بازگشت

ولاء للاسلام و بيت الرسالة


جوانب من شخصية أبي الفضل: ان المشاهد العديدة التي لاح لنا فيها العباس خلال تلك المسيرة الملحمية تشير بوضوح الي أمور عديدة و في مقدمتها:

معرفته التامة بموضع أخيه الحسين عليه السلام كامام مفترض الطاعة و خليفة شرعي لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و منها: ولاؤه الشخصي الذي يفرضه قربه منه كأخ كبير حميم تنبغي محبته لا عليه وحده بل علي جميع المسلمين كما تحدث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن ذلك، و لما


يفرضه الالتزام العائلي الصحيح في ظل القانون الاسلامي. و قد برزت أفضل صورة لهذا الالتزام في عائلة أميرالمؤمنين عليه السلام حيث حمل اخوة الحسن والحسين عليهم السلام من غير أمهما آيات الولاء والمحبة الصادقة لهما طيلة حياتهما و بعد وفاتهما.

و منها فروسيته و شجاعته و قوته و بأسه، التي لم يبخل بها في أي وقت حتي استشهاده علي يد الطغمة التي حاولت منع الحسين و أصحابه الماء.

ومنه حزمه و هدوؤه في المواقف الصعبة والأزمات و تصرفه بحكمة اقتضتها طبيعة تلك المواقف، كما رأينا أسلوبه في التفاوض مع ابن سعد و أصحابه عندما أرادوا بدء المعركة عصر اليوم التاسع من محرم و نجاحه في ردهم و تأخيرهم.

و منها ايثاره الحسين عليه السلام بنفسه و اخوته اذ قدمهم ليستشهدوا قبله، و قد أعلمهم أنه قادم علي الأثر و أنه سيستشهد بعدهما دون أن يساوره أو يساور أي أحد من اخوته أي خوف أو تردد أو شك.

و منها رقته علي أخيه الحسين عليه السلام و علي النساء والأطفال، حتي أنه ليخجل من أن تراه سكينة و قد طلبت منه ماء. عندما أراد الحسين عليه السلام حمله الي مخيمه و طلب منه أن يدعه في مكانه حتي لا يثير في نفسها الحزن والألم و حتي لا يزيد في حزن و ألم النساء والمكروبات الحزينات.

و نري مزيجا من هذه المواقف العجيبة في لحظات و مشاهد قصار تتسارع فيها الأحداث حتي ليكاد أمرها يبهر المشاهد العادي. اذ كيف تتاح لفرد واحد القيام بكل تلك الأعمال والأفعال في وقت قصير يعلم فيه أنه مقبل علي موت محتم علي يد أعداء شرسين يضمرون له الشر والأذي.