بازگشت

بين تضليل الدولة و رؤية الواقع


ربما كان أمر الحسين عليه السلام قد لفت نظر الحر منذ البداية و منذ قدوم مسلم الكوفة. و ربما أخذ يفكر بشكل جدي منذ اللحظة الأولي التي شاهد فيها الامام و قابله، بطبيعة المهمة العظيمة التي كان يتصدي لها الامام.

و مع أنه لم يتساهل مع الحسين عليه السلام و كان صارما في تنفيذ أوامر قادته بشأن


محاصرته و منعه من الرجوع. الا أنه لم يكن خشنا في معاملته بذلك الشكل الذي اتسم به القادة الآخرون الذين أساءوا السلوك معه بشكل متعمد متكلف تقربا من السلطة.

و لعل أول موقف للحسين عليه السلام و أصحابه عندما لقوهم و قدموا لهم الماء الذي كانوا بحاجة ماسة اليه، بل أن حياتهم نفسها ربما كانت تعتمد عليه، و ذهابهم الي حد ترشيف خيولهم، ظل ماثلا في ذهن هذا القائد الذي لم ير ظاهرة كتلك من قبل، و لم يعهد في سلوك أي فرد من أفراد السلطة و رجال الدولة والمتنافسين علي الرئاسة والزعامة، شيئا يشبه ما يراه أمامه.

و نستدل من لهجته و خطابه مع الحسين عليه السلام أن كان يعرف من هو، و يعرف مركزه و قرابته القريبة من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وقد عامله باحترام، الا أنه لم يجد جرأة علي تحدي الأوامر الصادرة اليه و التي كان ابن زياد حريصا علي تنفيذها مهما اقتضي الأمر، لأنه كان يعرف قسوته و جرأته علي سفك الدماء.