بازگشت

التصدي للشمر


«ما اياك أخاطب، انما أنت بهيمة.. ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين«

انبري شمر - و قد انزعج بدوره من كلمات زهير للرد عليه ردا خشنا حتي أنه رماه بسهم و قال له: (اسكت اسكت الله نأمتك. أبرمتنا بكثرة كلامك) [1] .

و هذا هو منطق العاجز من أعوان الطغاة والظلمة.

و هل يتوقع أحد من شمر و أشباه شمر غير هذا المنطق...؟.

كان أمرا مؤلما أن يكون لأمثال هذا الجافي الغليظ الجاهل هذه المكانة بين جند ابن زياد، و أن يتصدي نيابة عن الجميع للحديث والرد و (الحوار).. فمن هو حتي تكون له تلك المكانة..؟ و ما هي مؤهلاته ليكون في مقدمة المسلمين؟.


لا بد أن كل مؤهلاته هي ما يحاول اظهاره من انحياز لدولة الظلم و استعداد لخدمتها و تنفيذ أهدافها و مآربها، دون مناقشة أو حساب.

ألا يطلع علينا كل يوم شمر جديد يبدي نفس الاستعداد لخدمة دولة ظلم جديدة، و يظل الناس يتحملون جهله و هراءه و استهاره و عبثه.. و يظل يلهو و يعبث الي أن تسأم منه الدولة و تحمله مسؤولية أوزارها و أخطاءها للتخلص منه بعد ذلك. أو يتخلص منه مظلوم تمادي معه في ظلمه، أو يناله الله بعقاب في هذه الدنيا قبل أن يطاله عقاب الاخرة الدائم؟.

لقد أراد زهير أن يعرفهم جيدا بذلك الذي سمحوا له أن يتلاعب بهم و يتحدث نيابة عنهم، حتي أنه جعل قضية الحسين عليه السلام مع الدولة الأموية قضيته الخاصة، فكأنما جاء الحسين عليه السلام للقضاء عليه هو شخصيا وجاء يستهدفه خاصة. مع أنه لم يكن سوي انسان مغمور. مسمار صغير في عجلة الدولة الضخمة، و لم تكن تعيره أي اهتمام، لولا ما كان يلاحظه من عناية مؤقتة من قبل ابن زياد لحاجته اليه في ذلك الظرف.

كان شمر يضخم نفسه بنظر الآخرين و يعطيها أهمية استثنائية، و كان يتصرف و كأنه القائد الحقيقي للأمة والمعني الأول بشؤونها، وأنه انسان لازم و ضروري لا يمكن الاستغناء عنه.

و كان من الضروري أن يواجه بأجابة ساخرة تعلمه من هو و تواجهه بحقيقته و تطفي ء كل بريق أو ادعاء للعظمة يمكن أن يتظاهر به أمام الجنود الخائفين المستسلمين لابن زياد وبطشه وعنفه. فقد أجابه قائلا: (يا البوال علي عقبيه، ما اياك أخاطب، انما أنت بهيمة. والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين، فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم) [2] .


پاورقي

[1] الطبري 320/3 و تراجع المصادر السابقة.

[2] المصدر السابق.