذي بث عيونه و أرصاده، و جواسيسه عليه و علي القادة الآخرين بل علي الجيش برمته. مع أنه يعلم قبل غيره أن الحسين عليه السلام لن يستسلم أو يبايع يزيد مهما كان الأمر، و قد خاطب هو نفسه شمرا في معرض تبادل التهم معتقدا أنه هو الذي حرض ابن زياد علي شن الحرب علي الحسين عليه السلام قائلا: (لا يستسلم والله حسين، ان نفسا أبية لبين جنبيه) [4] .


پاورقي

[1] المصدر السابق 314/3.

[2] المصدر السابق 314/3.

[3] المصدر السابق 314/3.

[4] نفس المصدر 313/3.